تنوع الإجراءات وتتصاعد الانتهاكات التي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تنغيص حياة المواطنين الفلسطينيين، والإمعان في زيادة معاناتهم بمنع بعضهم من الوصول إلى أرضهم لفلاحتها والحفاظ عليها من استيلاء المستوطنين عليها.
وأكدت صحيفة "هآرتس" في تقرير من إعداد هاجر شيزاف، أن "جيش الاحتلال يمنع منذ بضعة أشهر فلسطينيا من سكان جبل الخليل من الوصول إلى أرضه القريبة من بؤرة "متسبيه يئير" الاستيطانية اليهودية".
اعتقال متكرر
الفلسطيني سعيد محمد عليان عواد (52 عاما) هو أب لـ 16 من الأبناء، من سكان قرية "أم صفا" في جنوب جبل الخليل، في إطار الجهود لمنعه من الوصول إلى أرضه قام الجيش بوضع حواجز على الطريق التي تؤدي إلى بيته وقام بتصوير المبنى وسيارته، وهددوه وحتى قاموا باعتقاله عدة مرات".
ونوهت الصحيفة إلى أنه "في كل يوم سبت، يصدر الجيش أمرا عسكريا يجعل أرض عواد منطقة عسكرية مغلقة قبل وصول عواد وعائلته، ويضع رجال أمن كثيرين لمنع دخوله".
وأوضحت أن "قطعة الأرض التي يملكها عواد توجد على سفح بؤرة "متسبيه يئير" الاستيطانية، التي أقيمت في نهاية التسعينيات، وتعود عواد الوصول لأرضه في كل أسبوع وفلاحتها والمكوث فيها من أجل منع سيطرة المستوطنين عليها، ولكن منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، فإن الجيش بدأ يستخدم وسائل غير عادية لمنعه من فعل ذلك".
وبرر جيش الاحتلال سلوكه بزعم وجود "حاجة أمنية"، من أجل "منع الاحتكاك بين الفلسطينيين والمستوطنين، الذي يحدث أحيانا في المنطقة، لكنهم في الجيش لم يردوا على سؤال "لماذا يمنعون عواد وعائلته من الوصول إلى أرضه، في حين أنهم يسمحون للمستوطنين بالوصول إلى المكان؟".
على سبيل المثال، ذكرت "هآرتس" أنه "في مرات كثيرة، حتى قبل وصول عواد إلى المكان، يتم إصدار أمر منطقة عسكرية مغلقة على قطعة الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى اعتقال متكرر لعواد، في حين يسمح للمستوطنين بالوصول إلى المكان؛ أي أن الأمر يتم تطبيقه فقط على الفلسطينيين والنشطاء الذين يرافقون عواد".
ولفتت إلى تصاعد اعتداءات المستوطنين التي تستهدف الفلسطينيين في المنطقة ونشطاء اليسار الذين وصلوا إلى المكان لتوثيق ما يحدث مع عواد وعائلته.
عواد الذي اعتقل عدة مرات؛ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضيين اعتقل عندما حاول الوصول إلى أرضه مدة ثلاثة أيام بتهمة خرق أمر منطقة عسكرية مغلقة، وقبل أسبوعين تم احتجازه في سيارة عسكرية لثلاث ساعات، حيث اعتاد الجيش على إقامة حواجز على الطريق التي تؤدي إلى أرضه في أيام السبت قبل وصوله، مع وجود نحو 20 من عناصر الجيش وقوات "حرس الحدود".
افتعال مشاكل
في كانون الثاني/ يناير 2023، بدأ الجيش بالوصول إلى بيت عواد لتصويره وتصوير سيارة الجيب خاصته، وفي 4 شباط/ فبراير الماضي، بدأ تصعيد آخر عندما وضع الجنود حاجزا على الشارع الموصل إلى بيت عواد، بما في ذلك وضع حواجز مسامير على الأرض، وبعد أسبوع وضع الجنود حاجزا قرب مدخل بيت عواد على الشارع الرئيسي في القرية، وبحسب شهادة سكان القرية، فقد ذكر الجنود أنهم قاموا بوضع الحاجز لأن "عواد يفتعل المشاكل".
بعد مرور شهر تقريبا، في آذار/ مارس، وصلت سيارات عسكرية إلى بيت عواد في الليل، وهي تحمل جنودا ملثمين، قاموا بتهديد عواد لمنعه من الوصول إلى أرضه، وقال عواد: "جاءوا في الساعة العاشرة ليلا، وقالوا لي إذا ذهبت إلى أرضك، سنلحق الضرر بك وبعائلتك، وأخذوا هاتفي"، مضيفا: "قلت لهم افعلوا ما تريدون، لقد تم توثيق الجنود بالفيديو والصور".
قبل نحو أسبوعين، وصل جيش الاحتلال مرة أخرى إلى بيت عواد وسألوا عنه، وعندما وصل السبت إلى أرضه تم اعتقاله، وتم إبعاده 15 يوما عن المنطقة، وفي حديثه لـ"هآرتس" تساءل عواد: "كيف ينظر الجمهور الإسرائيلي إلى ذلك؟"، مضيفا: "أقول للجيش لماذا كل ذلك؟".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "في 2021، تمت مهاجمة عواد وعائلته عندما حاولوا توثيق المستوطنين أثناء محاولتهم الرعي في أرضهم، ونتيجة لاعتداء المستوطنين فقد عانى عواد من خمسة كسور في الجمجمة، وتم تخريب أرضه واقتلاع أشجار الزيتون وتدمير السلاسل الحجرية".
في 2022، طلبت الشرطة الإسرائيلية إبعاد عواد عن المنطقة، لكن القاضي العسكري، المقدم عزرائيل ليفي، رفض الطلب وانتقد سلوك الشرطة والجيش، حيث تأكد القاضي من وجود وثائق قانونية حول علاقته بالأرض، مؤكدا أنه "من المحظور على الشرطة أن تتخذ موقفا في نزاع بين عواد والمستوطنين بدون تقديم رأي قانوني حول مكانة الأرض".