أجواء من الغضب تسود أراضي الـ48 بعد مجزرة أبو سنان (فيديو)

الأربعاء 23 أغسطس 2023 03:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
أجواء من الغضب تسود أراضي الـ48 بعد مجزرة أبو سنان (فيديو)



الجليل/سما/

تسود أراضي الـ 48 أجواء غضب كبير، في ظل انتشار جرائم القتل المتتالية المرتكبة من قبل عصابات الإجرام، وسط تواطؤ من قبل المؤسّسة الإسرائيلية على فلسطينيي الداخل، وعلى وجودهم ومستقبلهم كما يؤكد قادتهم.

 فمنذ مطلع شهر آب الجاري وقعت 20 جريمة قتل، آخرها مذبحة في قرية أبو سنان في الجليل، ليلة أمس، أودت بكل من غازي صعب، أمير صعب، زهير صعب من أبو سنان، وقريبهم سلمان حلبي من قرية يركا، حيث قتل مجرمٌ الشبان الأربعة وهم داخل كرم زيتون بإطلاق الرصاص على رؤوسهم من بندقية رشاشة. وتبين أن من بين الضحايا الأربعة غازي صعب، المرشح لرئاسة مجلس محلي بلدته أبو سنان.

وقبل ذلك قتل مدير عام بلدية مدينة الطيرة عبد الرحمن قشوع على خلفية تصديه لمحاولات تغلغل عصابات الإجرام للسلطة المحلية والاستيلاء على مواردها وسيشيع جثامين القتلى اليوم.

وتفيد المعطيات الموثقّة أن جرائم القتل داخل أراضي الـ48 كانت حتى العام 2000 قليلة جداً، بل نادرة في بعض البلدات العربية، ومنذ ذاك العام ارتكبت مئات جرائم القتل راح ضحيتها نحو 1300 شخص.

ويتهم قادةُ فلسطينيي الداخل المؤسسةَ الإسرائيلية الحاكمة بمساندة رؤساء عصابات الإجرام، وصرف الأنظار عن تفشي وتجارة السلاح، وأغلبيته الساحقة يتم تهريبها من القواعد العسكرية للجيش الإسرائيلي، انتقاماً من فلسطينيي الداخل لمشاركتهم في الانتفاضة الثانية وهبّة القدس والأقصى عام 2000، ومن أجل ضرب مناعتهم والمساس بكينونتهم ومستقبلهم، ودفع شبابهم للهجرة، وبأن السلطات الإسرائيلية تعمل وفق مبدأ “إحراق البيت من الداخل”، و”فخار يكسّر بعضه”، بحسب تسريبات واعترافات من بعض قادة الشرطة، بأن أيديها مقيدّة، وأن المخابرات العامة (الشاباك) تمنح رؤساء عصابات الإجرام حصانة لتعاونهم معها ولرغبتها ضرب القيادات الوطنية.

إدانات لفظية

 داخل بلدة أبو سنان نشبت مواجهات بين الأهالي الغاضبين مع عناصر الشرطة الإسرائيلية التي يحّملونها المسؤولية الكاملة عن فقدان الأمن والأمان في بلدتهم.

ووصل المفتش العام للشرطة كوبي شبتاي إلى مسرح الجريمة، إذ قال: “هذا حادث مأساوي للغاية، وهو استمرار للإرهاب الإجرامي الدموي في المجتمع العربي. الحادث في بداية التحقيق، وما زلنا نجمع البينات والأدلة. لقد نشأ عددٌ غير قليل من الصراعات من أجل السيطرة على المنطقة. تعمل الشرطة الإسرائيلية بأكملها حاليًا. أشاطر العائلات الثكلى حزنها”.

وفي أعقاب المجزرة، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعقد اجتماع طارئ للجنة الفرعية لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، اليوم الأربعاء، وذلك لمناقشة الجريمة واتخاذ الإجراءات الضرورية للحد منها بأسرع ما يمكن”.

وفي شريط متلفز، قال نتنياهو، أمس، إن حكومته “عازمة على مكافحة عصابات الإجرام داخل البلدات العربية، كما فعلت بنجاح مع العصابات داخل البلدات اليهودية قبل نحو عقدين”.

 لكن المواطنين العرب الفلسطينيين في الداخل لا يثقون بمثل هذه التصريحات، خاصة أن شلال الدم متواصل، منذ سنوات، دون فعل حقيقي على الأرض، لمحاباة الجريمة والمجرمين، خاصة أن نتنياهو سبق وحرّض كثيراً عليهم. وفي إحدى المرات تفوّه بما يلقي الضوء على حساباته، هو وحكوماته المتعاقبة منذ 2009، عندما قال إن العدو الأخطر على إسرائيل ليسوا الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة، بل هؤلاء المقيمون داخلنا وبيننا”.

 المطلوب إجراءات حاسمة وحازمة

من ناحيته قال رئيس"إسرائيل" يتسحاق هيرتسوغ إن كل مواطن من المجتمع العربي يعيش اليوم في حالة من الخوف والقلق والتهديد، وكل ضحية من ضحايا جرائم القتل بمثابة عالم كامل لعائلته ومحبيه. وتابع في بيانه: “إننا أمام حالة طوارئ تتطلب إجراءات حاسمة وحازمة من جانب الدولة من أجل لجم الجريمة والعنف، وتجنب وقوع ضحايا جدد. أتقدم بالتعازي الحارة لعائلات ضحايا الأيام الأخيرة، من الطيرة ولغاية أبو سنان”. لكن فلسطينيي الداخل باتوا لا يثقون بمثل هذه التصريحات، ويرون أن اختبار مصداقيتها المفقودة يكون في التطبيق على الأرض، حيث تستمر استباحتهم، وتتواصل حالة الفوضى والانفلات غير المسبوق في شوارعهم.

