انفجرت الخلافات بين رئيس مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، والجيش والأمن الروسيين، اليوم الجمعة، حيث اتهم بريغوجين وزير الدفاع الروسي بإصدار الأمر بقصف مقرات قواته، داعياً الروس إلى الانضمام له، فيما نفت وزارة الدفاع الروسية استهدافه، وفتح جهاز الأمن الروسي قضية بحقه بدعوى "التمرد المسلّح".
وبنبرة ملؤها الغضب، قال بريغوجين في رسالة صوتية نشرها مكتبه: "لقد شنّوا ضربات، ضربات صاروخية، على معسكراتنا الخلفية. لقد قُتل عدد هائل من مقاتلينا"، متوعّداً بـ"الردّ" على هذا القصف الذي أكّد أنّ وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو هو الذي أصدر الأمر بتنفيذه.
ونفى بريغوجين أن يكون بصدد تنفيذ "انقلاب عسكري"، مؤكّداً أنّه يريد قيادة "مسيرة من أجل العدالة"، بعد أن دعا إلى تمرّد مسلّح ضد هيئة الأركان الروسية.
وأوضح، وفق ما أوردته "فرانس برس": "هذا ليس انقلاباً عسكرياً، بل مسيرة من أجل العدالة. ما نفعله ليس لإعاقة القوات المسلحة".
وبعد اتهام الجيش الروسي بقصف مقرات مجموعته، أعلن بريغوجين أنّ عدد عناصر "فاغنر" يبلغ 25 ألف شخص، داعياً الروس، لا سيّما عناصر الجيش، للانضمام إلى صفوف مقاتليه.
وفي السياق ذاته، اتهم قائد المجموعة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، بإخفاء 2000 جثة لمقاتلي مجموعته في جنوب روسيا، بحسب ما نقلته "رويترز".
ورفع جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قضية جنائية، على خلفية ما اعتبره دعوة من بريغوجين إلى "تمرد مسلح".
وأوضح الجهاز الوطني الروسي لمكافحة الإرهاب، في بيان أوردته وكالات إعلام روسية في ساعة متأخرة من مساء الجمعة، أن جميع المزاعم التي تنشر باسم مؤسس المجموعة عارية من الصحة.
وأضاف البيان: "رفع جهاز الأمن الفيدرالي قضية جنائية على خلفية الدعوة إلى تمرد مسلح. نطالب بالوقف الفوري لهذه الأعمال غير المشروعة".
وتنص المادة 279 من القانون الجنائي الروسي على معاقبة من يقوم بـ"تمرد مسلح" بالسجن لمدة تتراوح بين 12 و20 عاماً.
وأكّد الجيش الروسي، الجمعة، أنّه لم يقصف مواقع لمجموعة فاغنر، نافياً بذلك اتّهامات بريغوجين إلى وزير الدفاع، وأخرجت إلى العلن حجم التوتّرات العميقة في صفوف قوات الكرملين في أوكرانيا.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان، إنّ "الرسائل ومقاطع الفيديو التي نشرها بريغوجين على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن ضربات مفترضة شنّتها وزارة الدفاع الروسية على قواعد خلفية لمجموعة فاغنر شبه العسكرية، لا تتّفق مع الواقع وتشكّل استفزازاً".
بريغوجين يقول إن قواته دخلت الأراضي الروسية ويتعهد المواصلة حتى النهاية
وبعد ساعات من تصريحاته، قال بريغوجين إن رجاله عبروا الحدود من أوكرانيا إلى روسيا، مضيفا أنهم مستعدون للمواصلة حتى النهاية في مواجهة الجيش الروسي.
وذكر في تسجيل صوتي منشور على تطبيق "تليغرام"، أن مقاتلي فاغنر دخلوا مدينة روستوف في جنوب روسيا. وأضاف بحسب ما نقلت "رويترز" أنه ورجاله سيدمرون كل من يعترض طريقهم.
سوروفيكين يدعو أفراد فاغنر للعودة لمواقع المرابطة
إلى ذلك، وجه نائب قائد مجموعة القوات الروسية في أوكرانيا، الجنرال سيرغي سوروفيكين، كلمة مسجلة إلى مقاتلي شركة "فاغنر" العسكرية الخاصة حثهم فيها على العودة إلى مواقع المرابطة، وذلك بعد ساعات على تصريحات بريغوجين.
ورأى سوروفيكين في مقطع فيديو انتشر على قنوات حربية عبر "تليغرام" ليلة السبت، أن "المقاتلين يجب ألا يخدموا العدو (أي أوكرانيا)، الذي يترقب تصاعداً للوضع السياسي الداخلي في روسيا"، مشيراً إلى أنه لا يمكن السماح بذلك.
وأضاف: "أتوجه بالحديث إلى القيادة والقادة والمقاتلين. قطعنا معكم طريقاً طويلاً، وخاطرنا وانتصرنا معاً. أدعو للتوقف".
جهاز الأمن الروسي يدعو مقاتلي فاغنر لاعتقال بريغوجين
في غضون ذلك، أعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي، ليلة الجمعة السبت، أنّ تصريحات وأعمال بريغوجين، تشكل فعلياً دعوة لبدء نزاع أهلي مسلح، داعياً مقاتلي المجموعة لاعتقاله.
وقال مركز العلاقات العامة التابع لجهاز الأمن في بيان: "تصريحات وأعمال بريغوجين تشكّل فعلياً دعوة لبدء نزاع أهلي مسلح في روسيا، وضربة في ظهر العسكريين الروس الذين يقاتلون ضد القوات الأوكرانية الموالية للفاشية".
