اسيا العتروس: انهضي نابلس …اسيا العتروس

الأربعاء 01 مارس 2023 10:40 ص / بتوقيت القدس +2GMT
اسيا العتروس: انهضي نابلس …اسيا العتروس



ليس أمام نابلس الجريحة ولا جنين الشهيدة  ولا كل المخيمات والقرى المحيطة بها  من حوارة الى زعرة و بورين و جبل النار الا ان  تستعيد انفاسها و ترفع رأسها و تنهض من كبوتها وتستكمل ما بداته في مسارها ضد الاحتلال ..لا احد يملك رفاهية الخيار عندما يتجه الاحتلال لمحاصرة وخنق الاهالي وجعلهم رهائن محتجزين في سجون  الضفة المفتوحة.. لا وقت  للنحيب و لا مجال لاعلان الحداد او فتح بيوت العزاء الحزن كما الفرح مؤجل والاولوية اليوم للوقوف مجددا على الاقدام حتى وان تم بترجزء منها ..ما حدث في نابلس وجنين جريمة جديدة ضد الانسانية تضاف لسجل الاحتلال البغيض …
صحيح ان المأساة عظيمة و الجريمة بشعة والنزيف مستمر و ما حدث يرقى الى جرائم الحرب و لكنها لا تجد طريقها الى الجنائية الدولية كما هو الشان بالنسبة للجرائم المرتكبة  في اوكرانيا و صحيح أن حصيلة الضحايا ثقيلة على الاهالي الفلسطينيين وحدهم الذين خذلهم الجميع من اقرب الاجوار الى ابعد الاشقاء .. و لكن المنطق يفترض أن المرحلة لا تقبل الانكسارأو الجمود والاستسلام وما حدث يفترض استعادة ما سبق من مجازر بقيت بلا محاسبة لان الجلاد  يعتقد انه اكتسب حصانة دائمة من كل الجرائم و لكنها حصانة مصطنعة و ستزول بزوال اسبابها و لكن المشهد الراهن لا يؤشر الى ذلك و يحتاج بالتاكيد الى الارادة الصادقة والجرأة و القدرة لاسقاط هذه الحصانة المزيفة ..
أيام قليلة فصلت بين المجزرة المفتوحة في نابلس التي ارتكبها  جيش الاحتلال و بين محرقة حوارة التي  اشترك في ارتكابها قطعان المستوطنين والتي استفاق على وقعها الفلسطينيون بالامس  ليقفوا على حجم الخراب والدمار الذي أصابهم بتواطؤ معلن بين القوات الاسرائيلية وبين جيوش المستوطنين المسلحين الذين يتنقلون تحت حماية قوات الاحتلال بما يعني بكل بساطة أن كل مستوطن هو في الواقع جندي ضمن المنظومة الامنية الاسرائيلية و انهم يتحركون دون وازع او رادع
كل المؤشرات تؤكد ان المشهد في فلسطين المحتلة يتجه للتصعيد و الى حالة من الاحتقان غير المسبوق ربما منذ الانتفاضة الثانية , و الاكيد أن ما عاشت  و تعيش على وقعه نابلس اعلان بأن الة الاحتلال الهمجية لن تقف عند حد و لن تتوانى عن استهداف النشطاء الفلسطينيين كلما اوجعوا الاحتلال و اصابوه في معاقله المحاطة باقوى و اخطر انواع السلاح … و قد وصف السفير البريطاني لدى إسرائيل نيل ويجان، أمس  مشاهد اعتداء المستوطنين على أهالي بلدة حوارة وحرق المنازل والمركبات بـ المروعة..موقف لا يستحق ان يذكر او يشكر فلولا الصمت المريب و الدعم غير المحدود للاحتلال و تجاهل الجرائم البشعة لما حدث ما حدث في نابلس او في أي نقطة من الارض الفلسطينية المحتلة …

ad

المستوطنات سرطان لا يتوقف عن التمدد و ابتلاع مزيد الارض و تهويد ما بقي ..و مهمة الاستيطان اوكلت للمستوطنين الذين يحضنون بالحصانة المطلقة في اختيار المواقع التي يتجهون للسطو عليها و طرد و تشريد اهلها …
الاخطر في علاقة بجريمة نابلس و ما بعدها انها تتزامن مع قمة العقبة و التي اصطلح على وصفها بقمة خفض التصعيد  المنعقدة على البحر الاحمر بمشاركة فلسطينية اردنية اسرائيلية و امريكية و التي تم جر السلطة الفلسطينية اليها لتكون في موقف شاهد الزور و العاجز عن أي دور يمكن بمقتضاه صد الاحتلال..وهي القمة التي تحتاجها حكومة ناتنياهو اليمينية المتطرفة للخروج  لمنحها جرعة اوكسيجين و الهروب من  المأزق الداخلي الذي وقعت فيه مع تواتر الاحتجاجات في الشارع الاسرائيلي و لكن ايضا للحد من الانتقادات الاوروبية و الامريكية لمشاريعها التوسعية ..و ليس في وارد التوقعات ان تلتزم تل ابيب بمخرجاتها او ما صدر عن بيانها الختامي الذي حمل توقيع دماء الضحايا الفلسطينيين …لسنا في اطار تبرير مشاركة السلطة الفلسطينية و لا ايضا نحن في اطار ادانة او وصم هذه المشاركة التي لن تقدم للفلسطينيين الكثير او القليل و لكن الامر يتعلق بضرورة العودة لتحديد البوصلة التائهة و الخروج من دائرة الضياع في ظل الانقسامات و تعدد الازمات داخليا و خارجيا مع تراجع القضية عن مكانتها اقليميا و دوليا و تلاشي ما حمله بيان قمة الجزائر من امال بدفع عجلة المصالحة الفلسطينية التي بدونها لا يمكن كسب أي معركة اعلامية او سياسية او قضائية او ديبلوماسية رغم عدالة القضية التي لا تقبل التشكيك او المزايدة و التي للاسف فقدت الكثير من زخمها بعد ان تحولت الى موضوع قابل للمتاجرة  والمقايضة في المحافل الدولية والاقليمية ولكن في خدمة التطبيع و تعزيز العلاقات مع سلطة الاحتلال بدل محاصرتها و ادانتها ومحاسبتها والتشهير بجرائمها أمام المجتمع الدولي …انهضي نابلس و لملمي جراحك فلا احد سيفعل ذلك بدلا منك ولا وقت اليوم للنحيب …
كاتبة تونسية