نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرا عن التطورات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، قالت فيه إن جماعات مسلحة جديدة ظهرت، ومن الصعب على السلطة الوطنية وإسرائيل التعامل معها.
وجاء في تقرير المجلة، أنه وبمعايير العنف في النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، فقد كانت ليلة 26 شباط/ فبراير غير مسبوقة، حيث قام مئات من المستوطنين الإسرائيليين بعملية تخريب وتدمير في بلدة حوارة، التي يعيش فيها 7000 فلسطيني جنوبي نابلس. وقالت إن هيجانهم نبع من مقتل مستوطنين اثنين وسط البلدة في بداية ذلك اليوم. وقام المستوطنون على مدى أربع ساعات بحرق بيوت وسيارات الأهالي، وقتل رجل فلسطيني.
ووقف الجيش الإسرائيلي في معظم الوقت متفرجا. وقال فلسطيني وهو يتفقد المدخل المسودّ لبيته: “لقد أطلقوا القنابل المسيلة للدموع على الفلسطينيين الذين جاءوا للمساعدة”. ولم يتم تحديد هوية المسلح الذي قتل المستوطنين، ويُعتقد أنه مرتبط بجماعة “عرين الأسود”، وهي حركة مسلحة جديدة مقرها نابلس.
وأعلنت “عرين الأسود” مسؤوليتها عن سلسلة من العمليات، بما في ذلك قتل جندي إسرائيلي في تشرين الأول/ أكتوبر 2022. والدعم للجماعة يتزايد، وتنتشر ملصقات الأعضاء الذين قتلهم الجيش الإسرائيلي في سوق نابلس. وتبيع محلات الضفة الغربية، عصابات عليها صورة الشهيد إبراهيم النابلسي. وتمثل عرين الأسود نوعا جديدا من الجماعات الفلسطينية.
وعلى خلاف الحركات الأخرى، فالجماعة لا ترتبط بأي من الأحزاب الفلسطينية. وظهرت وسط عدم الرضا عن السلطة الوطنية التي تتبنى المقاومة السلمية، أمام الهجمات الإسرائيلية القاتلة، والاقتتال بين الفصائل الفلسطينية. وتقاوم الجماعة الأجندات المدروسة لحركتيْ حماس وفتح، كما يقول مازن دنبق، القائد السابق في كتائب شهداء الأقصى، وهي جماعة مرتبطة بحركة فتح و”هدفها الرئيسي هو مقاومة الاحتلال”.
ولكن الإسرائيليين والفلسطينيين يجدون صعوبة في التعامل مع الحركة الجديدة نظرا لطبيعتها المتنوعة وديناميتها. فلا توجد قيادة للتفاوض معها، في وقت لا يعمل بعض أفرادها مع الجماعات الأخرى.
وقال دنبق: “من المستبعد قيام السلطة الفلسطينية بشنّ أي عمليات ضدهم… هم صوت الشارع الفلسطيني وصوت الشعب، ولا يمكنك السباحة ضد التيار”.
وتملأ “عرين الأسود” فراغا في القيادة داخل السلطة، كما تقول تهاني مصطفى، المحللة في الضفة الغربية لمجموعة الأزمات الدولية ببروكسل. وأضافت: “فتح أصبحت مغلقة بشكل كبير، وتقف مع كل شيء ولا شيء”، وفقدت الجماعات المحلية ذات الدعم المحلي، السيطرة. ولكن عندما تدعو جماعة عرين الأسود للعمل، يستجيب الشعب.
ويخشى المراقبون في الخارج من تصاعد العنف. وفي أثناء الهجوم على حوارة، كان المسؤولون الفلسطينيون والإسرائيليون يتناقشون في مدينة العقبة بحضور أردني ومصري وأمريكي لتخفيض التوتر قبل بدء رمضان نهاية الشهر الحالي. وتحاول السلطة لعب دور في تدجين الجماعات المسلحة من خلال عرض رواتب مقابل تسليم السلاح وتوفير حماية للمطلوبين لإسرائيل في سجون فلسطينية، ووافقت قلة على ذلك، بينما واصل الآخرون القتال.
وكلما زادت الغارات الإسرائيلية، كلما تفاقم التوتر كما تقول مصطفى. وفي الوقت نفسه، تعمل حكومة بنيامين نتنياهو التي تعتمد على المتطرفين الدينيين، على زيادة التوتر، ولم يشجب نتنياهو العنف في حوارة، بل دعا إلى عدم أخذ القانون باليد.
وفوق ذلك، هناك أعضاء في تحالف نتنياهو يصطفّون علنا مع المستوطنين، من بينهم أحد أعضاء الكنيست من حزب القوة اليهودية الذي يتزعمه وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في حوارة. ودعا وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إلى “محو” حوارة.
وفي اليوم التالي، قاطع نواب الحزب جلسة في الكنيست، وانضموا بدلا من ذلك لمستوطنين في بؤرة استيطانية يحاول الجيش هدمها، ودعوا إلى إجراءات متشددة ضد الفلسطينيين. وقال أحد أعضاء الحزب: “يجب أن يكون نتنياهو جديا إذا أراد أن لا يرى أحداثا مثل حوارة”.