وثائق بريطانية تكشف : بوش سعى لإسقاط عرفات خلال انتفاضة الأقصى وهذا ما حدث ..

الثلاثاء 31 يناير 2023 12:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
وثائق بريطانية تكشف : بوش سعى لإسقاط عرفات خلال انتفاضة الأقصى وهذا ما حدث ..



القدس المحتلة/ سما/

أوعز الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش، في العام 2001، بالبحث عن خليفة محتمل للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بعد تصاعد انتفاضة الأقصى، وفق ما كشفت وثائق بريطانية. وذكرت "بي بي سي" اليوم، الثلاثاء، أن الأمر الذي أصدره بوش جاء بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد، في العام 2000، بين عرفات ورئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود باراك، والرئيس الأميركي حينها، بيل كلينتون. وسعى باراك إلى إفشال هذه المفاوضات.

وأشارت الوثائق البريطانية، التي جرى كشفها مؤخرا، إلى أن بوش توقع أن يستخدم أريئيل شارون، الذي خلف باراك في رئاسة الحكومة، قطاع غزة من أجل الدفع نحو انقسام بين الفلسطينيين. وتتناول الوثائق المباحثات والاتصالات التي جرت بين بريطانيا والولايات المتحدة بعد شهور قليلة من بدء ولاية بوش وفريقه، الذي سيطر عليه المحافظون الجدد، في كانون الثاني/يناير عام 2001. وكانت انتفاضة الأقصى التي اندلعت بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى، نهاية أيلول/سبتمبر 2000، في أوجها.

وطالبت إدارة بوش الزعيم الفلسطيني بوقف الانتفاضة تمهيدا لبدء مفاوضات أمنية مع إسرائيل. واستخدمت الفيتو لإجهاض مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب ببحث مقترح بأن تشكل الأمم المتحدة قوة مراقبة لحماية المدنيين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. وبعد ذلك جرت مباحثات هاتفية بين بوش ورئيس الوزراء البريطاني، توني بلير، تمحورت حول الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأبدى بلير في هذه المباحثات "قلقه" على عرفات، وفقا لمحضر المباحثات الذي كتبه سكرتير بلير الشخصي، جون سويرز. وقال إن الزعيم الفلسطيني "وصل إلى أقصى حدود ما يمكنه فعله بشكل بنّاء. وهو يعمل فقط على الاحتفاظ بموقعه". وأضاف أنه "لم يعد لديه ما يقدمه أكثر مما قدم"، في إشارة إلى أنه قدم كل التنازلات الممكنة.

ووافق بوش على أقوال بلير، وادعى أن عرفات "ضعيف ولا منفعة منه". وكشف عن أنه طلب من وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) البحث عن خلفاء محتملين للزعيم الفلسطيني. غير أنه قال إن الوكالة "بحثت في المشهد الفلسطيني بدقة، وخلصت إلى أنه ليس هناك خليفة متاح".

وبعد نحو أربع سنوات توفى الزعيم الفلسطيني، في 11 تشرين الثاني/نوفمبر عام 2004، في فرنسا بعد فشل الجهود الطبية لإنقاذه من نزيف دماغي نجم عن مادة سامة أدخلت إلى جسده. واتهم فلسطينيون وعرب إسرائيل باغتياله.

18 عاما على استشهاد ياسر عرفات: "ملف اغتياله قضية وطنية مفتوحة"
وألقى أبو عمار عام 1974 كلمة باسم الشعب الفلسطيني، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وحينها قال جملته الشهيرة "جئتكم حاملا بندقية الثائر بيد وغصن زيتون باليد الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر

ولم تشر الوثائق إلى موقف بلير من مخطط بوش للبحث عن خليفة لعرفات. إلا أن التقييم البريطاني العام، آنذاك، هو أن واشنطن تؤيد أفعال إسرائيل في التعامل مع الانتفاضة، بما في ذلك استهداف أفراد الدائرة الأمنية المقربة من عرفات.

فقبل 24 ساعة من اتصال بلير وبوش، كتب سويرز تقريرا قال فيه إن "فريق بوش اتخذ مواقف متشددة بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط، حيث أعطت تعليقات بوش الليلة الماضية، التي طالب فيها عرفات بوقف العنف، فعليا مباركته لضربات إسرائيل لحرس عرفات الشخصي".

خلافات داخل إدارة بوش

استمرت إسرائيل حينها تنفيذ عملية عسكرية تستهدف حراس عرفات، وقتلت أحدهم في ضربة بطائرة هليكوبتر بزعم المشاركة في هجمات على أهداف إسرائيلية. وتكشف الوثائق أن سعي بوش للبحث عن خليفة لعرفات كان مخالفا لموقف وزير الخارجية الأميركي، كولين باول.

