نظرة في بعض ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير..

الأحد 28 مايو 2023 11:56 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 نظرة في بعض ما قاله سماحة الشيخ حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير..



كتب حماد صبح:

تلقى كلمات وخطابات رئيس حزب الله سماحة الشيخ حسن نصر الله اهتماما عظيما من الحلفاء والأعداء على حد سواء ، ولعلها تلقى من الأعداء الإسرائيليين ما يزيد على الحلفاء العرب والمسلمين . الإسرائيليون يتفحصون السطور وما بين السطور ، ويخضعون حركاته ونبرات صوته وقسمات وجهه للدرس والاستنتاج . هل تدل على الثقة والأمل أم تدل على الإحباط واليأس ؟! فإن دلت على الثقة والأمل أحبطوا ويئسوا ، وإن دلت على الإحباط واليأس وثقوا في أنفسهم وأملوا خيرا .
ومصيبتهم معه أن كلماته وخطاباته ما دلت يوما على إحباطه ويأسه ، وإنما على ثقته وأمله في الانتصار عليهم امتدادا لانتصاره في 25 مايو 2000 الذي حرر به جنوب لبنان منهم ، وطردهم مثلما قالوا ” بذيل بين الأرجل ” تشبيها لأنفسهم بالكلب الذي يدس ذيله بين خلفيتيه لحظة فراره خوفا من خطر دهمه . ونحب أن ننظر في ثلاث عبارات في خطابه الأخير في العيد الثالث والعشرين لتحريره الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي . الأولى قوله : ” إن القدرة البشرية الممتازة في محور المقاومة يقابلها تراجع القوة البشرية الإسرائيلية ، وهروب الإسرائيليين من القتال”، والثانية قوله ردا على تهديدات نتنياهو لحزب الله ولمحور المقاومة عامة : ” لستم أنتم من تهددون بالحرب الكبرى، وإنما نحن الذين نهددكم بها”، والثالثة قوله ” إن أي حرب كبرى ستشمل كل الحدود ، وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين ، ولدينا تفوق هائل في البعد البشري “.
في العبارة الأولى وازن سماحته بين حال قوة محور المقاومة البشرية وحال القوة البشرية الإسرائيلية ، فوصف الأولى بالممتازة ، ولا ريب في أنه يقصد امتيازا متنوعا يخص العقيدة القتالية والإيمان بعدالة وشرعية القضايا التي يقاتل محاربو محور المقاومة في سبيلها ، وهل هناك قضايا أعدل وأكثر شرعية من تحرير أرض يحتلها مغتصب معتدٍ ؟! وهل هناك قضايا أعدل وأكثر شرعية من مواجهة متوالية القتل والتخريب والعدوان والتهديد بمزيد من العدوان التي لا يتوقف هذا المغتصب المعتدي عنها ؟! ولا ريب في أنه يقصد خبرات ومهارات محاربي محور المقاومة القتالية التي أكدوها في الساحة اللبنانية والساحة الفلسطينية والساحة اليمنية ممثلة في جماعة أنصار الله ، وأكدتها دولتا محور المقاومة سوريا وإيران ، ويقصد نوعية جودة سلاحها.

في المقابل الموازي ، تضطرب القوى البشرية الإسرائيلية في انحطاط الروح القتالية ، وسرعة الهلع وانهيار النفس عند أي خطر. انحطاط الروح القتالية يشهد عليه تهرب الشبان الإسرائيليين بنسبة عالية من الخدمة العسكرية ، وتفضيل كثيرين منهم للوحدات التكنولوجية في الجيش على الوحدات القتالية. أما سرعة الهلع وانهيار النفس عند نذير أي خطر فلا شبيه لهم في كل العالم . والحديث هنا يفيض ولا يغيض. اعترفوا في جولة القتال الأخيرة مع غزة بتوقف حياة مليون مستوطن توقفا تاما ، وبتضاعف طلبات التعزيز النفسي لدى مستوطني كيانهم ب 555 % .
وسارعوا إلى قبول وقف إطلاق النار أمام حركة الجهاد ، أمام فصيل فلسطيني واحد ، فما كانت ستكون الحال لو شاركت حماس في القتال ؟! أحسبهم ما كانوا ليقاتلوا لو علموا أن حماس ستشارك فيه . ويكون لانحطاط روحهم وهلعهم ونفورهم من القتال مدلولها المخيف على نوعيتهم الغريبة مع وفرة ما لديهم من كل أنواع الأسلحة المتطورة وتصميم أميركا على حمايتهم ، وتهافت أكثرية الأنظمة العربية على التقرب منهم ، وتعاون بعضها معهم على محور المقاومة العربية والإسلامية . وفي العبارة الثانية ينتزع سماحة سيد المقاومة من إسرائيل نهج التهديد بحرب كبرى لإخافة محور المقاومة ، وتمزيق لحمته المتماسكة ، فيقول ما مضمونه إنها لا تملك قوة حقيقية تأذن لها بالعربدة وتهديد ذلك المحور، وإنه هو الذي يمتلك القوة التي تأذن له بتهديدها تهديدا حقيقيا يخيفها ، ويشل يدها عن العدوان على قوى المحور . والحقيقة المستخلصة من تاريخ الصراع مع إسرائيل أنها لا تهدد مسبقا بالحرب إذا كانت قادرة على المبادرة إليها ، وتبادر إليها فورا  وتهديداتها التي كثرت في السنوات الأخيرة كثرة هذيانية لا تفصح إلا عن عجزها عن تلك المبادرة .
ولم تتوقف عن الإلحاح على أميركا لمشاركتها في العدوان على إيران لعجزها بمفردها عنه ، وتيقنها أن محور المقاومة سيحولها إلى عجينة من لظى هائج ورماد هامد . وهذا يدخلنا في دائرة عبارته الثالثة الخاصة بأن “أي حرب كبرى ستشمل كل الحدود ، وستضيق مساحاتها وميادينها بمئات آلاف المقاتلين، ولدينا تفوق هائل في البعد البشري” .
 هنا يتحدث سماحته عن وحدة الساحات التي صاغت مصطلحها حركة الجهاد. حرب هذه الوحدة شاملة لكل قوى محور المقاومة الذي يستطيع أن يقذف إليها بمئات الآلاف من المحاربين المتدفقين من مصدر بشري هائل لا يجف مهما طالت الحرب ، وهي حتما لن تطول مع كيان مثل إسرائيل محدود المساحة، وقليل البشر، واعتمد في أوائل وجوده الحرب السريعة الخاطفة مع الجيوش العربية النظامية ، وانتزعت منه المقاومة اللبنانية والفلسطينية هذه الميزة، وأجبرته الأولى على حرب امتدت 32 يوما في 2006، وأجبرته الثانية على حرب امتدت 51 يوما في 2014. وانبثاقا من معطيات الحقائق التي تضمنتها العبارات الثلاث في خطاب سماحته ؛ يستنتج : أننا ” نمتلك الأمل بتحرير فلسطين، والصلاة في المسجد الأقصى، وبزوال كيان الاحتلال، والثقة واليقين بانتصارنا”. نعم الخطاب، ونعم الخطيب، ونعم القائد الذي يبث قوة الأمل والثقة في روح أمته بالحقائق والعمل لا بالأوهام واستجداء عطف العالم ومسالمة الأعداء وملاينتهم .
كاتب فلسطيني