أثار التناقض في تصريحات الشرطة الإسرائيلية ونجمة داوود الحمراء، حول رواية الدعس في مدينة تل أبيب، الليلة الماضية، التي أسفرت عن مصرع سائح إيطاليّ، إضافة إلى سائق المركبة وهو من كفر قاسم، بأراضي الـ48، وإصابة 5 آخرين بجروح، شكوكا حول أن ما جرى كان حادثا عرضيا غير مقصود.
عائلة سائق المركبة يوسف أبو جابر، طالبت بلجنة تحقيق في مقتل نجلها على يد الشرطة الإسرائيلية، مؤكدة أن ما حصل هو حادثة طبيعية وليست عملية بدوافع قومية كما تزعم السلطات الإسرائيلية.
وقال عمر أبو جابر لـ"عرب 48" إن "يوسف أُعدِم ميدانيًا من أجل إعدام القضية، لأنه هو الشاهد الوحيد على ما حصل، لذلك قام الشرطي بقتله، وفي خلفية الشريط المصور يوجد شخص يقول له، أكد على قتله".
وأضاف "ما حصل هو حادث طريق طبيعي، لا ندري ما أسباب تدهور المركبة، وهذه ليست حالة نادرة أن تتدهور مركبة وتخرج من مسارها، من الممكن أنه أراد أن يتجاوز الأزمة، أو كان مرهقا لأن ابن عمنا وحماه توفي قبل أسبوع، أو أن وعكة صحية أصابته".
وتابع: تعامل الشرطة مريب، والسبب هو تغيير الأقوال أكثر من مرة، أين السلاح الذي قالوا أنهم عثروا عليه؟ أين مقطع الفيديو الذي كان على جسد الشرطي الذي قتله؟ أين التوثيق الكامل للحادثة الذي يظهر إطلاق الرصاص؟ كل هذه الأسئلة لم نتلق أجوبة عليها وربما لن نتلقى".
وحول تفاصيل الحادثة، زعم بيان الشرطة الإسرائيلية الأول، أن سلاحا كان بحوزة سائق المركبة، فيما أكد البيان الثاني أن ما زُعم أنه سلاح، لم يكن كذلك، في حين أشار التحقيق الأولي إلى أن السائق كان بحوزته "سلاح لعبة بلاستيكي"و، بحسب ما أوردت هيئة البث الإسرائيلي العامة "كان 11".
ولم تنشر الشرطة الإسرائيلية أي صورة للسلاح الذي ادعت في البداية، أنه كان بحوزة السائق، كما لم يؤكد جهاز "الشاباك"، أن خلفية الحادث قومية، وهو ما يناقض احداثا مماثلة في وقت سابق، كما أن البيان الأخير الذي أصدرته الشرطة الإسرائيلية بشأن ما حدث، ذكر أن "ملابسات الحدث، يجري التحقيق فيها من قبل الوحدة المركزية في لواء تل أبيب، ومن قبل الشاباك".
وبحسب قناة "كان"، فقد أفاد التحقيق الأوليّ، بأن المركبة التي استقلها السائق يوسف أبو جابر تعود إلى زوجته وليست مسروقة كما ادعت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية في البداية، كما أكد أن ما زُعم أنه سلاح حقيقيّ، لم يكن سوى "لعبة بلاستيكية".
وفي بيان الشرطة الإسرائيلية الأول، ذكرت أن "سيارة مسافرة من الشمال إلى الجنوب، صدمت أربعة أشخاص بالقرب من منتزه "تشارلز كيلور" في تل ابيب، وأن "ضابط شرطة كان في محطة وقود قريبة، سمع ضجيجًا، ولاحظ سيارة مقلوبة رأسًا على عقب، والعديد من الأشخاص ممددين على الأرض".
وأضاف البيان أن "الشرطي اقترب من السيارة مع مفتشي شرطة بلدية تل أبيب، ولاحظ أن السائق كان يحاول الوصول إلى السلاح الذي بحوزته... فقام الشرطي والمفتشون بتحييد السائق وقتلوه"، على حدّ زعم الشرطة، التي لم تنشر أي صورة للسلاح الذي ادعت أنه كان بحوزة السائق.
وفي بيان أصدرته لاحقا، ويتناقض مع بيانها الأول، ذكرت الشرطة الإسرائيلية أن الضابط الذي كانت قد أشارت إليه، برفقة أفراد الأمن الآخرين؛ قد "رصدوا السائق وهو يحاول الوصول إلى شيء يشبه البندقية كان معه، وحيدوه".
وسائل الإعلام الإسرائيلية، سارعت إلى حسم مسألة أن منفذ العملية، هو شاب من مدينة كفر قاسم، بسبب وجود بطاقة الهوية الإسرائيلية التابعة له في المركبة التي استقلها؛ وأفادت لاحقا بأنه يشتبه بأن منفذ العملية من الضفة الغربية المحتلة، وقد تحصل على السيارة، التي كانت فيها بطاقة الهوية. وأشارت إلى أن الشرطة الإسرائيلية، تفحص ذلك.
