احتجاج بملامح سموتريتش ودولة على شكل بن غفير..

الإثنين 06 مارس 2023 12:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
احتجاج بملامح سموتريتش ودولة على شكل بن غفير..



كتب غسان زقطان:

ذهبت حوارة بحرائقها إلى تل أبيب، تجولت ببيوتها المشتعلة وأشجارها المحطمة في وعي "الليبراليين" ولافتاتهم الباردة ومخاوفهم المترفة، لافتتها الوحيدة كانت "أنتم فعلتم هذا، كما كنتم تفعلون دائما".
في المشهد الرئيسي للمجاميع المحتجة في تل أبيب، يتضح أنه من الصعب على منظمي الاحتجاجات الليبراليين ضد حكومة نتنياهو مواصلة تجاهل الاحتلال وحصر غضبهم بخطة "إصلاح القضاء"، وحشر هذا الاحتجاج في مربع ضيق من الإقليم الفاشي الذي يخيم على "الدولة" ومنظومة "الأبارتهايد" التي تتصرف بكل شيء في إسرائيل، لم تنجح محاولة تجاهل العلم الفلسطيني في التظاهرات وإقصائه لئلا يشوه صفاء الاحتجاج الصهيوني، أو حزمة الرشوات التي قدمها الليبراليون عبر التصويت مع قوانين الفاشية، من سحب الجنسية من مقاومي الاحتلال إلى قانون إعدام الأسرى، لم تنجح رشوة الفاشية المتواصلة منذ تأسيس "الدولة"، في حوارة انكسر الخاتم وظهرت أصابع القاتل عارية من التعويذة، حرائق بيوت الفلسطينيين عبرت "الخط الأخضر"، تجاوزت الخط الوهمي المحصن بأوهام التبرير وتنظيف صور الجنود وبطولاتهم المعلقة في ذكريات العائلة، وبدت مضحكة أساطير الطلائع ونظافة السلاح، عبرت القرى المدمرة منذ النكبة التي تراكم الصبّار بين حجارتها منذ سبعة عقود، ووصلت شارع "كابلان" في تل أبيب في تظاهرة السبت، كان لا بد من "الخوف"، الخوف من التحديق في المرآة حيث سيكتشف الجميع أنهم بعد 75 من النكبة يحملون وجه سموتريتش، وأن "الدولة" التي يحاولون إنقاذها تحمل وجه بن غفير.
في مشهد جانبي خارج المجاميع، ينشر الكاتب الإسرائيلي "ادغار كريت" في "يديعوت أحرونوت" عن جولته للبحث عن اسم لما حدث في حوارة، كاتب إسرائيلي آخر، أقل حيرة من كريت، اهتدى إلى تسميتها "ليلة البلور في حوارة"، يبحث كريت عن اسم لمحرقة حوارة مع سائق تكسي، ولا يتفقان.
كريت الذي برز بقوة في العقد الأول من هذا القرن، يستخدم في أعماله سائق الحافلة العامة كمرآة للمجتمع الإسرائيلي، السائق الذي يتجول في الشوارع ويقف على المحطات ويراقب الناس وهم يصعدون إلى الحافلة ويهبطون منها، الذي يأخذ الناس إلى أعمالهم وقضاء حوائجهم ومواعيدهم ثم يعيدهم إلى محطاتهم الأولى ومنازلهم، السائق الذي يقود ويجلس في المقدمة ويتحكم في إغلاق الأبواب وفتحها، بحيث بدأ يحلم أن يكون إلها.
"سائق الحافلة الذي أراد أن يكون إلها"، هذا عنوان مجموعته الأولى، عندما قرأتها بدا لي أن هناك تأثيرات من شخصية "سعيد أبي النحس المتشائل" الرواية المدهشة للراحل اميل حبيبي، الآن يبدو أنه قرر أن يعود لسائق جديد يقود تكسي صغيرا يتجول في المدينة، سائق متردد أقل ثقة من سائق الحافلة، يحاول أن يهش بيديه، دون فائدة، حرائق حوارة التي تتبعه وتحيط به وتترك دخانها على الزجاج الأمامي من جهة الراكب.