لم تكن دعوة رئيس مجلس النواب الأمريكي، كيفن مكارثي، لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لزيارة واشنطن، مجرد دعوة عادية، بل هي انتهاك صارخ للبروتوكول وخطوة حزبية صاخبة وتكتيك سياسي يخدم المصلحة الذاتية، وفقاً لترايسي ويلكينسون في مقال نشرته صحيفة” لوس أنجلوس تايمز”.
وبحسب ما ورد، جادل النقاد بأنه عندما يسافر رئيس مجلس النواب إلى الخارج لدعوة “رئيس وزراء” محاصر وغير محبوب للغاية إلى واشنطن لإلقاء كلمة أمام الكونغرس على الرغم من تحفظات البيت الأبيض فإن الأمر يستحق النقاش.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجمهوري مكارثي قاد وفداً إلى إسرائيل، الأسبوع الماضي، ليصبح ثاني رئيس مجلس للنواب يلقي خطاباً في الكنيست بعد نيوت غينغريتش في عام 1998، وقالت إن مكارثي أشاد مراراً بنتنياهو، الذي يخضع للمحاكمة بتهمة الفساد ويحاول تقويض الديمقراطية بشكل دائم عبر خطط تغيير النظام القضائي.
ولاحظت “لوس أنجلوس تايمز” أن جو بايدن قد انتقد بشكل غير معتاد جهود نتنياهو، كما رفض الرئيس الأمريكي بشكل واضح دعوة نتنياهو إلى البيت الأبيض منذ عودة الأخير إلى السلطة، ولكن مكارثي قال إنه سيدعو نتنياهو لمجلس النواب الأمريكي إذا لم يوجه بايدن دعوة لرئيس الوزراء الإسرائيلي.
وقالت ترايسي ويلكينسون:” في مرحلة ما، كان من المحرمات على المسؤولين الأمريكيين انتقاد السياسة الخارجية للولايات المتحدة وهم خارج البلاد، ولكن يبدو أن مثل هذه القواعد الدبلوماسية قد أصبحت شيئاً من الماضي”.
وأضافت أن دعوة مكارثي لنتنياهو تذكّر بخطوة مماثلة من جانب المشرعين الجمهوريين في عام 2015، عندما أحضروا رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى واشنطن لإلقاء كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس، ولاحظت، أيضاً، أن نتنياهو تخطى البيت الأبيض في تلك الرحلة بسبب العلاقات الفاترة مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، واستخدم نتنياهو خطابه لمهاجمة إحدى مبادرات السياسة الخارجية الرئيسية لأوباما- الاتفاقية الدولية التي حدت من أنشطة إيران النووية.
وبالنسبة للعديد من الدبلوماسيين والمحللين، فقد كان أداء مكارثي أكثر فظاعة من ذلك، إذ تواصل الحزب الجمهوري بقوة مع معسكر نتنياهو المثير للجدل.
وأشارت ويلكينسون إلى أنه ربما تم استخدام إسرائيل لأول مرة كمسألة “إسفين” حزبية خلال فترة ولاية غينغريتش في أواخر التسعينيات، وقالت إن دونالد ترامب عزز هذا الاتجاه، حيث أعرب الرئيس الجمهوري السابق عن تقربه لنتياهو وفضل إسرائيل في جميع القضايا وقام بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، بما يخالف عقوداً من الفهم بأن المدينة المقدسة لا تزال موضع خلاف.
ووفقاً لمقال ” “لوس أنجلوس تايمز”، فقد شجب هذا النهج العديد من الدبلوماسيين والسياسيين الأمريكيين والإسرائيليين، حيث تعود قوة الدعم الأمريكي لإسرائيل تقليدياً إلى موقعها كقضية مشتركة بين الحزبين، بغض النظر عن هوية من يجلس في البيت الأبيض أو الحزب السياسي الذي يسيطر على الكونغرس.
وفي خطابه أمام الكنيست، قال مكارثي إنه يشيد بدعم الحزبين لإسرائيل، ولكن العديد من النقاد يعتقدون أنه عكس ذلك، وقال آرون ديفيد ميللر، الدبلوماسي الأمريكي المخضرم الذي عمل في الشرق الأوسط لعقود، على تويتر إن ” خطوة مكارثي كشفت كيف أصبحت إسرائيل قضية حزبية في السياسة الأمريكية”.
وأوضح ميللر أن خطوة مكارثي “تتناسب بشكل جيد مع جهود الجمهوريين لحصر “دعم إسرائيل” على حزبهم وتصوير الحزب الديمقراطي على أنه غير ملتزم في أحسن الأحوال”.
وأشارت ويلكينسون إلى أن مكارثي كان يحاول تلبية رغبات الناخبين اليهود في الولايات المتحدة والقاعدة الجمهورية المؤيدة لإسرائيل، ولكنها استنتجت بأن حساباته غير صحيحة، وقالت إن القاعدة المؤيدة لإسرائيل في أمريكا انقلبت ضد حكومة نتنياهو.
وقال ألون بينكاس، المعلق السياسي الإسرائيلي المتقاعد، إنه يشكك في أن تواصل مكارثي مع نتنياهو سيساعد رئيس الوزراء على زيارة البيت الأبيض، وكتب بينكاس في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية أن مكارثي “المتملق” أصبح مثل “الدمية”.
وأضاف أن تهديدات مكارثي بدعوة نتنياهو إلى العاصمة قد تأتي بنتائج عكسية.