حيت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة فتح، اليوم الأربعاء، الذكرى الثانية لرحيل المناضل الوطني الكبير صائب عريقات.
وحضر فعالية إحياء الذكرى التي عقدت بمقر منظمة التحرير بمدينة البيرة، عدد من أعضاء اللجنة المركزية، وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، ووزراء، وقناصل ودبلوماسيون.
وقال نائب رئيس حركة فتح محمود العالول في كلمته: إن رحيل صائب عريقات ترك فراغاً هائلاً بين رفاقه وإخوته، فكان على علاقة متميزة بالجميع، فهو ليس شخصاً عادياً بل كان رجل مرحلة، ولديه علاقة متميزة مع الشهيد الراحل ياسر عرفات، والرئيس محمود عباس.
وأضاف، كان عريقات رجلاً فريداً في كافة مراحله النضالية منذ كان شاباً، ومحاضراً في الجامعات، حيث كان لذلك الأثر في غرس العمل النضالي بين طلابه، وترافق ذلك مع اندلاع الانتفاضة الأولى.
وتابع العالول: "لعل أبرز محطاته المميزة هي مشاركته ضمن الوفد الأردني في مؤتمر مدريد عام 1991، حيث ظل مرتدياً طيلة أيام المؤتمر الكوفية الفلسطينية، لحرصه على إظهار الهوية الفلسطينية والانتماء لها".
وأشار إلى أن عريقات كان يكره الجمود في عمله، بل كان يحمل أفكاراً جديدة في العمل الوطني، إضافة إلى أنه قاوم وواجهة حالة العزلة التي كانت تعانيها القضية الفلسطينية في فترة من الفترات، خاصة بعد تسلم دونالد ترامب الإدارة الأميركية، والتي حاولت خلال فرض العزلة على القضية.
وأردف العالول: "تميز الراحل بالفرادة، والفرادة هي أن يتسلم مهام ليست بالشعبوية، مثل مهام متابعة المفاوضات مع إسرائيل، إلا أن هذه المهام هي وطنية وجزء من العمل الوطني، فكان يفاوض ومتمسك بشدة بالثوابت والحقوق الفلسطينية".
ومن جانبه شدد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، إن الراحل عريقات كان مقتنعاً منذ بداية عمله النضالي أن الشعب الفلسطيني سينتصر في معركته، من أجل الوصول إلى الحرية والاستقلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
وقال: المناضل عريقات لعب دورا رئيسيا على الصعيد الدولي من خلال متابعته واتصالاته اليومية مع المسؤولين في معظم دول العالم والمؤسسات الدولية بفضح السياسات الأميركية والإسرائيلية، وبأنها تمثل انتهاكا للقوانين الدولية ولقرارات الشرعية الدولية الخاصة بالصراع الفلسطيني– الإسرائيلي".
وأضاف أبو يوسف: "حرص عريقات أن يكون هناك برنامج استراتيجي للكفاح الفلسطيني، وهذا ما كان يؤكد عليه في جميع اللقاءات التي يعقدها، وذلك لحرصه على أهمية الدفاع بكل قوة عن الثوابت الفلسطينية".
ومن ناحيتها، قالت دلال ابنة القائد الراحل عريقات، إن ارث والدها باقٍ، فقد حمل الكوفية على كتفه وعمل بإخلاص إلى جانب الرئيس محمود عباس، والشهيد أبو عمار، على تكريس وجود منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
وتابعت: "قضى في مقر منظمة التحرير أكثر من الوقت الذي قضاه معنا كعائلة، فعريقات رحل جسداً وبقيت مدرسته الفكرية".
وأضافت عريقات: "في وصفه بعلاقته بأبي عمّار يقول إن علاقته مثل أي جندي بقائده فأنا ابن حركة فتح، حيث جندت في أول خلية شكلت في مدينة أريحا ضد الاحتلال الاسرائيلي عام 1968، وأثناء دراستي في الولايات المتحدة الأميركية انتقلت لعضوية الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وكنت رئيساً لمنظمة الطلبة العرب لأربع سنوات متتالية، وعندما عدت بعد نهاية الماجستير عام 1979 عقدت عدة لقاءات مع فيصل الحسيني وأكرم هنية، وبعد هذه اللقاءات عدت إلى مكاني الطبيعي إلى حركة فتح في ذات العام".
وأردفت: "يحدثنا أنه في الثمانيات كان يذهب للأردن سراً للقاء الشهيد القائد جهاد الوزير، برفقة زهير مناصرة وهناك كلفه أبو جهاد أن يترك الكتابة بجريدة الفجر التابعة لحركة فتح وينتقل لجريدة القدس، حيث كان أمير الشهداء يدرك أهمية الكتابة، واختار من يرى فيه الكاتب الوطني الحكيم، والأمين لإيصال الرسالة من خلال الجريدة الأكثر متابعة في فلسطين وقتها".
وقالت: "لم يتشرف بلقاء الرئيس ياسر عرفات حتى عام 1991 أثناء انعقاد مؤتمر مدريد فكانت هذه المرة الأولى حيث ذهب الوفد من مدريد للجزائر، قبل ذلك كانت اللقاءات والرسائل تتم من خلال شخص في قبرص هو حلقة وصل بين صائب عريقات من جهة وبين أبو جهاد وابو عمار من جهة أخرى".
وتابعت عريقات: "لما عاد أبو عمار إلى الوطن، كان عريقات الأكثر قرباً منه حيث كانت علاقة الطيبة والثقة تجمع الرجلين، وقبل ذلك في مؤتمر مدريد عندما شكل الوفد الفلسطيني لمؤتمر مدريد، التقي أكرم هنية بعريقات وأخبره أن أبو عمار سيشكل وفد فلسطيني جزء من الوفد الأردني لأن المجتمع الدولي لم يسمح لمنظمة التحرير الفلسطينية بتشكيل وفد مستقل، باسم المنظمة، وقال له إن أبو عمار اختارك ضمانة لفتح ولمنظمة التحرير الفلسطينية".
وأردفت: "قبل أن يشكل أبو عمار الحكومة الفلسطينية، طلب من عريقات الحضور إلى تونس وتشكيل لجنة الانتخابات المركزية وأن يعمل على قانون الانتخابات، وسلمه مرسوم بتولي منصف اللجنة المركزية عام 1993، وبالتالي هو مرسخ الديمقراطية الفلسطينية فهو من وضع الأسس والقوانين لضمان التداول الديمقراطي للسلطات وحق الشعب الفلسطيني في ممارسه حقوق المدنية والسياسية".
وقالت عريقات " كان المستشار الحكيم للرئيس محمود عباس، وعينه رئيسا للجنة الوطنية المختصة بمتابعة الملفات في المحكمة الجنائية الدولية لأنه كان يرى فيه الحكمة".
وتقلد عريقات، الذي لديه 18 كتاباً ومدونة ومقالة، مناصب شتى منها الأكاديمية والسياسية ابتداء من محاضر في جامعة النجاح الوطنية وانتهاء بمحاضر في كلية جون كيندي بجامعة هارفرد العريقة، وانتخب عضواً في المجلس التشريعي، وأمين سر للجنة التنفيذية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، غير أن اللقب الأقرب إلى قلبه وعقله وفق ابنته، أنه جندي لفلسطين.