الغارديان: الهجوم على جنين يظهر ضعف نتنياهو

الأربعاء 05 يوليو 2023 04:41 م / بتوقيت القدس +2GMT
الغارديان: الهجوم على جنين يظهر ضعف نتنياهو



لندن/سما/

علق سايمون تيسدال في صحيفة “الغارديان” على أن الهجوم الذي شنه نتنياهو على جنين يكشف عن ضعفه، وكذا عن ضعف الفلسطينيين، وهنا مكمن الخطر. وقال إنه من الباكر لأوانه الحديث عن انتفاضة ثالثة تتبع هذا النزاع الأوسع، إلا أن الإشارات لا تشجع.

وأضاف أن “النزاع الذي يغلي بشكل دائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي انفجر هذا الأسبوع في حرب جامحة في المدينة المحاصرة، جنين، يهدد بكارثة ذات تداعيات واسعة”. وتساءل عن المسافة التي تبعدنا عن انتفاضة ثالثة أو أسوأ حرب في الشرق الأوسط تجر إليها أعداء إسرائيل الألداء، حزب الله وإيران.

وما منع حدوث هذا السيناريو، هو الضعف المزمن للطرفين. والضعف الذي يعاني منه أطراف النزاع.

وبصرف النظر عن أرض فلسطين المتنازع عليها، فإن التوغل الإسرائيلي في جنين واجه مقاومة شرسة. ولهذا، فربما وجدت إسرائيل نفسها عالقة في مستنقع جنين (كان يعلق قبل انسحاب القوات) وبالنسبة إلى المقاتلين الفلسطينيين فالقتال ليس متكافئا، وهم عرضة للملاحقة والغارات الجوية والقصف.

ووجد سكان مخيم جنين المقام منذ الخمسينيات أنفسهم، بين ليلة وضحاها مشردين، واقترحت الأمم المتحدة أن إسرائيل تتصرف بطريقة غير قانونية. ووسط تهديد حماس بالانتقام الرهيب يتصاعد التوتر ونعود مرة ثانية إلى “دوامة العنف” القديمة. وقال إن المشهد وبشكل مخدر، عادي ومألوف، باستثناء العائلات الشابة التي علقت في الفوضى.

وينظر قادة الأمن الإسرائيليون إلى غزة باعتبارها “ملجأ آمنا” للإرهابيين. أما المسلحون الفلسطينيون فيقولون إنهم يقومون بحماية المجتمعات من الهجمات اليومية للجيش والمستوطنين.

ويرى الكاتب أن كلا الجانبين لديه نقطة، لكنهم يواصلون ارتكاب الأخطاء ويفشلون في تخيل مستقبل للجميع. وذكر بشجاعة رئيس الوزراء يتسحاق رابين الذي قتل لأنه قال “كفى” ومضت 30 عاما على مقتله وكانت النتيجة واضحة: مزيدا من القتل والبؤس وطريقا مسدودا. ومهما قال نتنياهو لمواطنيه إن عمليته هي إظهار للقوة، فهو العكس، فلن تمحو الإرهاب كما يزعم المتطرفون ولن تغير ميزان الخوف، بل قد تشعل أزمة واسعة غير قابلة للاحتواء.

و”تلخص أحداث هذا الأسبوع سياسات مدمرة وقصيرة النظر مورست على مدى عقدين وساهم فيها نتيناهو أكثر من غيره. وكما في 2002، فمعركة جنين ستخلق مزيدا من الشهداء وتوسع عمليات التجنيد للإرهاب وتجعل إسرائيل أقل أمنا وأمانا”.

ويمثل نتنياهو الذي يواجه محاكمة للفساد الضعف الحالي. وخسر دعم جو بايدن الذي تجاهله، وتعاني عمليات التوسع الدبلوماسي مع الدول العربية من خطر، حيث تدفق الشجب و”شكرا لنتنياهو بات الناس يتساءلون عن موقع إسرائيل كمثال عن الديمقراطية في الشرق الأوسط”.

وإذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي ضعيفا، فحلفاؤه من اليمين المتطرف متهورون ومن الصعب السيطرة عليهم، أمثال وزير الأمن إيتمار بن غفير وسموترتيش، وهم من يحمي نتنياهو.

وبالمقابل حصلوا وأنصارهم على منبر من أجل إظهار ونشر خطابهم المعادي للعرب وأفكارهم. وهم لا يخجلون من استخدامها. يقول وزير الدفاع إن العملية محدودة زمنيا وفي الهدف، لكن بن غفير لديه فكرة أخرى فهو يريدها عملية عسكرية واسعة تدمر المباني وتمحو المتطرفين، ليس واحدا أو اثنين بل الآلاف أو عشرات الآلاف إن اقتضى الأمر. و “هذه هي لغة جرائم الحرب والتطهير العرقي، وليس عملية مشروعة لمواجهة الإرهاب. وهو ما يبدو عندما يتحدث المستوطنون المتطرفون عن الضم المباشر وترحيل جماعي للفلسطينيين في الضفة الغربية، وبناء آلاف البيوت الجديدة لليهود.

والضعف باد في القيادة الفلسطينية لمحمود عباس، الذي لم ينتخب خليفة له ومضى وقت الانتخابات، وفقد دعم الدول العربية وتتهم سلطته بالعجز والفساد. وهو ما أدى إلى فراغ في السلطة ملأته الجماعات المحلية والمسلحة مثل كتائب جنين التي تدعو إلى المقاومة المسلحة وليس إلى العملية السياسية، وهي جماعات ليست محصنة من تلاعب الحركات المسلحة بها، مثل حماس والجهاد الإسلامي وإيران.

ورغم وجود مظاهر قلق أمني إسرائيلي، إلا أن الهجمات المستمرة للجيش وهجمات المستوطنين فاقمت من الوضع وأشعلته في الضفة الغربية. واحدة تلو الأخرى، وليست علم صواريخ كما يقولون في غزة، فالمسألة تتعلق بقدرة نتنياهو الضعيف وحلفائه الخطيرين بالحفاظ على الغطاء قبل أن ينفجر الوضع. وربما كانت هذه خطتهم.

لا توجد هنا محادثات تسوية سلمية أو خطة سلام، وبات حل الدولتين ذكرى حزينة.. وفي ظل غياب الشهية لمحادثات السلام الدولية، هناك شهية أقل في هذه الأيام الصعبة للفهم والصبر والتعاطف.

وكان هناك وقت عندما كان وزير الخارجية الأمريكي أو ممثلو الاتحاد الأوروبي يسارعون للنجدة أو محاولة تهدئة الأمور وبناء جسور، لكن القصور واضح. فلا توجد هنا محادثات تسوية سلمية أو خطة سلام، وبات حل الدولتين ذكرى حزينة، وأمام بايدن معارك مع الصين وروسيا وفي الداخل الأمريكي أيضا. وأوروبا منشغلة بأوكرانيا والصين لم تظهر بعد كلاعب جاد، ولم يعد للأمم المتحدة ذلك النفوذ. وفي ظل غياب الشهية لمحادثات السلام الدولية، هناك شهية أقل في هذه الأيام الصعبة للفهم والصبر والتعاطف. وبالنسبة إلى الإسرائيليين فلا توجد شبكة أمن أو ما يحميهم من أنفسهم، أما الفلسطينيون فلم يكن لديهم أبدا. ووسط تزايد عمليات عد الجثث وتلاشي الآمال، فإن مخاطر اشتعال حريق هائل تتزايد بلا هوادة.