هيئة البث الإسرائيلية (الرسمية)، ادعت أن عملية كورنيش تل أبيب كانت مزدوجة وتضمنت عملية دهس، ومن ثم إطلاق نار، فيما تم قتل المنفذ.
وأكدت الشرطة الإسرائيلية أيضا أن ضابط شرطة هُرع إلى المكان للمساعدة، فلاحظ أن سائق السيارة حاول الترجل وإشهار سلاح كان بحوزته، فعاجله وأطلق عليه النار وقتله.
وقالت القناة 12 الإسرائيلية إن منفذ الهجوم أطلق النار من نافذة سيارته على المارة، ثم انقلبت سيارته في منطقة تشارلز كلير، وحاول الهروب فقتلته الشرطة.
نجمة داوود الحمراء قالت في البداية، إن السائح الإيطالي قتل نتيجة تعرضه لإطلاق رصاص، ومن ثم غيّرت أقوالها إلى أن الوفاة كانت نتيجة دهس، مع العلم ان من يقرر سبب الوفاة هو معهد التشريح الطبي وليست الشرطة.
معظم المعطيات، بما فيها بيان الشرطة الإسرائيلية، تفيد بأن سائق المركبة من كفر قاسم لم يكن مسلحا، ما يضفي شكوكا حول أن ما جرى كان حادثا عرضيا غير مقصود.
وتنتهج الشرطة الإسرائيلية، كما قوات الاحتلال سياسة "الإعدام خارج القانون"، خاصة عندما يتعلق الامر بالفلسطينيين، وعادة تكون ذريعتها جاهزة "عملة طعن، عملية دعس"، كما انها متأكدة من أن أحدا لن يحاسبها على هذه الجرائم.
وكانت شرطة الاحتلال، قد أعدمت الطبيب محمد العصيبي (26 عاما) من بلدة حورة في النقب ليلة الجمعة- السبت من الأسبوع الماضي، قرب باب السلسلة في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.
وزعمت شرطة الاحتلال آنذاك، أن الحدث لم يوثّق، وأن الكاميرات على أجساد عناصر الشرطة، لم تكن مفعّلة، وأنه في تلك الزاوية لا توجد كاميرات، علمًا أن الزقاق المؤدي للمسجد الأقصى عبر باب السلسلة، توجد فيه كاميرات.
وفي إشارة إلى تناقض الشرطة في رواياتها، صرح قائد شرطة الاحتلال السابق في القدس، يائير يتسحاكي، في حينه: "لا أصدق أنه لا توجد كاميرات مراقبة وثقت الحدث عند مداخل الأقصى، أنا بنفسي نصبت كاميرات في المنطقة خلال فترة عملي".
في عام 2017 قتلت الشرطة الإسرائيلية، يعقوب أبو القيعان خلال اقتحام بلدة ام الحيران بأراضي الـ48 لتنفيذ هدم منازل، وادعت حينها أنه حاول دهس أحد عناصرها، وهو ما فندته عائلته.
وأظهرت التحقيقات الإسرائيلية، فيما بعد، أن أبو القيعان لم يحاول دعس أي من عناصر الشرطة الإسرائيلية، فيما لم تحقق الجهات المسؤولة مع عناصر الشرطة الذين أطلقوا النار، وتم إغلاق الملف بزعم أن عملية إطلاق النار تمت بشكل قانوني.
في شهر آذار عام 2021، أعدمت الشرطة الإسرائيلية، الشاب منير أحمد عنبتاوي (33 عاما)، بعد أن أطلقت النار تجاهه، وادعت أنه حاول طعن أحد أفرادها قرب منزل عائلته في حي "وادي النسناس" بمدينة حيفا.
وقالت شقيقة الشاب الضحية في ذلك الوقت، إن "شقيقها يعاني من اضطرابات نفسية، وطلب من والدته المال في الوقت الذي لم يتوفر معها، وفي أعقاب ذلك نزل إلى الشارع غاضبا". وأضافت أن "والدتي هي من اتصلت بالشرطة حتى لا يشكل خطرا على نفسه والآخرين، وتساءلت "كيف يعقل أن تطلق الشرطة 3 رصاصات على شخص مريض بمنطقة الظهر بدلا من اعتقاله؟".
وفي آذار من العام الجاري، كشفت تحقيقات أولية في إسرائيل، عن كذب رواية شرطي أقدم على قتل الشاب سند الهربد (27 عاما) في مدينة رهط، في النقب.
وزعم الشرطي الإسرائيلي حينها، وهو من وحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود أن "الهربد" صوب مسدسا تجاهه من مسافة ستة أمتار، فأطلق هو النار أولا على الجزء السفلي من جسده.
وادعى أن الضحية، وعندما سقط على الأرض صوب النار من مسدسه باتجاهه مرة أخرى، فعاود إطلاق النار على الجزء العلوي من جسده.
لكن تحقيقا أجرته "وحدة التحقيق مع أفراد الشرطة" (تابعة للنيابة العامة) نشرت نتائجه صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، كشف "كذب ادعاءات الشرطي"، واكد أن "الهربد" أصيب برصاصتين في الجزء الخلفي من جسمه، ما يعني أنه لم يكن يصوب مسدسا إلى الشرطي، بل كان يحاول الفرار من الموقع.