سجّل السعوديون هدفين خلال فوزهم التاريخي على الأرجنتين، لكنّ انتصارهم المفاجئ والمدوي حقّق هدفاً أكبر تمثّل باصطفاف المجتمعات العربية خلفهم احتفاء بإسقاط رفاق ليونيل ميسي.
واحتفل السعوديون بانتصارهم على الأرجنتين في شكل صاخب في الدوحة بمشاركة مشجعين من عدة دول عربية، كانوا يرفعون أعلام بلدانهم وبينها تونس والمغرب ومصر ولبنان والأردن.
وقال الأردني أحمد القاسم الذي تلحّف علم بلاده في منطقة المشجعين المطلة على مياه الخليج: "هذا انتصار تاريخي للسعودية. انتصار كبير لكل العرب".
وتابع الشاب بصوت منخفض "ربما لست من أنصار سياسات النظام السعودي، لكنني سعيد بهذا الانتصار الكروي العظيم".
فور انتهاء اللقاء في الدوحة، أطلق مواطنون قطريون العنان لأبواق سياراتهم، ولوحوا بأعلام البلدين، وذلك بعد أقل من عامين على انتهاء المقاطعة التي قادتها السعودية ضد قطر واستمرت لأكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة.
وأمس، قالت شابة قطرية عرّفت عن نفسها باسم عنود: "كان هناك خلاف سياسي بين الحكومتين لكنه انتهى ونحن بالنهاية شعب واحد لخليج واحد".
وتابعت عند باب مركز تجاري رفقة ابنتها "طوينا صفحة المقاطعة خلف ظهورنا".
وكانت السعودية والبحرين والإمارات ومصر قطعت العلاقات مع الدوحة في حزيران 2017 متهمة إياها بالقرب من إيران ودعمها جماعات متطرفة، وهو ما نفته قطر. لكن في كانون الثاني 2021، اتفقت هذه الدول على إعادة علاقاتها مع الإمارة الثرية.
والثلاثاء، حضر أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني المباراة مرتدياً وشاحاً أخضر بلون قميص المنتخب السعودي. وقبلها بأيام كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يحضر لقاء الافتتاح واضعاً وشاحا باللون العنابي الذي يرمز لقطر.
وقد أضاء برجان في الدوحة واجهتيهما الزجاجيتين بعلم السعودية الأخضر، في مشهد لم يكن تخيله ممكناً قبل أقل من عامين.
واحتفت الصحف القطرية الصادرة الأربعاء بالانتصار السعودي الكبير. وعنونت "الراية" في ملحقها الرياضي "سواها (فعلها) الأخضر ... تاريخية مدوية"، فيما كتبت الوطن "يا سلامي عليكم يا السعودية".
ينقسم العالم العربي حول الكثير من النزاعات والقضايا التي تثير مواقف سياسية متعارضة، من الأراضي الفلسطينية واليمن إلى سورية وليبيا وغيرها. وكثيراً ما تغذي الاختلافات المذهبية هذه النزاعات.
وتقود السعودية نفسها تحالفاً عسكرياً في اليمن دعماً للحكومة المعترف بها دولياً منذ العام 2015.
وفي مدينة تعز اليمنية الخاضعة للحكومة، أطلقت الألعاب النارية مساء الثلاثاء احتفالاً بانتصار السعودية.
واعتبرت أستاذة العلوم السياسية في جامعة القاهرة نيفين مسعد أن الفوز "لحظة عاطفية بامتياز" و"إثبات للذات العربية" خصوصاً أنه جاء "عن استحقاق وأمام فريق كبير ومرشح للقب" البطولة.
أضافت لفرانس برس: "ربما لم يعد بالإمكان تحقيق عروبة سياسية، لكن باتت هناك أشكال مختلفة للعروبة بين الشعوب... عروبة رياضية".
وأضافت إنّ "الفوز يثبت أن العرب لديهم ما يجمعهم أكثر مما يفرقهم".
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بمنشورات الاحتفاء بالفوز السعودي، مع مشاركة عدد كبير من الصور التي تسخر من الفريق الأرجنتيني.
وتضاعفت فرحة العرب الثلاثاء بخطف تونس نقطة التعادل من الدنمارك القوية، ثم المغرب نقطة أخرى من كرواتيا وصيفة 2018، لكنّ كل الاهتمام بقي منصباً على الفوز السعودي غير المتوقع.
ورفع فوز السعودية من طموحات جماهيرها، بتجاوز مرحلة المجموعات للمرة الأولى منذ مونديال 1994.
وقال الشاب خالد عبدالله 23 عاماً الذي ارتدى قميص بلاده الأبيض: "نشعر أن جميع العرب هنا خلفنا. فرحتنا واحدة"، آملاً في أن يساعد ذلك بلاده مع تدفق الجماهير السعودية على "المضي بعيداً في البطولة".