اعتبر محللون عسكريون إسرائيليون أن تفجير العبوتين الناسفتين في القدس، صباح اليوم الأربعاء، نفذته خلية مسلحة فلسطينية تنتمي لتنظيم لديه خبرة قديمة في عمليات كهذه، وأن المنفذين ربما ينتمون إلى حركة حماس أو حركة الجهاد الإسلامي، فيما اعتبر محلل أنه توجد مؤشرات تدل على أن المنفذين ينتمون إلى تنظيم "داعش".
وبحسب المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإن التفجيرين يبدوان كعمل نفذته خلية "مدربة نسبيا". وأضاف أن تنفيذ التفجيرين استوجبا تخطيطا مسبقا لوضع العبوتين الناسفتين في محطتي حافلات مختلفتين، وجمع معلومات استخباراتية مسبقة، وتركيب العبوتين ووضعهما والانسحاب من دون التعرض للاعتقال، وبعد ذلك تفجيرهما عن بعد، خلال فترة قصيرة.
وأضاف أن هذا ليس عمل شخص واحد "وثمة شكا إذا كان هذا عمل تنظيم محلي جديد على غرار ’عرين الأسود’ من نابلس. وإنما توجد هنا علامات لنمط عمل منظمة ذات خبرة، مثل حماس أو الجهاد الإسلامي. ولن يكون مفاجئا إذا اتضح لاحقا أنه عملت خلية من القدس الشرقية وربما من خلال مساعدة وتمويل خارجي".
وأشار هرئيل إلى أن التفجيرين في القدس، في محطتين للحافلات، أعادا إلى أذهان الإسرائيلية العمليات الانتحارية في الانتفاضة الثانية. وأضاف أن رئيس حزب "عوتسما يهوديت" الفاشي، إيتمار بن غفير، المرشح لتولي منصب وزير الأمن الداخلي في حكومة نتنياهو المقبلة، أطلق تصريحات في موقع أحد التفجيرين وطالب بتنفيذ اغتيالات، مثلما اعتاد في الماضي على إطلاق التصريحات المنفلتة. "لكن بن غفير اكتشف لأول مرة في حياته أن عليه أن يزود إجابات وليس اتهامات فقط. والحلول التي اقترحها كانت مستعملة".
كذلك دعا عضو الكنيست تسفيكا فوغل، من "عوتسما يهوديت" أيضا وهو ضابط في الاحتياط برتبة عميد، إلى قصف الفلسطينيين بطائرات وصواريخ ومدافع ودبابات. ولفت هرئيل إلى أن "نتنياهو يعلم أن الظروف معقدة أكثر وأن قادة جهاز الأمن يتحفظون حتى اليوم من عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة. لكنه سيضطر إلى إلقاء شيء ما إلى شركائه. وما يُطهى على نار هادئة أو متوسطة منذ ثمانية أشهر (منذ بداية موجة العمليات المسلحة في آذار/مارس الماضي)، قد يتحول إلى مواجهة أوسع إثر تزامن الظروف الجديد: ضعف سيطرة السلطة الفلسطينية، نمو خلايا إرهابية محلية وحكومة يمين ستُشكل قريبا في إسرائيل".
ووصف المحلل العسكري في صحيفة "يسرائيل هيوم"، يوآف ليمور، التفجير المزدوج في القدس بأنه "العملية الأخطر التي وقعت داخل إسرائيل منذ الانتفاضة الثانية. ولا تنبع خطورتها فقط بسبب عدد المصابين الكبير وعودة الخوف إلى شوارع القدس، وإنما من القدرة على صنع عبوات ناسفة ناجعة وإدخالها إلى داخل الخط الأخضر وتفجيرها في أماكن مزدحمة".
وأضاف ليمور أن التفجير يدل على وجود مختبر متفجرات تُصنع فيه عبوات ناسفة "ذات نجاعة مثبتة. وهذه قنبلة موقوتة. بأي عبوة ناسفة كهذه قد يتم إدخالها في أي وقت إلى إسرائيل. وبإمكان مختبر كهذا صنع حزام ناسف لاستخدامه في عمليات انتحارية. ولعمليات كهذه قدرة هائلة على القتل، كما أن تأثيرها النفسي أكبر بكثير. ولذلك، فإن جهود الشاباك، صباح اليوم، مركزة على العثور على المسؤولين عن تفجير العبوتين في القدس".
بدوره، استبعد المحلل العسكري في موقع "واينت" الإلكتروني، رون بن يشاي، أن حماس كانت تعلم مسبقا بالتفجيرين. واعتبر أنه "بالإمكان ترجيح من قد تكون لديه مصلحة ومن يتميز بنمط العملية القاتلة، وثمة إمكانية أن هذه عملية نفذها عناصر ينتمون إلى تنظيم ’داعش’ أو يريدون الانضمام إليه أو مقربين منه".
وأضاف أنه "ليس مؤكدا أن للانفجارين علاقة مباشرة لموجة الغليان القومي العنيف الذي يمرّ حاليا على الشبان الفلسطينيين، الذين يتباهون بأفعالهم من خلال تيك توك. ويبدو أن منفذي التفجيرين هم أفراد خلية منظمة وخططت لهما جيدا".
وأشار بن يشاي إلى أن "حماس والجهاد الإسلامي توجهان عملياتهما في السنوات الأخيرة نحو قوات الأمن أو عناصر الأمن بالأساس. والعبوات الناسفة التي فُجرت عن بعد تُميز عناصر داعش الذين عملوا في أوروبا وهنا أيضا. وربما أنهم بحثوا أيضا عن استهداف مكان يتجمع فيه يهود متدينون، الأمر الذي قد يلمح إلى الطبيعة الدينية الإسلامية للمنفذين".