تنشغِل الأوساط السياسيّة والأمنيّة والإعلاميّة في كيان الاحتلال بالبحث عن إجابةٍ فيما إذا تمّ اتخاذ القرار المُشترك من قبل حزب الله اللبنانيّ وتنظيم (حماس) الفلسطينيّ بهدف إشعال الجبهتيْن الشماليّة والجنوبيّة، علمًا أنّهما يعرفان بأنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيجِد صعوبةً في اتخاذ قرارٍ بالحرب على وقع المظاهرات ضدّه، والتي ستتجدد اليوم السبت في جميع أرجاء الكيان.
وفي السياق، ما زالت أكثر تفاصيل التحقيق في عملية مفترق مجدو، التي وقعت يوم الاثنين الماضي، غيرُ واضحةٍ أوْ أنّ الرقابة العسكريّة في دولة الاحتلال تمنع الإعلام العبريّ من نشرها، بكلماتٍ أخرى، ما زال المخفي أعظم من المعلن، ولكنّ الإعلام العبريّ استغرب كثيرًا خروج مروان عيسى، نائب محمد ضيف، قائد الجناح العسكريّ لحماس في غزة أوْ (رئيس الأركان)، بتصريحٍ شاذٍّ جدًا، على حدّ تعبير المُستشرِق آفي إيسخاروف، حيثُ قال عيسى، الذي لا يتحدث كثيرًا في وسائل الإعلام: “أي تغيير على الوضع الراهن في المسجد الأقصى سيُحدِث هزّةً أرضيّةً في المنطقة”.
عيسى أضاف في تصريحه لإذاعة حماس (الأقصى)، بأنّ “إعطاء فرص للمقاومة في الضفة الغربية لا يعني تركها، ولا يعني أنّ غزة ستسقط. سندافع عن شعبنا عندما يتطلب التدخل”.
المُستشرق لفت في مقاله، الذي نشره بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، إلى أنّه “ليس واضحًا ما مدى دور (حزب الله) في عملية مجيدو، رغم أنّ الاشتباه الفوريّ هو أنّ التنظيم الشيعيّ ضالع بالفعل في هذه العملية، فاجتياز مقيم من لبنان (سواءً من أصلٍ فلسطينيٍّ أوْ غيره)، مع وسائل قتاليّةٍ وعبواتٍ ناسفةٍ بمستوى عالٍ نسبيًا، يترك بصمات عديدة جدًا تشهد على معرفة التنظيم بالحدث”.
وتابع: “ليس واضحًا أيضًا لماذا شغل “المخرب” إيّاه العبوة في مفترق مجدو ولماذا اختار محاولة العودة باتجاه لبنان، حيث كان لا يزال في حوزته حزام ناسف ووسائل قتالية. ربما تكون حقيقة العثور على “المخرب” بالوقت المناسب وتصفيته، منعت إصابات عديدة أخرى بين مواطني إسرائيل، ومنعت أيضًا تورطًا في أيام من التصعيد/القتال/الحرب تجاه جبهة أخرى، لبنان، الذي عرف منذ آب 2006 كيف يحافظ على الهدوء”.
وشدّدّ المُستشرِق على أنّه “هنا يدخل السؤال الأكبر من ذلك: لماذا سعى أحد ما في لبنان لخلق تصعيدٍ مع إسرائيل في هذا التوقيت تحديدًا؟ نحن على مسافة أسبوع فقط قبل رمضان، مع جملة أحداث في سوريّة في الأسابيع الأخيرة، وعملية كبيرة في إسرائيل كانت ستخلق لـ(حزب الله) الثأر الذي يبحث عنه منذ زمن ردًا على الهجمات بسوريّة والمسّ بمسؤوليه الكبار (منذ شباط 2008 لعماد مغنية)”.
وأضاف: “لكن لا يمكن أنْ يكون الثأر هو الدافع الوحيد للتوقيت الحالي. يمكن الاستنتاج من التصريحات الأخيرة لحسن نصر الله، بأنّ الرجل يشعر باهتزاز الأرض من تحت أقدام نتنياهو، ربّما يستنتج نصر الله بأنّ رئيس الوزراء الإسرائيليّ بالوقت الحالي (حيث الاحتجاج ضد الانقلاب النظامي يشهد زخمًا هائلاً ويلوي ذراع نتنياهو) هو أضعف من أيّ وقتٍ مضى، وسيخشى الخروج لمغامرةٍ عسكريّةٍ حتى لو نفذ هو عملية قتل فيها مواطنون كثيرون”.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، رأى المُستشرق أنّ “نصر الله يشم الدم، يشم الضعف السياسيّ لنتنياهو، وعلى ما يبدو يستخلص أنّ رئيس الوزراء، الذي كان منذ الأزل رجلاً حذرًا ومحافظًا على المستوى العسكريّ، سيكون في الفترة الحالية حذرًا، كما يعرف نصر الله بأنّ مواجهة عسكرية واسعة مع لبنان ستجر غير قليل من الاتهامات ضدّ نتنياهو لدى الجمهور الإسرائيليّ، وكأنّه يُحاوِل جرّ الكيان إلى الحرب كي يزود نفسه بخطة خروج من الانقلاب النظاميّ”.
وشدّدّ المُستشرِق على أنّ “تصريحات القياديّ في حماس مروان عيسى تؤكّد أنّ (حماس) أيضًا تطلق الإشارة بأنّها لن تقف مكتوفة الأيدي إزّاء المسّ بالمسجد الأقصى في أثناء شهر رمضان، أوْ بكلماتٍ أخرى: إذا حاول رجال وزير الأمن القوميّ إيتمار بن غفير الصلاة في أثناء عيد الفصح اليهوديّ داخل الحرم فسيؤدي هذا إلى تصعيد واسع”.
وخلُص المستشرِق إلى القول إنّه “رغم علامات الاستفهام العديدة، شيءٌ واحدٌ يتضّح هنا: إنّ التصعيد، وربّما في أكثر من ساحةٍ واحدةٍ، بات على الأبواب، وتركيز حكومة إسرائيل على الانقلاب النظاميّ في الجهاز القضائيّ لا يساعد في معالجتها، بل العكس، يزيد الخطر”، وفق تعبير المُستشرِق الإسرائيليّ.