انقسامات إسرائيلية بلا استراتيجية فلسطينية ..

الخميس 12 يناير 2023 03:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
انقسامات إسرائيلية بلا استراتيجية فلسطينية ..



كتب د. فايز أبو شمالة:

الأوضاع الداخلية في إسرائيل، ستفرض على الحكومة اليمنية التوجه إلى الخارج، وإنجاز عدة ضربات هنا وهناك، بهدف توحيد الصف، ولملمة شمل الدولة التي انقسمت على نفسها، وهذه وصفة ميكافيلي للأمير، عندما أوصاه بإجاد عدو خارجي، كلما انقسم الشعب في الداخل، فالعدو الخارجي يوحد الصفوف التي انشقت، وتمزقت بين مؤيدين للعلمانيين داخل المجتمع الإسرائيلي، ويمثلهم يائير لابيد وغانس وقادة حزب العمل، وبقية المعسكر المعادي لنتانياهو، وبين معسكر اليمين المتدين، والذي يمثله نتانياهو متحالفاً مع مجموعة الأحزاب الدينية والصهيونية
الانقسام بين اليهود ليس حديثاً، وليس مستغرباً، وهو قائم في كل لحظة، فقد انشق اليهود وفق تاريخهم على أنفسهم أكثر من مرة، كان أخطرها تمرد اليهود في مملكتهم الأولى على الملك رحبعام، ابن الملك سليمان بن داوود، كما يزعمون، والذي هدد شعبه، قائلاً: “أبي عذبكم بالسياط، وأنا سأعذبكم بالعقارب”، وكانت النتيجة انقسامهم إلى مملكة إسرائيل في الشمال، ومملكة يهوذا في الجنوب.
ولا فرق من وجهة نظري بين الماضي الذي قادة الملك رحبعام، وبين الحاضر الذي يمثله تسفيكا فوغل عضو الكنيست عن حزب “العظمة اليهودية”، وهو عميد متقاعد في الجيش الإسرائيلي، قال لليهود: إنه ينبغي حبس رئيس الوزراء السابق، وسياسيين آخرين، لقيامهم بدعم التظاهرات الاحتجاجية على التغيير المزمع في الجهاز القضائي، والتحذير من حرب أهلية.

هذا الانقسام بين العلمانيين الذي يشكلون العمود الفقري للجيش، وهم أصحاب رأس المال، وبين الصهاينة المتدينين، الذين يشكلون العمود الفقري للعقيدة، وهم أصحاب التوراة، كما قال موشي غفني من حزب يهوديت هتوراة، هذا الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي قابل للتصاعد، والوصول إلى حرب أهلية، ما لم يتدارك نتانياهو المشهد، ويخرج إلى حرب خارجية، توحد الإسرائيليين، وتشغلهم عن انقسامهم الداخلي.
الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة التي يقودها نتانياهو تدرك مسؤوليتها، وتعرف سبل الخروج من حالة الانقسام، وستحرص على عدم تعذيب اليهود لا بالسياط ولا بالعقارب، وإنما ستعذب الفلسطينيين بكل أشكال العنف والإرهاب، وستوجه عدة ضربات على رأس الشعب الفلسطيني، وستشعل المنطقة كلها، كأفضل مخرج من حالة الانقسام، ولا أظن أن نتانياهو يجهل حقيقة الترف الزائد والاطمئنان، ودوره في صب الزيت على فتيل الانقسام، وبالتالي فإن التوجه إلى الخارج، وتعذيب المنطقة بالقرارات المتشددة، واستفزاز الشعوب، هو الحل السحري لحالة الانقسام التي يعاني منها المجتمع الإسرائيلي.
المرحلة القادمة ستشهد عدة هجمات إسرائيلية باتجاه الأسرى الفلسطينيين، وأخرى باتجاه المسجد الأقصى، وثالثة ضد مدن ومخيمات الضفة الغربية، ورابعة تتعلق بفرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وذلك يعني الضم الفعلي، وخامسة ضد غزة ومقاومتها، وسادسة ضد الشعب العربي في الأردن، وأخرى ضد لبنان وشعبه، وهكذا، سيفتعل نتانياهو عدة معارك خارجية، تهدف إلى تشتيت الانتباه، وإضعاف قدرة الفلسطينيين والعرب على الرد، وهذا الذي يفرض على الشعب الفلسطيني وقياداته السياسية الاصطفاف خلف استراتيجية لا ترى بداً عن المواجهة والتصعيد.
كاتب فلسطيني