هآرتس- بقلم عاموس هرئيل - في الوقت الذي تقترب فيه المواجهة، خصوصاً انتظام الاحتياط، من نقطة الذروة فإن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، يحاول بث رسالتين متناقضتين في الوقت نفسه: يعد جناحه الصقوري في الائتلاف بنية مواصلة تشريع الانقلاب النظامي وليكن ما يكون – يتوقع وصول قانون “إلغاء ذريعة المعقولية” إلى الكنيست في القريب للمصادقة عليه بالقراءتين الثانية والثالثة؛ في المقابل، يهتم بأن يرمز للمعارضة والاحتجاج بأنه قانون سيخفف في طبعته النهائية. وبشكل عام، لا سبب للقلق؛ لأن المهمة ستستكمل بدرجة ما. لم يبق شيء من الإصلاح الأصلي، وستعود الأمور إلى ما كانت عليه وقريباً.
إعادة استيقاظ صفوف احتجاج بدأت في قضية إقالة قائد لواء تل أبيب، المفتش عامي ايشد، واستمرت حول “ذريعة المعقولية”. ومؤخراً، تجدد انتظام رجال الاحتياط الذين يعلنون عن نيتهم وقف التطوع احتجاجاً على تمرير قوانين الانقلاب.
ليس واضحاً كم بقي من مجال المناورة لرئيس الحكومة، هذا إذا تبقى أصلاً، في الوقت الذي يطالب فيه الجناح الراديكالي في الليكود وعدد من الشركاء في الائتلاف بمواصلة سن القوانين مهما كان الثمن. في هذه الأثناء، تم أمس نقل نتنياهو بعد الظهر لإجراء فحوصات في مستشفى “تل هشومير” بعد أن شعر بوعكة في منزله في قيصاريا، وبقي ليله تحت الرقابة في المستشفى.
بشكل ما، الدعاية المغلوطة التي نشرتها مواقع الأخبار مع هذا النبأ، ذكّرت بما حدث قبل 17 سنة: المرتان اللتان تم فيهما نقل رئيس الأركان في حينه، داني حلوتس، في فترة حرب لبنان الثانية، لإجراء فحوصات مستعجلة (حلوتس الآن هو الخصم اللدود لنتنياهو وقد بلور لنفسه مكانة قيادية في حركة الاحتجاج). الفحوصات التي لا يمكن إخفاؤها كشفت في حينه شيئاً معيناً عن الوضع الحقيقي للحرب وما كان يفكر فيه القائد، في حين كان يبث للجمهور بأن كل شيء على ما يرام.
نتنياهو في الحقيقة لا يدير حرباً، لكنه يقع تحت ضغوط آخذة في الازدياد. يبدو أن الواقع يغلق عليه من كل الجهات: من الاحتجاج، الأزمة السياسية، وبعض شركائه الذين غير مستقرين تماماً، ومشكلاته الشخصية والقانونية، ولا نريد التحدث عن التوتر المتزايد مع “حزب الله” حول الاختلافات على الحدود في مزارع شبعا.
الذخر الرئيسي للاحتجاج، الذي هو أكثر من الجمهور الذي يخرج السبت إلى “كابلان”، هو منظمات الاحتياط وعلى رأسهم الطيارون الذين قادوا النضال في آذار الماضي عندما أجبروا نتنياهو على تجميد التشريع والتراجع عن قرار إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت. استيقاظ الطيارين، بما في ذلك أعداد بيانات جماعية لوقف التطوع، أقلق نتنياهو في الأسبوع الماضي. كان هذا هو خلفية إعادة انقضاضه هو ومؤيديه على الرافضين، كما يسمونهم.
الاقتباس الأهم لنتنياهو في محادثات مغلقة كالعادة، نشره عميت سيغل في “يديعوت أحرونوت” في نهاية الأسبوع. حسب أقوال رئيس الحكومة، فإن “الدولة قد تتدبر أمرها بدون عدد من الأسراب، لكن لا يمكن أن تتدبر أمرها بدون حكومة. هناك حالات من الخيارات الصعبة. الخيار سهل هنا”.
هذا الإعلان الواثق يتناقض مع الأجواء التي تحيط بمكتب نتنياهو منذ بضعة عقود، وكأن توجهنا في كل لحظة هو الحرب مع إيران. ومثلما أشار جهاز الأمن، فهذا يتعلق بالأسراب التي قد نتدبر أمرنا بدونها. مستوى تصميم طواقم سلاح الجو على اتخاذ خطوة بعيدة المدى والمساعدة في وقف التشريع السيئ هو أعلى مما يظهر في وسائل الإعلام؛ فكلما زاد عدد الوزراء وأعضاء الكنيست في المقاعد الخلفية، الذين أهانوهم، تزداد احتمالية أن يواجه سلاح الجو سيلاً من الرسائل لوقف التطوع في الأسبوع القادم.
من غير المؤكد أن غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي، يقدران خطورة الأزمة بشكل صحيح، رغم أن سلاح الجو يقوم بشكل دائم بأعمال الرقابة للأجواء السائدة في الأسراب. إذا استمرت عملية التشريع فيتوقع حدوث أيام تشويش ومظاهرات متواصلة في أرجاء البلاد الثلاثاء القادم، الأمر الذي يمكن أن يندمج مع البيانات الشخصية للطيارين لقادتهم إلى جانب تنظيم نشاطات في وحدات أخرى.
نتنياهو، وغالنت، وبدرجة منضبطة أكثر قادة الجيش، يخرجون الآن بتصريحات متواترة ضد رفض الخدمة. الجيش الإسرائيلي في الحقيقة يتوقع أن يتعرض لهزة شديدة، ستكون لها تداعيات أمنية. لا أحد يعرف إذا ما كانت الخطوات بعيدة المدى قد تنزلق أيضاً إلى الخدمة النظامية في الجيش وإلى جهاز “الشاباك” وجهاز الموساد. ولكن رجال الاحتياط لا يرفضون الخدمة، وإعلانهم رفض التطوع ربما يكون الخطوة الأهم طوال حياتهم من أجل أمن دولة إسرائيل.
الرقصة المتوارعة التي يقوم بها اليمين الآن ضد الاحتجاج تتجاهل أموراً رئيسية، منها: أولاً، خلافاً لزعمهم، كان في فترة فك الارتباط في 2005 رفض نشط وواضح، وربما أكثر من رفض رمادي من قبل بضع مئات من الجنود، وعدد كبير منهم من المجندين. ثانياً، كان الخلاف حول قرار سياسي للحكومة وليس حول خطوة هدفها النهائي تغيير مكانة إسرائيل كدولة ديمقراطية.
هذه هي المشكلة الرئيسية التي تواجهها دولة إسرائيل وليس خطوات الاحتجاج التي يتخذها رجال الاحتياط. ضابط رفيع في الاحتياط تحدث مع “هآرتس” أحسن وصف الوضع حين قال: “عند تناول السم لا يمكن اتهام الأعضاء الداخلية بعدم الانضباط بعد توقفها عن العمل”.