وجددت الوزارة نفيها شنّ ضربات على موقع لفاغنر، واصفة هذه الأنباء بأنها عارية من الصحة وتشكل استفزازاً.
وأضاف البيان أن "جميع المعلومات التي يجري نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي باسم بريغوجين حول الضربات المزعومة التي شنتها وزارة الدفاع على مواقع خلفية لشركة فاغنر العسكرية الخاصة، لا تعكس الواقع، وتشكّل استفزازاً إعلامياً".
وعلاوة على ذلك، حثّ جهاز الأمن مقاتلي الشركة العسكرية الخاصة على عدم الامتثال لأوامر بريغوجين، واتخاذ إجراءات من أجل اعتقاله.
من جهة أخرى، أفادت وكالة تاس للأنباء نقلاً عن جهاز أمني، بتشديد إجراءات الأمن مساء يوم الجمعة في المقرات الحكومية ومنشآت النقل وغيرها من الأماكن الهامة في العاصمة الروسية موسكو.
الكرملين: "جرى إطلاع" الرئيس بوتين على مزاعم بريغوجين
وعلى أثر تصريحات رئيس فاغنر، أعلنت موسكو أنّه "جرى إطلاع" الرئيس فلاديمير بوتين على مزاعم بريغوجين، مؤكّدة أنّ "الإجراءات اللازمة" يجري اتّخاذها حالياً.
وقال المتحدّث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بحسب ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، إنّه "جرى إطلاع الرئيس بوتين على كلّ الأحداث المحيطة (بقائد فاغنر يفغيني) بريغوجين. يجري حالياً اتّخاذ الإجراءات اللازمة".
وعاد بيسكوف في تصريح لاحق أكد خلاله أن المدعي العام إيغور كراسنوف أبلغ بوتين بـ"فتح تحقيق جنائي على صلة بمحاولة تنظيم تمرد مسلح".
يأتي هذا بعد أنّ انتقد بريغوجين، اليوم الجمعة، المبررات التي استند إليها الكرملين لغزو أوكرانيا، قائلاً إنّها كانت مبنية على أكاذيب لفقها "خصومه الأزليون" في قيادة الجيش.
ودأب بريغوجين منذ أشهر على اتهام وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، ورئيس هيئة الأركان العامة فاليري غيراسيموف، بعدم الكفاءة في منصبيهما. ولا تتناسب انتقادات بريغوجين الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي مع دوره المحدود في الحرب رئيساً لمجموعة فاغنر.
ورفض بريغوجين للمرة الأولى، اليوم الجمعة، المبررات الروسية الأساسية لغزو أوكرانيا الذي بدأ في 24 فبراير/ شباط 2022، وذلك في مقطع فيديو نشره مكتبه الإعلامي على "تليغرام".
وقال بريغوجين: "لم يكن هناك أي شيء غير عادي يحدث في يوم 24 فبراير/ شباط (...) تحاول وزارة الدفاع خداع المجتمع والرئيس، وتحكي لنا قصة عن عدوان أوكراني غريب، وبأن أوكرانيا كانت تخطط لمهاجمتنا هي وحلف شمال الأطلسي بأكمله"، واصفاً الرواية الرسمية بأنها "قصة جميلة".
وأضاف: "كانت هناك أسباب للحرب (...) حتى يترقى شويغو إلى رتبة مارشال (...) ولكي يحصل على قلادة بطل (روسيا) ثانية. لم تُشن الحرب لنزع سلاح أوكرانيا أو القضاء على النازية فيها".
البيت الأبيض: تم إطلاع بايدن على ما يجري في روسيا
قال متحدث باسم الرئاسة الأميركية، الجمعة إن البيت الأبيض يراقب الوضع في روسيا إثر انتفاضة مجموعة فاغنر على قيادة الجيش الروسي، مشيرا إلى أن الرئيس جو بايدن أطلع على ما يجري هناك.
وصرح آدم هودج المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "نحن نراقب الوضع وسنتحدث مع حلفائنا وشركائنا بشأن هذه التطورات".
الجيش الأوكراني يقول إنّه "يراقب" الخلاف الناشئ بين فاغنر والقيادة الروسية
في غضون ذلك، أعلن الجيش الأوكراني، الجمعة، أنّه "يراقب" الخلاف الناشئ بين فاغنر والقيادة العسكرية الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية، في تغريدة على "تويتر": "نحن نراقب الوضع"، في حين أعلن قائد الاستخبارات العسكرية الأوكرانية كيريلو لودانوف، بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس، أنّ فاغنر والجيش الروسي بدآ "يفترسان بعضهما البعض للحصول على السلطة والمال".
موسكو: القوات الأوكرانية "تستغلّ استفزاز" فاغنر لشنّ هجوم على باخموت
أعلنت موسكو السبت أنّ قوات كييف تستعدّ لشنّ هجوم قرب مدينة باخموت في شرق أوكرانيا "مستغلّة" في ذلك الفوضى الناجمة عن دعوة قائد فاغنر إلى انتفاضة ضدّ القيادة العسكرية الروسية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيان نقلته "فرانس برس"، إنّ "نظام كييف يستغلّ استفزازات يفغيني بريغوجين الرامية لزعزعة استقرار الوضع من أجل إعادة تجميع وحدات من لواءي مشاة البحرية 35 و36 لشنّ أعمال هجومية" في منطقة باخموت، مشيرة إلى أنّ قواتها استهدفت القوات الأوكرانية بقصف جوي ومدفعي.
