عقدت جمعية "كيان- تنظيم نسوي"، بالتعاون مع منتدى "جسور" النسائي القطري، مؤتمرهما السنوي، تحت عنوان "السلطات المحلية – ممنوع الاقتراب"، لتسليط الضوء على انتخابات السلطات المحلية العربية التي تقع فيها النساء بين مطرقة القمع الذكوري وسدّان سطوة الإجرام.
وعقد المؤتمر في فندق "رمادا – أوليفييه" بمدينة الناصرة بمشاركة واسعة، افتتحته وتولت إدارته روزين عودة، التي رحبت بالحضور وتحدثت عن هدف المؤتمر الرافض للاستسلام لمظاهر العائلية والطائفية والإصرار على أخذ دور مؤثر، من منطلق أن السلطات المحلية ليست حكرا على أحد ويجب تنظيفها من العائلية والطائفية وعصابات الجريمة، وشكرت كل من ساهم في إنجاح المؤتمر.
من جانبها، رحبت بشرى عواد من منتدى "جسور" النسائي القطري، التي عرّفت الحضور على المنتدى وأهدافه في بناء الجسور بين التنظيمات النسائية في كل البلدات العربية، من منطلق أن الهم واحد والمشاكل التي تواجه النساء تتكرر في كل البلدات العربية، وأن للمرأة العربية الفلسطينية التي تعيش داخل أقلية الحق في التمرد على التمييز والقمع في السلطات المحلية، الذي يضاف إلى قمع وتمييز الاحتلال الذي يمارس عليها كامرأة فلسطينية.
وجرى عرض فيلم قصير يظهر عدم تقبل المرأة في مواقع التأثير واتخاذ القرارات، والحد من مشاركتها إدارة شؤون الحيز الذي تعيش فيه بذريعة أن العمل البلدي غير ملائم للنساء!
وناقشت مركّزة المجلس النسائي "كنز" في دير حنا وهو اختصار لـ"كيان نسائي زاهر"، جهينة حسين، ما جاء في الفيلم ورسالته الذكورية التي تنتقص من حق المرأة، وتفضيل الرجل لمجرد ذكوريته حتى وإن كانت المرأة أكثر منه جدارة. وقالت إن النساء قادرات على اتخاذ القرارات الصائبة بعيدا عن المحسوبيات والعصبيات الطائفية وغيرها، وأنه من العدالة أن تحصل المرأة على فرص متساوية مع الرجل.
وشاركت في الجلسة الأولى للمؤتمر مركزة مشاريع جمعية "كيان"، هاجر أبو صالح، وقدمت مداخلة تحت عنوان "العائلية والطائفية: أشكال القمع الذكوري للصوت النسوي.. ماذا نفعل؟"، مضيفة في مداخلتها أن استطلاعات الرأي العام تظهر بأن 69% من الجمهور العربي يؤيد ترشح النساء لعضوية السلطات المحلية، و80% منهم يؤيدون ترشح المرأة لرئاسة السلطة المحلية، لكن هناك فجوة شاسعة ما بين الواقع وما تظهره المعطيات التي لا تعدو كونها شعارات.
وقدم طالب الدكتوراة والباحث في معهد جنيف للدراسات العليا، خالد عنبتاوي، مداخلة تحت عنوان "السلطة المحلية كمنظومة سيطرة وتسييس للبنى الاجتماعية"، تحدث فيها عن تغلغل الطائفية في المجتمع، وتحوّل السلطة المحلية من أداة للتنمية إلى أداة لقمع التنمية، وتحدث عن فكرة الطائفية بمعناها المجرد لا الديني، مشيرا إلى معنى الانتماء للجماعة حتى وإن لم يكن الشخص متدينا، وبعيدا عن قيم الدين. واستفاد عنبتاوي من نموذجي مدينة شفاعمرو وكفر ياسيف لتوضيح عملية تغلغل الطائفية منذ ما قبل عام 1948 استغلها بعد ذلك وساندها الاحتلال من خلال قمع الحركات السياسية والأحزاب وبناء الحيز العام.
وفي الجلسة الثانية للمؤتمر، قدمت مركّزة مشاريع جمعية "كيان"، ليان دريني، مداخلة حول "إقصاء النساء والشباب من السلطات المحلية في ظل منظومة استعمارية ومجتمع ذكوري"، تطرقت خلالها إلى العيش في ظل الاحتلال وإلى جانب المحتل، وقالت إن "أصعب شيء ممكن أن تفعله هو أن تعيش مع المحتل"، لأنه يسيطر على الاقتصاد والسياسة والإنسان ويصهر وعيه ويتعامل معه بفوقية بعد أن يرسم له صورة نمطية بأنه (أي الواقع تحت الاحتلال) أقل شأنا ومكانة من المحتل، وعرضت نماذج مترجمة تدرّس في المدارس العربية تظهر "فضل" الاحتلال على البلدات العربية.
وقدم المختص في محاربة الجريمة والعنف والعلاقة مع الشرطة، رسول سعدة، مداخلة مثيرة حاول من خلالها تحليل ظاهرة العنف والجريمة المنظمة من خلال عدة محاور أهمها التهميش والتمييز والفساد الإداري في منظومة الحكم المحلي، وثقافة الفقر، والتحوّل الذي طرأ في سلك الشرطة من مؤسسة تقدم الخدمات للمواطن إلى مؤسسة أمنية ترى في المواطن العربي خطرا أمنيا، وهذا التحول بدأ منذ العام 1978 وبلغ ذروته في هبة أكتوبر 2000، ثم عن انتقال الجريمة المنظمة منذ العام 2004 إلى الشارع العربي بعد ترحيلها عن المدن اليهودية، والتي بدأت بالعصابات المنظمة لدى الشرقيين ومن ثم العصابات الروسية بين القادمين الجدد والتي تتمركز اليوم في المجتمع العربي، وقد تنتقل في المرحلة المقبلة إلى اليهود المتدينين.
وفي الجلسة الثالثة للمؤتمر تحدثت سميرة عزام عضو المجلس المحلي في عسفيا عن قائمة "عسفاوية أنا" والمحامية ريم أسدي عضو المجلس المحلي في دير الأسد، والمحامي أشرف محروم عضو بلدية الناصرة السابق عن "شباب التغيير"، وتحدث كل منهم عن تجربته في العمل البلدي، والتحديات التي واجهت كل واحد منهم.