صاندي تايمز: الأحداث في الضفة والقدس ستقود إلى انتفاضة ثالثة

الأحد 29 يناير 2023 04:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
صاندي تايمز: الأحداث في الضفة والقدس ستقود إلى انتفاضة ثالثة



لندن/سما/

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” مقالا لمراسلها في إسرائيل أنشيل بيفر، تساءل فيه إن كانت أحداث الأسبوع الأخير في الضفة الغربية والقدس ستقود إلى انتفاضة ثالثة.

وقال إن حكومة المتطرفين في إسرائيل التي وصلت إلى السلطة قادت لتسابق قادة اليمين المتطرف والوزراء فيها لإطلاق تصريحات نارية.

فقد تحدث وزير السياحة الجديد، حاييم كاتز، وهو من اعضاء حزب الليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو عن إنعاش السياحة في “توسكاني المحلية بتاعتنا.. يهودا والسامرة” وكان يتحدث مستخدما الوصف العبري للأراضي الفلسطينية المحتلة، مشيرا إلى المستوطنات اليهودية في توسكاني المعروفة بإيطاليا.

وترى الصحيفة أن أي فكرة لإرسال السياح إلى توسكاني في الضفة الغربية تبخرت هذا الأسبوع عندما اتخذ العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين منعطفا حادا للأسوأ.

وأشار الكاتب إلى مجزرة جنين يوم الخميس الماضي، التي قتلت فيها قوات الاحتلال تسعة فلسطينيين بينهم سيدة مدنية.

وفي ليلة الجمعة، فتح مسلح فلسطيني النار على يهود في القدس، مع أن معظمهم يُعرفون، كما تقول الصحيفة، بالمستوطنين لأن المنطقة هي جزء من الضفة الغربية المحتلة، وقتل سبعة منهم في الهجوم.

وكان المهاجم هو خيري علقم (21 عاما) من القدس الشرقية، حيث قُتل برصاص الشرطة الإسرائيلية، ويبدو أنه تصرف بمفرده ولم يعرف عنه انتماؤه لأي فصيل فلسطيني. ولا يعرف إن كان يريد الانتقام لجنين، كما يقول الكاتب.

ومهما كانت دوافعه، فهو ينضم إلى سلسلة طويلة من الفلسطينيين الذين تصرفوا بشكل فردي، وحاولوا في الأشهر التسعة الماضية قتل إسرائيليين. والفرق في كل العمليات السابقة، هو أن علقم نجح في إطلاق النار الذي استمر لخمسة دقائق، مخلفا حصيلة لم تشهدها إسرائيل منذ 15 عاما.

ويرى الكاتب أن معظم المهاجمين الفرديين فقدوا أفرادا من عائلاتهم في الصراع. وقُتل قريب بعيد لعلقم على يد القوات الإسرائيلية قبل أسبوع في مخيم شعفاط القريب من القدس. وظهر مثال آخر يوم السبت، عندما حاول شاب أصغر من علقم، يقطن بلدة سلوان في القدس عمره 13 عاما، مهاجمة مستوطنين، أب وابنه كانا يسيران قريبا من المنطقة، واستطاع الابن ورجل شرطة ليس في الخدمة إطلاق النار على المهاجم وجرحه.

ويقول سكان سلوان إن الفتى كان يريد الانتقام لمقتل قريب له على يد الشرطة الإسرائيلية الأسبوع الماضي، وزعمت أن هذا القريب كان يلقي قنابل حارقة.

وأُطلق اسم خيري على اسم جده الذي قتل عام 1998، على يد متطرف يهودي، اعتقلته الشرطة الإسرائيلية، لكنها أفرجت عنه بسبب عدم توفر الأدلة، وفق زعمها. وأحد أصدقاء المشتبه به، هو إيتمار بن غفير، وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو.

ويقول الكاتب إن دوامة العنف والموت، تجعل من الصعوبة بمكان، تحديد أي من الحوادث على أنها المحفز للهجمات، والتكهن بتصعيد جديد.

