تسلل عمال الإنقاذ بشق الأنفس تحت كتل الألواح الخرسانية وهم يدعون ربهم بالنجاة لأنفسهم ولمن قد يجدونهم أحياء، وتكللت جهودهم بالعثور على رضيع عمره عشرة أيام فقط، ظل حيا لأربعة أيام مع والدته في مبنى منهار.
واستقبل المسعفون الطفل التركي ياجيز أولاس ببطانية دافئة ونقلوه إلى مركز طبي ميداني في سامانداج، بمقاطعة هاتاي، اليوم الجمعة. وأظهرت صور فيديو من وكالة إدارة الكوارث التركية عمال الطوارئ وهم ينقلون والدته التي كانت ضعيفة وشاحبة في حالة ذهول لكنها تدرك ما يجري.
وأنعش إنقاذ عدد من الأطفال معنويات الطواقم المنهكة التي تبحث عن ناجين في اليوم الخامس بعد زلزال كبير ضرب تركيا وسوريا المجاورة وأودى يحياة أكثر من 22 ألف شخص.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرتها أجهزة التصدي للكوارث أنه تم إنقاذ سبعة أطفال على الأقل اليوم الجمعة وألهم صمودهم المذهل فرق البحث التي أنقذت أيضا عددا من البالغين من تحت الانقاض.
وعملت أطقم إنقاذ، من بينها فرق متخصصة من عشرات البلدان، طوال الليل وسط أنقاض آلاف المباني المحطمة. وفي درجات حرارة شديدة البرودة. وكان العمال يطالبون بالتزام الصمت بينما يرهفون السمع ليلتقطوا أي صوت يدل على حياة وسط أكوام الخرسانة.
وأظهر مقطع مصور من وزارة الدفاع التركية عمال إنقاذ يرتدون ملابس برتقالية دسوا أنفسهم في فجوة أسفل مبنى متهدم ليجدوا طفلا صغيرا يبكي والغبار يملأ عينيه قبل أن يهدئوا من روعه ويمسحوا وجهه، في بلدة كهرمان مرعش التركية، على بعد 200 كيلومتر شمالي سامانداج.
وأطل وجه خائف لصبي آخر من مبنى مدمر تماما، وغلبت صيحاته صوت آلات التنقيب والإزالة التي تحاول إنقاذه صباح اليوم الجمعة في مدينة ديار بكر ذات الأغلبية الكردية التي حولت قوة الزلزال التي بلغت 7.8 درجة وتوابعه المباني السكنية إلى أكوام من الأنقاض والركام.
وبعد أن صنع عمال الإنقاذ حفرة أوسع، أسعفوا الطفل بالأكسجين وحملوه بعيدا وتبعته والدته، مثلما حدث في حالة الطفل ياجيز، بعد 103 ساعات من وقوع الزلزال.
وفي نورداجي بالقرب من إسكندرون في تركيا، قال إسباني من فرق الإنقاذ “لقد أمسكت به، لقد امسكت به، هيا بنا” وهو يسحب طفلا يبلغ من العمر عامين من أحد المباني المنهارة.
ونقلت سلسلة بشرية من وحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية الصبي، مسلم صالح، إلى خيمة دافئة، وبعد دقائق أخرجت شقيقته إليف البالغة من العمر ست سنوات، ثم والدتهما جميعهم على قيد الحياة.
وقال أوريليو سوتو المتحدث باسم وحدة الطوارئ العسكرية الإسبانية “لم يحتاجوا لكثير من العلاج، فقط الحب والدفء والماء والقليل من الفاكهة”.
وعلى الجانب الآخر من الحدود في سوريا، استخدم رجال الإنقاذ من مجموعة الخوذ البيضاء أياديهم فحسب حتى عثروا على قدمين عاريتين تبين بعدها أنهما لفتاة صغيرة تم انتشالها شاحبة وحزينة بعد أيام تحت الانقاض لكنها مازالت على قيد الحياة.
وأمس في مدينة أعزاز السورية، اجتمع شمل جمعة بايزيد بابنه إبراهيم البالغ من العمر 18 شهرا الذي لم يره منذ وقوع الزلزال الذي دمر منزل العائلة وأودى بحياة زوجته وابنته.
وعثر رجال الإنقاذ على الصبي تحت الأنقاض ونقلوه إلى المستشفى، حيث نشر زوجان صورا له على وسائل التواصل الاجتماعي على أمل العثور على أي من أقاربه.
ووقف بايزيد، في عيونه دموع وفي وجهه آثار لجروج ودماء، مذهولا حين سمع صوت ابنه يناديه. لكنه تقدم نحو الصبي ليقبله. وقال بايزيد إنه ما زال يبحث عن ابنه الآخر مصطفى.