لم تكن الصحفية هبة محمد أبدا من جمهور الممثل المصري محمد رمضان وترى أن معظم أعماله “تتميز بالذكورية وتساهم بشكل مباشر في نشر ثقافة العنف في الشارع المصري”.
ورغم ذلك حينما شاهدت بالصدفة إحدى حلقات مسلسله “جعفر العمدة” الذي عرض في شهر رمضان أثارت الحبكة الدرامية فضولها.
وتقول “مع تحفظي الشديد جدا لأني من أول المسلسل كنت حاسة بضيق واضح من طريقة تحقيرهم المباشرة للستات… مع مرور الوقت اللي ربطنا هو الجزء الخاص بابنه،”
تدور أحداث المسلسل، الذي حققت مقتطفاته على فيسبوك ملايين المشاهدات وهو من إخراج وتأليف المخرج المصري محمد سامي، في إطار اجتماعي حول شخصية “جعفر” الذي يعيش في منطقة السيدة زينب الشعبية بالقاهرة مع زوجاته الأربعة. يتعرض البطل لخطف طفله?? ???الرضيع قبل 19 عاما ويتابع المشاهدون رحلته في البحث عن ابنه وتعامله مع المكائد التي يدبرها له بعض المقربون منه.
وتشارك في بطولة المسلسل مجموعة من الممثلات مثل زينة ومي كساب ومنة فضالي وإيمان العاصي اللاتي يقمن بأدوار زوجات جعفر، وهالة صدقي التي تقوم بدور والدته.
وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي ضجة كبيرة حول المسلسل ويفسرها مصطفى حسن الأستاذ بكلية الفنون التطبيقية قسم التصوير السينمائي بجامعة حلوان بأنها نوع من التماهي بين البطل والمشاهدين المحبطين.
يضيف “أي عمل فني دراما أو سينمائي لازم المشاهد يتفاعل مع البطل ويحس إن هو بيتوحد معاه ويحس إن هو والبطل حاجة واحدة… هذا النوع من الميلودراما محبب لدى الجمهور الناس عندها كبت على طول فا عايزة تشوف رد فعل البطل إن هو ينتقم من الحاجات اللي اتعملت فيه فا عايزين يشوفوا هيعمل إيه”.
وهو ما أكدته هبة التي قالت إن الناس تسعى وراء تحقيق سعادتها أو حلمها من خلال البطل المنتصر “الناس عايزين يشوفوا بطل بينتصر، احنا حياتنا فيها تحديات عديدة فا عايزين نشوف بطل بينتصر، هناخد فرحتنا من هنا”.
ولم تقتصر الضجة على شبكات التواصل الاجتماعي فقط وبدأ الجمهور في إبداء دعمه لجعفر والتفاعل معه في الشوارع المصرية. وقام بعض أهالي مدينة أشمون بمحافظة المنوفية شمالي القاهرة بتعليق لافتة تهنئة “للمعلم جعفر العمدة” بعد حصول البطل على البراءة وخروجه من السجن ضمن أحداث المسلسل.
وقال مصدر أمني لرويترز إنه أثناء حملة أمنية لإزالة الإعلانات المخالفة تم رفع تلك اللوحة.
يقول الناقد الفني أسامة عبد الفتاح إن سر نجاح الممثل محمد رمضان هو “منطقة الميلودراما” وتناول القصص القريبة من المشاهد العادي.
ويضيف “في العام الماضي ابتعد (محمد رمضان) عن الخط اللي الجمهور حابب إنه يمشي فيه… منطقة الميلودراما، منطقة الأحياء الشعبية، منطقة محاولة الاقتراب من الناس الشعبيين بقصص هما شايفين أنها قريبة منهم”. غير أن المسلسل أثار انتقادات سواء من الجمهور أو النقاد.
وكتب الدكتور محمد طه استشاري الطب النفسي على صفحته على فيسبوك متسائلا كيف يمكن أن تؤثر صورة البطل الشعبي كما تُقدم في المسلسل عما هو معروف ومخزون عن “البطل الشهم المغوار المحتفظ بالقيم وغير المتنازل عن المبادئ”.
يقول “صورة البطل في (جعفر العمدة).. بلطجي.. متزوج أربعة وبيعاملهم كالجواري.. سهر وتلاعب بالمال.. ومعندهوش أى قيم حقيقية”.
ويتابع “احنا محتاجين جنب الإعجاب الشديد بالمسلسل.. والإشادة الشعبية والمتابعة وردود الأفعال الضخمة جدا، اننا نسأل نفسنا: الصورة دى هتؤثر إزاى على الوعي.. والعقل الفردي.. والعقل الجمعي؟”
ويرى محمد قناوي مدير تحرير صحيفة أخبار اليوم أن الدراما نوعان “نوع يتفاعل الجمهور مع أحداثه ويثني عليه بسبب جودة العمل، والنوع الثاني بيكون فيه توحد مع الأبطال”. ويؤكد قناوي أن ما نراه من التفاف حول شخصية جعفر هو نوع من توحد الجمهور مع البطل.
ويقول “محمد رمضان ينتمي للفنان الذي حقق جماهيرية عريضة والجماهيرية دي انعكست على الناس المتابعين ليه على شبكات التواصل، على الفعل ورد الفعل، على توقعاتها للأحداث، ده المسلسل الوحيد السنة دي اللي الناس قاعدة تتوقع أحداثه”.
ورغم أنها تتابع المسلسل تقول داليا ناصر وهي ربة منزل تبلغ من العمر 50 عاما “تابعت المسلسل بتشجيع من صديقاتي وإخواتي إللي بيتبعوه.. حاجة غريبة بصراحة مصر كلها بتابعه وده مش صح خالص… هو مش مصر ولا بيعكس حياة ناسها”.
لكن للشاب محمد (22 عاما) الذي يدرس في كلية الصيدلة رأي آخر “أعتقد أن المسلسل مسلي ومضحك ومش كل مسلسل لازم تكون له قيمة فنية يعني.. متهيألي مهمة الفن في الأساس هي المتعة والتسلية”.