وبعد نهاية الانتفاضة الثانية، زاد الصراع في سلسلة من تبادل الصواريخ والعمليات العسكرية ضد حركة حماس في غزة والتي كانت تنتهي في أيام أو أسابيع، ثم تتبعها هجمات الذئاب المنفردة في الضفة الغربية والقدس الشرقية تمتد أحيانا على عدة أشهر. لكن المد الأخير مستمر منذ تسعة أشهر ولا توجد أي إشارة على تراجعه. ولا يستبعد أن يتوسع لانتفاضة ثالثة، نظرا لوجود العناصر التي تغذيها. ويواجه نتيناهو وضعا أمنيا خطيرا في حكومته الجديدة التي ملأها بالمتطرفين الذي يطالبون بإجراءات قاسية. لكنه يعرف ألا حل سريعا للوضع باستثناء إرسال الجيش الإسرائيلي للمدن الفلسطينية، مما يعني مزيدا من القتلى.

ويواجه الفلسطينيون أوضاعا معنوية متدنية، فلم تعد قضيتهم تحظى بانتباه العالم، وآخر محاولة جادة للحل هي الأمريكية عام 2014. كما فقدوا الثقة بقيادتهم، خاصة الزعيم محمود عباس البالغ من العمر 87 عاما، والذي يحكم منذ 19 عاما تقريبا. وهم يواجهون حكومة إسرائيلية متطرفة سياستها الرسمية هي توسيع المستوطنات في الضفة الغربية وضمها بشكل عملي. ولم تؤد الانتفاضة الثانية إلى نتائج للفلسطينيين، بل إلى اقتصاد مدمر، بحسب قول الكاتب. وهذا هو السبب الرئيس لعدم ظهور انتفاضة جديدة، ولكن بعد 23 عاما من الانتفاضة الثانية، هناك جيل جديد من الفلسطينيين بدون أمل، وليس لديهم ما يخسروه لو بدأوا انتفاضة جديدة.

ورأت صحيفة “أوبزيرفر” في تقرير لمراستها بيثان ماكرنان، إن دوامة العنف الجديدة في الأراضي المحتلة تركت الفلسطينيين وسط دورة من القتل الدموي. وأشارت إلى حادثة القدس، لكنها أيضا تحدثت عن إطلاق المستوطنين النار على ثلاثة فلسطينيين قرب نابلس. وقالت: “أيام التصعيد الدموي هذه لم تحدث من فراغ، فقد زاد التوتر منذ ربيع العام الماضي، حيث زادت عمليات الطعن بالسكاكين والأسلحة وأدت إلى عمليات للجيش الإسرائيلي أطلق عليها “عملية كسر المياه” وهي أكبر عملية خارج وقت الحرب”.

وقادت هذه العملية لأكثر السنوات دموية في تاريخ النزاع منذ الانتفاضة الثانية، وأدت لمقتل أكثر من 150 فلسطينيا و33 إسرائيليا عام 2022. وبدأ العام الحالي دمويا، فقد قُتل 32 فلسطينيا. وفي الوقت نفسه، تفقد السلطة الوطنية الشرعية والسيطرة، فقد نشأ الجيل الجديد بقيادات غير مهتمة بتغيير الوضع القائم. وينظر إليها كمتعهد فرعي للاحتلال الإسرائيلي. وهناك جيل من المسلحين الذين لا تربطهم روابط قوية مع أي من الفصائل الفلسطينية، سواء حماس أو فتح، يحظى بشعبية ويملك السلاح المهرب من الأردن أو المسروق من الجيش الإسرائيلي.

 وأدى ظهور حكومة متطرفة في إسرائيل لإمكانية عودة العنف. فقد أصبح نتنياهو رهينة لدى شركائه المتطرفين مقابل حصوله على حماية من الملاحقات القانونية بالفساد. ومن الصعب التكهن فيما سيحدث لاحقا، إلا أن دراسة مسحية فلسطينية- إسرائيلية نشرت حديثا، وجدت أن نسبة 61% من الفلسطينيين، و65% من اليهود الإسرائيليين، قالوا إن انتفاضة ثالثة باتت تلوح بالأفق.

وتمت الدراسة المسحية في كانون الأول/ديسمبر، ووجدت أن الدعم لعملية السلام في أدنى مستوياته. وهناك زيادة للكفاح المسلح بين الفلسطينيين، إلى جانب عدد كبير من اليهود الذين يدعون الجيش إلى شنّ عملية عسكرية كبيرة لتحطيم القدرات العسكرية للفلسطينيين. وتزيد هذه التوجهات كما تقول داليا شيندلين، صاحبة الدراسة “في آخر مرة كانت الغالبية من الجانبين تدعم حل الدولتين بناء على حدود عام 1967” ولكن “الدعم للنظام غير الديمقراطي قد تفوّق على حل الدولتين ولأول مرة.. وبات السلام في المنطقة بعيدا أكثر من أي وقت مضى”.