وتحدث بأول خلال لقائه مع بلير مع في واشنطن بحضور بوش، قبل ذلك بخمسة أسابيع، عن مخاوفه من سقوط الزعيم الفلسطيني. وقال "لو انهارت السلطة الفلسطينية، سنفقد عرفات". وعلق بوش واصفا أبو عمار بأنه "تاجر جيد"، لكنه أضاف أنه "ليس متأكدا من أنه يمكنه إبرام اتفاق" مع إسرائيل.

واشترط باول "السيطرة على العنف أولا" قبل أن تشارك الولايات المتحدة بفعالية في حل المشكلة. وقال إنه "سوف يبلغ الأطراف الإقليمية بأن الولايات المتحدة سوف تشارك بقوة، ولكن بواقعية"، مضيفا أنه "فقط عندما تكون الأطراف مستعدة للمشاركة، يمكن أن تؤدي الولايات المتحدة دورا فاعلا".

وعبر نائب الرئيس الأميركي، ديك تشيني، عن موقف مماثل. وقال لبلير إن إدارة بوش "لن تتسرع بشأن عملية السلام في الشرق الأوسط"، حتى "يقرر شارون ماذا سيفعل"، بعد تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وتوقع تشيني بأن يسحب شارون العرض الذي قدمه سلفه باراك في مفاوضات كامب ديفيد مع أبو عمار، وقال إن "هذا لن يكون مقبولا على عرفات". وادعى تشيني أن قادة دول الخليج مستاؤون من "تفاوض عرفات نيابة عن العرب بشأن القدس".

إدارة الصراع بدل حلّه

في أعقاب ذلك، اقترح بلير على الإدارة الأميركية خطة بديلة للتعامل مع الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني المتصاعد، تركز على إدارة الصراع طالما استعصى حلّه حتى "لا يسيطر المتطرفون من الجانبين" على المشهد.

وحدد بلير الشروط الدنيا اللازمة لتطبيق اقتراحه، قائلا إن "الحد الأدنى لذلك هو: مسؤولية الفلسطينيين هي إعادة إقرار الأمن، ومسؤولية الإسرائيليين هي تحسين الاقتصاد" الفلسطيني. وأضاف "النقطة المحورية هي تجنب الإخفاق في تحقيق أي منهما".

وأشار بلير إلى أن شارون في موقف أقوى. وفسر ذلك قائلا إن "أحد الآمال في الشرق الأوسط تكمن في أن التوقعات العربية من شارون متدنية لدرجة أنه ليس مضطرا لأن يفعل الكثير لتحقيق تقدم".

ورد بوش بأن إدارته "تريد العمل مع مصر والأردن بشأن المشكلات الحالية. وتفكيرها المبدئي هو جمع المسؤولين الأمنيين من الجانبين للحديث معا، ما يؤدي لاحقا إلى حوار سياسي".

وعبر بوش عن "أمله في أن يشجع المصريين على العودة إلى المشاركة بفعالية" في مساع لتسوية الصراع". أما الأردن، فقد وصف بوش ملكه الجديد حينها، عبد الله الثاني، بأنه "ضعيف". وتعهد بأن "تساعده الولايات المتحدة باتفاق للتجارة الحرة، إن وافق الكونغرس".

وفيما عبّر بوش عن "اعتقاده بأن شارون أدرك أهمية تأسيس عملية لإشراك المعتدلين"، فإنه كشف عن تنبؤ إدارته بأن شارون يخطط لإثارة الفرقة بين الفلسطينيين. وقال إن "أحد مباعث القلق هو شكه في أن شارون ربما يحاول (اتباع سياسة) فرق تسد عن طريق فصل فلسطينيي غزة عن فلسطينيي الضفة الغربية". وأكد لبلير بأن الولايات المتحدة "تراقب باهتمام".

وبعد أربع سنوات، تحققت نبوءة الإدارة الأميركية، بتنفيذ شارون خطة الانفصال أحادية الجانب عن قطاع غزة، عام 2005، ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن الفلسطينيون من توحيد صفوفهم.

ورغم تصاعد انتفاضة الأقصى، أبلغ بوش رئيس الوزراء البريطاني بأن إدارته "سوف تتحلى بالصبر". واعتبر أن "نهجه هو عدم الاستسلام، بل الواقعية"، مضيفا أن "هناك ضغوطا هائلة من جماعات الضغط كي تشارك الولايات المتحدة (في حل الصراع)، لكنها سوف تأخذ وقتها. ولا يمكنها فرض السلام".