قرّرت نيابة الاحتلال العسكرية، إغلاق ملفّ التحقيق مع الجنود الإسرائيليين الضالعين في جريمة التنكيل التي تعرّض لها الفلسطينيّ المسنّ، عمر أسعد (80 عاما)، وأسفرت عن استشهاده، العام الماضي؛ وذلك من دون توجيه لوائح اتهام، بحقّ أيّ منهم.
واستُشهد أسعد، الذي يحمل الجنيسة الأميركية كذلك، يوم 12 كانون الثاني/ يناير 2022، بعد احتجازه والاعتداء عليه بالضرب من قبل قوة تابعة لجيش الاحتلال، في منزل مهجور في قرية جلجليا، شمالي مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة.
وكانت قوة إسرائيلية قد احتجزت المسن أسعد، عقب الاعتداء عليه بالضرب وتقييد يديه، كما تم تعصيب عينيه، ثم تركه جنود الاحتلال، ملقى على الأرض وهو ينزف دما، في البرد القارص، ما أدى إلى استشهاده في وقت لاحق آنذاك.
وبحسب ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير نشرته عبر موقعها الإلكتروني ("واينت")، مساء اليوم، فإن نيابة الاحتلال العسكرية، قد قررت في الأيام الأخيرة، الاكتفاء بخطوات تأديبية ضد أربعة ضباط كانو يخدمون في كانون الثاني/ يناير عام 2022 في كتيبة "هناحال هحَريدي" في جيش الاحتلال الإسرائيلي، المعروفة أيضا بتسمية "نيتساح يهودا".
وذكر "واينت"، أنه في نهاية "تحقيق عملياتيّ" بشأن استشهاد أسعد، تم "توبيخ" قائد الكتيبة، وعزل ضابطين من منصبيهما.
وأغلقت نيابة الاحتلال العسكرية الملف، بعد "عدة محاولات فاشلة للحصول على تقرير تشريح" جثمان الشهيد أسعد، من السلطة الفلسطينية، وفق ادعائها.
كما زعمت مصادر في جيش الاحتلال، أن أفراد أسرة الشهيد أسعد، رفضوا "التعاون بشأن التحقيق"، وسلّموا بعض الوثائق الطبية المتعلقة بالتاريخ الطبيّ للمسن.
وزعم التقرير أن الأسرة طالبت بتلقّي تعويض من وزارة الأمن الإسرائيلية، فيما رفضت الوزارة ذلك، علما بأن الأسرة، كانت قد أعلنت أنها سترفض عرض تسوية إسرائيليا، ادعت وزارة الأمن الإسرائيلي أنها توصلت إليه مع العائلة، ويقضي بدفع تعويض بمبلغ 500 ألف شيكل، مقابل إسقاط العائلة دعوى قضائية.
وقال نواف أسعد، شقيق الشهيد أسعد، والذي يقسّم وقته بين فرجينيا وإلينوي في الولايات المتحدة، إنه وجه محامي الأسرة برفض عرض سلطات الاحتلال، آنذاك.
وأكد في تصريحات أدلى بها العام الماضي، لوكالة "أسوشييتد برس"، أنه "لسنا مهتمين بإسقاط القضية لأي سبب. ولا يوجد مال يمكن أن يحل محل أخي بالنسبة لأبنائه، ولأحفاده الذين ما زالوا ينادون له، ولزوجته التي تعتقد أنه في المنزل في كل مرة يرنّ جرس بابها".
وفي العام الماضي، كشف تقرير تشريح جثمان الشهيد أسعد، والذي أجراه أطباء فلسطينيون، أن الشهيد، كان يعاني من مشكلات صحية أساسية. لكن وُجدت كدمات على رأسه أيضا، واحمرار على معصميه من التقييد، ونزيف في جفنيه، نتيجة تعصيب عينيه بإحكام.
وخلص التقرير، حينها، إلى أن سبب الوفاة هو توقف مفاجئ لعضلة القلب، بسبب التوتر النفسي، من جراء عنف خارجي تعرض له.
وفي تحقيق مع نفسه، توصل الاحتلال في وقت سابق، إلى أن واقعة استشهاد أسعد "تشير إلى فشل في القيم والأخلاق" لدى عناصر الفصيل، والسرية التابعة لكتيبة "هناحال هحردي" ("نيتساح يهودا") في جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي تنشط في مناطق الضفة الغربية.
وجاء في بيان سابق صدر عن جيش الاحتلال، أن "التحقيق يظهر أن الحادثة خطيرة ومؤسفة"، مضيفا أن "الحادث أشار إلى فشل قيمي لدى القوة (المتورطة) وخطأ في تقدير الموقف وانتهاك جسيم لقيمة كرامة الإنسان".
وبعد الجريمة بحق أسعد، طولبت السفارة الأميركية في إسرائيل، بإعداد تقرير حول ممارسات الكتيبة، التي لا يخدم جنودها سوى في الضفة الغربية، خلافا لكتائب أخرى في جيش الاحتلال. وجاء ذلك في أعقاب عدة تقارير حول ممارسات هذه الكتيبة بحق الفلسطينيين، والتنكيل التعسفي بهم. ويخدم في الكتيبة جنود متدينون وعنصريون، وقسم كبير منهم يأتي من المستوطنات.