حضور السياسة..عمرو الشوبكي

الأربعاء 15 فبراير 2023 11:03 ص / بتوقيت القدس +2GMT



حضرت السياسة في زلزال تركيا وسورية، فرغم أن الطبيعي أن يكون الحضور الوحيد للجوانب الإنسانية، التي يجب أن تعلو على أي حسابات سياسية، إلا أن الواقع يقول، إن السياسة حضرت بصور مختلفة بعضها كان «حميدا» وبعضها الآخر «خبيثا».
الجانب الحميد تمثل في تقارب حصل بين دول بينها صراعات تاريخية عميقة وخلافات سياسية حالية مثل تركيا واليونان، فقد زار وزير خارجية اليونان تركيا، وتابع جهود الإنقاذ للفرق اليونانية، التي قال، إنها أنقذت ٥٠ تركيا حيا من بين الأنقاض، وإنها ستبذل جهودها لإنقاذ المزيد.
لقاء وزيري تركيا واليونان خطوة للأمام، والحديث الودي الذي دار بينهما خطوة أخرى في اتجاه تطبيع العلاقات بين البلدين رغم تباين وجهات النظر في بعض الملفات، «وأن الجار الجيد يظهر في وقت الشدة»، كما ذكر مولود شاويش أوغلو، وزير الخارجية التركي.
يقينا، لولا مأساة الزلزال ربما ما تمت هذه الزيارة للوزير اليوناني، كما أن الوجه الأوروبي لتركيا ظهر أيضا عقب الزلزال، فالمساعدات الكبرى والأكثر تأثيرا جاءت من أوروبا وأميركا، كما حضرت الفرق الروسية والصينية، ولم تغِب المساعدات العربية، وخاصة القطرية.
صحيح أن الحضور العالمي في تركيا أمر محمود، في بلد دفع ما يقرب من ٣٠ ألف متوفى و١٠٠ ألف مصاب ثمنا لهذا الزلزال، إلا أنه بسبب السياسة تراجعت المساعدات المقدمة لسورية، فالمساعدات الدولية التي دخلت من معبر باب الهوى إلى الشمال السوري كانت محدودة، حيث تسيطر المعارضة، كما أنها لا تتعامل مباشرة مع فصائل المعارضة، وليس للأمم المتحدة تمثيل مباشر هناك، إنما هي تتعامل مع منظمات وسيطة لا تمثل الفصائل المعارضة ولا الأمم المتحدة، ما يُعقد وصول هذه المساعدات.
وكل مَن شاهد صور دخول الشاحنات من المعبر التركي الوحيد سيكتشف قلتها ومحدوديتها، أما المساعدات التي قُدمت للنظام السوري فكانت أكبر، ولكنها تظل محدودة، فباستثناء المساعدات الكبيرة التي قدمتها روسيا وبدرجة أقل الصين بجانب مساعدات الجزائر وفلسطين ومصر وبعض الدول العربية الأخرى، غابت تماما المساعدات وفرق الإنقاذ الغربية بسبب العقوبات المفروضة على النظام، والتي يدفع ثمنها الشعب.
إن هذا التقسيم السياسي الذي فصل بين أبناء الشعب الواحد، حتى في وقت الزلزال، يجب أن يتوقف، فالمساعدات يجب أن يستفيد منها كل السوريين، وما سيصل إلى الحكومة السورية لا بد أن يوزع بالتساوي على كل المناطق وفق احتياجاتها وليس وفق توجهها السياسي.
السياسة الحميدة حضرت في تركيا، ويجب أن تصل إلى سورية، أي أن تكون هذه الكارثة فرصة لتجاوز جانب من الانقسامات السياسية «الخبيثة»، وهو أمر جرى في دول كثيرة، وشهدناه في تركيا، وحان الوقت أن يصل إلى سورية بأن تكون كارثة الزلزال فرصة لكي يتوحد الشعب السوري، حتى لو اختلف في السياسة.