وقال رئيس بلدية الطيرة مأمون عبد الحيّ، اليوم، إن بلديته اتخذّت قراراً بوقف التعامل مع محطة الشرطة في المدينة التي لا تفعل شيئاً، فيما قتل مدير عام البلدية على بعد أمتار منها.

الشيخ موفق طريف يحمّل الحكومة مسؤولية فقدان الأمن في البلدات الدرزية

وعقب مذبحة أبو سنان، أكد الرئيس الروحي للعرب الدروز داخل أراضي الـ48 الشيخ موفق طريف أن ما حصل مجزرة مروعة تتخطّى كافّة الحدود الحمراء والسوداء، وتندرج إلى أسفل الحضيض. وشدد، في بيانه، عقب اجتماع لرؤساء السلطات المحلية العربية المعروفية، ليلة أمس، على أن الإجرام المتفشّي لم يعد إجرامًا عاديًّا، وإنّما هو إرهاب منظّم وموجّه لهدم وتفكيك المجتمع بأسره.

وأدان بشدّة هذه الجريمة النّكراء البائسة البشعة والّتي راح ضحيّتها أربعة شباب معروفيّين، وحمّل الشرطة والحكومة الإسرائيليتين كافّة المسؤولية لِما آل إليه الوضع بعد تقاعس الدّولة ومؤسّساتها عن أداء واجب الحماية الأساسيّ نحن المواطنين”.

وإزاء استفحال الجريمة داخل الشارع العربي، وجّهت وسائل إعلام إسرائيلية أيضاً انتقادات للحكومة واقتبست من قادة فلسطينيي الداخل، ممن يتهمونها بإهمالهم وتركهم يتخبطون في دمائهم، ورهينة بيد عصابات الإجرام.

واختارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” تكريس صدر صفحتها الأولى لهذه القضية، تحت عنوان “فقدان سيطرة”، واستعادت مقاطع من تقارير سابقة حول جرائم القتل المستشرية في البلاد، والتي بدأت تنزلق لداخل البلدات اليهودية أيضاً.

في افتتاحيتها، اليوم، حملت صحيفة “هآرتس” على الحكومة الإسرائيلية، وقالت إن رئيسها بنيامين نتنياهو مستعد لإهمال خُمس المواطنين في إسرائيل، وتركهم يغرقون في دمائهم، وذلك كي يشبع الجوع القومي العنصري لدى شركائه في الائتلاف الحاكم، ولدى أنصاره. وقالت إن “حكومة التغيير” السابقة سعت لمكافحة الجريمة في الشارع العربي، وحقّقت نجاحاً طفيفاً قبل أن تسقط، واستبدلت من قبل  حكومة الكهانيين العنصريين، برئاسة المحرّض القومي بنيامين نتنياهو، والتي تبحث عن إلغاء كل منجزات سابقتها، وللأسف الشديد نجحت بذلك”.

 

 

هل يترجم الغضب لفعل احتجاجي؟

 شددت صحيفة “هآرتس” على أن من يريد حقاً مكافحة الجريمة في البلدات العربية، ويهتم بأمن المواطنين العرب لا يقوم بتعيين إيتمار بن غفير، تلميذ الحاخام العنصري الداعي للتهجير مئير كهانا، وزيراً للأمن القومي.

 وتتابع: “الحقيقة المرّة أنه حتى لو فكت رموز جريمة قتل مدير عام بلدية الطيرة، فإن هذه الحكومة لا تملك قطرة إرادة لتغيير الصورة الكاملة. هناك علاقة مباشرة بين تفشي الجريمة في البلدات العربية وبين حرمان سلطاتها المحلية من ميزانيات مستحقة على يد وزير المالية العنصري باتسلئيل سموتريتش، الذي ينشط من أجل المساس بالمواطنين العرب. حيثما ينتج فراغ نتيجة الإهمال الحكومي يدخل الفقر وتدخل الجريمة، وهي نتيجة قلة الحوكمة. بحال واصلت حكومة الكهانيين العنصرية خطها فإن هذا من شأنه أن يدفع لانهيار الحكم المحلي العربي، والدفع نحو حالة انفلات حكم، وفوضى عارمة، وهذا سبب إضافي لمحاربة هذه الحكومة”.

وحتى صحيفة “يسرائيل هيوم”، المحسوبة على المعسكر الصهيوني اليميني، اتهمّت الحكومة بالفشل، وقالت، اليوم، إن “وعود وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بفرض الحوكمة والأمن والأمان كتبت على الثلج”.

ويبقى السؤال الكبير هل تنجح القيادات السياسية والأهلية العربية الفلسطينية في إسرائيل بترجمة غضب فلسطينيي الداخل، ومنع استبداد الخوف بهم، وانطلاق احتجاجات واسعة ضد تواطؤ الحكومة الإسرائيلية، ومن أجل فضحها ودفعها للقيام بواجباتها الطبيعية، تستند لخطة حقيقية، وفيها يأخذ كل واحد من المليون ونصف المليون فلسطيني في الداخل دوره المتواضع والهام، فيهّب للدفاع عن بيته وأولاده وكرامته وعن بلدته، ومستقبل أبنائه فيها، بعيداً عن الوهم بأن النار لن تصله.