يضيق الوقت شيئا فشيئا أمام الآلاف من عمال الإنقاذ في تركيا وسوريا، بينما يحاولون إخراج العالقين من تحت أنقاض الزالزالين اللذين ضربا المنطقة، يوم الاثنين، في كارثة أحدث دمارا هائلا، وسط تقديرات بأن تؤثر على حياة الملايين من الأشخاص.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، فإن 16 ألف من رجال الإنقاذ في تركيا يخوضون سباقا ضد الزمن لأجل البحث عن ناجين، فيما أعلن متطوعون أجانب قدومهم إلى البلاد لأجل المساعدة.
وخلف الزلزالان أكثر من 3549 قتيلا في تركيا حتى الآن، في حين تخطى عدد الضحايا في سوريا 1700 قتيل، وسط توقعات بأن تتفاقم الحصيلة خلال الأيام المقبلة.
ونقلت الصحيفة عن خبير الإنقاذ الإندونيسي، لودي كوروا، الذي اعتاد تقديم المساعدة في الخارج على مدى 15 عاما، أن عدة عقبات تعترض إخراج العالقين.
وقال الخبير الإندونيسي "الأشخاص الذين نقوم بإنقاذهم يكونون من المصابين، كما أنهم تحت الأنقاض، ونحن لا نعرف العمق الذين يوجدون تحته".
وأضاف أن العالقين قد يكونون في وضع صعب ومؤلم للغاية، كأن تكون أرجلهم مهشمة مثلا بسبب ما تساقط عليها، أو أن عظامهم قد أصيبت بكسور شديدة "وبالتالي، فهم لا يستطيعون بالضرورة أن يصرخوا لطلب النجدة".
في المنحى نفسه، يشرح دافيد لويس، وهو عضو في هيئة دولية لتنسيق خدمات الإنقاذ، انطلاقا من أستراليا، أنه في بعض الأحيان تم العثور على ناجين بعد أربعة أو حتى خمسة أيام من وقوع الزلزال.
ويجري إطلاق وصف الفترة الذهبية على الفترة التي تمتد حتى اليوم الثالث بعد وقوع الزلزال، لأن الآمال تضمحل بعد ذلك، فيصعب العثور عن ناجين.
وأضاف الخبير أن المدة التي يستطيع الشخص العالق أن يعيشها تعتمد على الوضع الذي علق فيه، مثل عنصر الحرارة، ومدى قدرته على الوصول إلى الطعام والماء.
والشخص الذي يعلق في مطبخ مثلا أو بين الجدران، فيكون لديه متر أو أمتار ليتحرك، ليس كمن علق في حيز ضيق للغاية بين جدارين يوشكان على السقوط.
توقيت النوم
وأوضح لويس أن العقبة الأخرى هي توقيت الزلزال، لأنه وقع بينما الناس نيام في بيوتهم، وربما كان كثيرون سينجون من الكارثة لو وقع نهارا وبعضهم في أماكن خارجية.
وبما أن الزلزال وقع في جوف الليل، والناس نائمون، فإن أغلبهم كانوا في حالة استلقاء على الأسرة، وهو ما يعني أنهم كانوا تحت أسقف الغرف، أي ربما وقعت الأنقاض عليهم بشكل مباشر.
وبحسب توصيات الخبراء، فإن الشخص الذي يباغته الزلزال وهو داخل البيت عليه أن يختبئ تحت أثاث ثقيل، مثل الطاولة أو المكتب، تفاديا لسقوط الركام على رأسه.
وفي حال علق الشخص الموجود في البيت داخل غرفة النوم، فإن ذلك يجعله غير قادر على الوصول إلى الطعام والماء الموجودين في المطبخ.
وفيما يتواصل أنين العالقين تحت الركام، يحتاج عناصر الإنقاذ إلى معدات ضرورية لأجل إنجاز مهمتهم في الوقت المطلوب، وسط تحدي البرد.
ويضطر الكثيرون من عمال الإنقاذ في جنوب تركيا إلى النزول في مطارات بعيدة والانتقال إلى موقع الكارثة عبر شاحنات تستغرق وقتا للوصول.
عقبة الطقس
تشكل ظروف الطقس عقبة أمام جهود الإنقاذ، نظرا إلى البرد القارس وتساقط الثلوج في عدد من المناطق التي تعرضت للزلزالين في كل من تركيا وسوريا.
في مركز الزلزال، مثلا، بمدينة كهرمان مرعش، شمالي غازي عنتاب، تنزل الحرارة إلى ما دون الصفر خلال فترة الليل، وهذا الأمر يصعب تحمله من عناصر الإنقاذ ومن العالقين تحت الأنقاض على حد سواء.
وإذا كان الشخص العالق يستطيع أن يصبر ليوم أو اثنين أو حتى ثلاثة في الظروف العادية، فإن شدة البرد تنذر بتقصير هذه المدة، فيصبح الهلاك محدقا بشكل أسرع.
ولا يقتصر الأمر على تدني درجة الحرارة، بل إن الثلوج تساقطت في عدة مناطق من سوريا وتركيا، خلال الأيام الأخيرة.
وبحسب منصة "مايو كلينيك" الطبية، فإن انخفاض درجة الحرارة يؤثر على عمل القلب والجهاز العصبي وباقي الأعضاء الحيوية في جسم الإنسان.
وفي حال لم يجر التعامل بسرعة مع هبوط درجة الحرارة في جسم الإنسان، فإن ذلك ينذر بوقوع فشل في القلب وجهاز التنفس، وربما خطر الوفاة.