أقدم للأسيرين المحررين أسمى كلمات التهنئه والمباركه بمناسبة حصولهما على الحريه بعد أربعين عاماً من الاعتقال.
لقد دخلتم المعتقل في بداية عام 1983، اربعين عاماً مضت ، حدث الكثير من التغيرات في هذه الفتره على صعيد قضيتنا.. في بداية عام 1983 لم تكن قد جفت دماء شهدائنا في صبرا وشاتيلا ، بعد أن تركنا القائد الملهم في ليل طويل . كان يسعى إلى الحل السلمي الموهوم والذي أقنعه به الأمير فهد بن عبد العزيز في ربيع ٨٢ من خلال مبادرته قبل أن يصبح ملكاً . كان المقاومين و جميع الجبهات ضد الهروله في متاهات المفاوضات والتنازلات .
كان القرار واضحاً بالانقلاب والتآمر على البندقيه والفصائل المقاومه ، للتفرغ للحل السلمي والمفاوضات العبثيه والتنازلات . تفرق الاخوه والرفاق الى الشتات بعيداً عن دول الطوق . وتفرغ القائد الملهم للمفاوضات التي أسفرت عن اتفاقية أوسلو المشؤومة، والتي تعادل النكبه والنكسه مجتمعتين .
في فترة غيابكم في الأسر تم إلغاء بنود من الميثاق الوطني الفلسطيني ، وتم نبذ العنف أو بالأحرى التخلي عن البندقيه، وتم الاعتراف بالمستعمر وأحقيته في فلسطين ، وتم التنازل عن 80 % من أرض فلسطين للعدو . وولد المولود المشوه من رحم مفاوضات أوسلو إسمه السلطه الفلسطينيه . لتقوم هذه السلطه بتقزيم منظمة التحرير بل وحتى إلغائها. وأصبحت هذه السلطه الوطنيه ذراعاً امنياً جديداً للعدو الصهيوني.
هذا هو واقع فلسطين حالياً. يؤسفني أن أبشركم بهذا الخبر في اليوم الذي عانقتم به الحريه. وبهذا عدنا إلى الوراء لما قبل البدايات، فالثوره التي انطلقت في ستينات القرن الماضي لتحرير ما فقدناه في النكبه عام 48، الان نعترف بهذا الفقد لصالح عدونا، وبالمناسبه، لم يعد اسمه العدو الان، انه الجار العزيز.
ثورتنا التي ناضلنا جميعاً من أجلها ودخلتم انتم المعتقلات لمدة أربعة عقود.. استشهدت.. عظم الله أجركم وأجر الشعب الفلسطيني بهذه الثوره. الثوره ماتت بعد الاجتياح في العام 82 وشيعت في العام 93 إلى مثواها الأخير في أوسلو.
لم يتبقى لنا سوى بعض المنتفعين الذين يتنافسون على التركه.. أحد الفلاسفه قال “إن الدهاه والمفكرين يضعون فكر الثوره وفلسفتها ويقودها القاده الثوار، ويحصد نتائجها الانذال والانتهازيين والفاسدين”. وهذا ما حصل في ثورتنا.
جماعه من المنتفعين، اغتالوا الثوره، واستبدلوا الكلاشنكوف ببطاقات VIP، ذوي الوجوه الصفراء مثل أوراق الخريف التي ستسقط مع أول زخة مطر. وفي هذا السياق لا أستثني الفصائل اليساريه التي لحقت بركب أوسلو من الخزي “فمن يتبع الغراب يوصله إلى الخراب”.
لا تعتقدوا بأن السلطه سعت إلى تحريركم مع باقي المعتقلين من أقبية سجون العدو. فأنتم ضمير الثوره وهؤلاء باعوا ضمائرهم الى الشيطان، ولا يحبون أن يروا ضمير الثوره مشرعاً سيفه في وجوههم .
اعلمكم بأن تل أبيب من يعين رئيس السلطه، وها هم المتنافسين على منصب الحاكم العسكري الإسرائيلي لمدينة رام الله يقدمون سيرتهم الذاتيه وأوراق اعتمادهم إلى تل أبيب. وكل منهم يتعهد بجلد شعبنا بأبشع الصور ليحصل على هذا المنصب.
عندما اعترفت منظمة التحرير بالعدو الصهيوني وبأحقيته بأرضنا الفلسطينيه، تم رفع العتب عن بعض الانظمه العميله لتدخل في ما يسمى بالتطبيع العلني مع العدو تحت مقولة ” لن نكون ملكيين أكثر من الملك”.
هذا ما حصل.. ضاعت الثوره ما بين عميل ومتصهين ومستعرب… انتهت الثوره كما انتهت ثوره ال 36. لكن الشعب الفلسطيني ولاد، وسوف يشعل ثوره جديده بأساليب حديثه منبثقه من رحم المعاناه. نعم نحن بحاجه إلى ثوره جديده ، لن نستكين لهذا الواقع ولهذا الاستعمار الاستيطاني . فالمناضلين يخوضون يومياً المواجهات والمعارك مع العدو بقراراتهم الفرديه وبدون تغطيه من الفصائل.
نحن بحاجه الى ثوره جديده تكنس العملاء وأولهم هذه السلطه النجسه لنعود لمبدأنا فلا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني. ثوره ترسم حدود الوطن من البحر الى النهر. وتشرعن جميع الأساليب العسكريه وغيرها من اجل تحرير فلسطين .
الأمل لن يخبو وسوف ننتصر وتتحرر فلسطين ويندحر الاستعمار كما اندحر من كل دول العالم.
اهلاً وسهلاً بكم كريم وماهر في وطنكم فلسطين، فأنتم القاده الحقيقيون للشعب الفلسطيني، أنتم من بقي قابضاً على جمر الفكره، فالثوره هي الفكره.
تحيا فلسطين وتحيا الثوره.
كاتب فلسطيني