أعلنت سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال، اليوم الإثنين، نتائج إعادة تقييم الشمول المالي في فلسطين.
جاء ذلك خلال حفل أقيم في رام الله، بمشاركة محافظ سلطة النقد فراس ملحم، ورئيس هيئة سوق رأس المال نبيل قسيس، وممثل مؤسسة التحالف العالمي للشمول المالي (AFI) إيلكي بوليتاوا، وحضور قيادات مصرفية ومالية واقتصادية وممثلي العديد من مؤسسات المجتمع المدني.
وتقدم ملحم، في كلمته، بالشكر الجزيل للشركاء والحضور، وخص الشركاء الاستراتيجيين في مؤسسة التحالف العالمي للشمول المالي على دعمهم المستمر وتمويلهم لتنفيذ دراسة إعادة التقييم، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي الـ GIZ على تمويلها لهذا الحفل والعديد من الأنشطة المتعلقة بالتوعية والتثقيف المالي، ومعهد أبحاث السياسات الاقتصادية الفلسطيني (ماس) والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، على جهودهم الكبيرة في تنفيذ الدراسة التي تتميز بإجراء مسح شامل لجانبي العرض والطلب بالإضافة إلى دراسة النظام البيئي (ecosystem) والبيئة الممكنة للشمول المالي.
وقال: "نقف اليوم أمام تقدم هام على مسار تعزيز الشمول المالي في فلسطين، في إطار تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي (2018-2025)، بقيادة مشتركة بين سلطة النقد وهيئة سوق رأس المال، وبمشاركة الجهات الرئيسة ذات العلاقة من القطاعين العام والخاص ومؤسسات المجتمع المدني".
وأضاف: "في عام 2022، تم تنفيذ مسح ميداني لإعادة تقييم مستويات الشمول المالي في فلسطين، بهدف قياس المستجدات والتأثير الحاصل نتيجة تطبيق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، وتحديد أية تعديلات تستوجبها نتائج التقييم على خطط العمل للفترة المتبقية حتى العام 2025".
وتطرق ملحم إلى نتائج الدراسة التي أظهرت أنه بالرغم من الظروف الصعبة التي رافقت تنفيذ الاستراتيجية الوطنية خلال الفترة 2018-2022، إلاّ أن هناك تقدماً جيداً في محاور الشمول المالي الثلاثة وهي الوصول، والاستخدام، والجودة، كما أثبتت أن الجهود السابقة لم تذهب سدىً، بل أثمرت وتجاوزت الأهداف المخطط لها سابقاً، وسجلت تقدماً ملحوظاً في الوصول والاستخدام للقطاع المالي مقارنةً بنتائج التقييم المنفذ في عام 2016، فقد أظهرت النتائج أن نسبة الشمول المالي الآن بلغت 50.9% مقارنةً مع 36.4% في اام 2016، وترتفع النسبة إلى 54.2% عند إضافة نسبة امتلاك المحافظ الالكترونية والتي لم تكن موجودة سابقاً، علما أن النسبة التي كانت مستهدفة في الاستراتيجية ومخطط الوصول لها هي 50% كحد أدنى مع نهاية عام 2025.
وتابع أن النتائج أظهرت أيضا وجود تقدم ملموس في مستوى الثقافة المالية لدى المواطنين الفلسطينيين مقارنةً بما كانت عليه في عام 2016، فقد ارتفعت نسبة المواطنين الذين لديهم مستوى ثقافة مالية متوسط على الأقل من 41.3% في عام 2016 لتصل إلى 53.3% في عام 2022.
وأشار محافظ سلطة النقد إلى ما يشهده العالم من تطورات كبيرة ومتسارعة في ضوء التقدم التكنولوجي السريع، وثورة غير مسبوقة في مجال التقنيات والابتكارات المالية، التي غيرت بدرجة كبيرة الأنماط والأساليب التقليدية للعمل المصرفي، وأحدثت تغييرات جذرية في مشهد الخدمات المالية والأنشطة الاقتصادية بشكلٍ عام، بل وفرضت تحديات جوهرية أمام راسمي السياسات الاقتصادية.
وأكد أن سلطة النقد ملتزمة بمتابعة تطورات التكنولوجيا المالية والاستفادة منها وتمكينها على المستوى الوطني، مع المحافظة على التوازن بين المخاطر وحماية حقوق العملاء، والتركيز على فهم أعمق للسلوك المالي للأفراد والإرتقاء بجودة الخدمات المالية وتوفير خدمات جديدة تلبي احتياجات المواطنين، بما يسهم في تعزيز الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي بالرغم من التحديات والمعيقات كافة.
من جانبه، أشار قسيس إلى التقدم الحاصل في الشمول المالي على مستوى الوصول والاستخدام للخدمات المالية المختلفة مقارنة بما كانت عليه عند إطلاق الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي.
وأضاف أنه نتيجة للتطور الحاصل في الشمول المالي، وتعدد التجارب العملية على المستويين الإقليمي والدولي، وتراكم الخبرات على المستوى المحلي، وتداعيات جائحة "كورونا"، أصبح هناك فهم أعمق لواقع الشمول المالي وتطورات أدوات قياسه، ويأتي ذلك بالتزامن مع تطور واستخدام التكنولوجيا المالية في القطاع المالي وما أحدثته من تغيير في معطيات الشمول المالي، بحيث أصبح غير كاف الاستناد إلى مقياس واحد للشمول المالي بل هناك حاجة إلى استحداث مقاييس أخرى تغطي كافة المحاور المرتبطة به، وهو ما تم العمل عليه في فلسطين منذ عام 2019، إذ تم تطوير واعتماد مقاييس إضافية للشمول المالي من واقع بيانات جانب العرض تغطي المحاور الثلاثة الرئيسية للشمول المالي وهي الوصول والاستخدام والنوعية، وتم البدء باحتسابها على أساس سنوي منذ عام 2019.
وقال: من الضروري الإشارة إلى أن نتائج هذه المؤشرات تعزز ما تم التوصل إليه من نتائج إعادة تقييم الشمول المالي المنفذ في عام 2022، تحديدا من حيث الوصول والاستخدام.
وأكد قسيس أن أحد أهم أهداف مشروع إعادة التقييم هو التعرف على أبرز المحددات التي تحول دون تعزيز الشمول المالي في فلسطين، فقد أشارت معطيات نتائج التقييم إلى أن العامل الاقتصادي كان من أبرز المحددات في فلسطين، وهذا متوقع في ظل الواقع الذي يعاني منه الاقتصاد الفلسطيني، وانعكاسه على مستوى الوضع المالي للأفراد.
وأكد أنه يجب أن يؤخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في تعديل السياسات والتدخلات الواجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة، لا سيما وأن الشمول المالي ليس هدفاً بحد ذاته، وإنما عامل مهم وضروي يسهم في تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي وتعزيز الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لدى الأفراد والأسر.
وبيّن قسيس أن اللجنة الوطنية عملت على رسم الخطوط العريضة للسياسات الواجب اتخاذها خلال الفترة المقبلة، فيما تعمل الفرق المتخصصة على تعديل وتطوير خطة العمل ليتم إقرارها في القريب العاجل، وذلك على ضوء نتائج تقييم الشمول المالي.
بدوره، أشاد بوليتاوا بجهود فلسطين في تعزيز الشمول المالي وتحديداً بتعزيز الشمول المالي للنساء والشباب، وبحصول سلطة النقد الفلسطينية على جائزة أفضل دولة بتعزيز الشمول المالي للشباب للعام 2022 على مستوى الدول الأعضاء في التحالف العالمي للشمول المالي.
وتخلل الحفل، عرض شريط مصور لأهم نتائج المسح، وجلسة عرض ونقاش أهم توصيات ونتائج المسح والدراسات، والإجابة عن الاستفسارات.
ــــ