يصادف الــ29 من تشرين أول/أكتوبر من كل عام، الذكرى الـ66 لمجزرة كفر قاسم التي نفذتها العصابات الصهيونية وجيش الاحتلال الإسرائيلي عام 1956 بحق المدنيين العزل، واستشهد خلالها ما لا يقل عن 48 مدنيا، بينهم عدد من النساء والأطفال.
ففي ذلك العام، كانت بلدة كفر قاسم (إحدى قرى المثلث) على موعد مع المجزرة، حيث أعطت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرًا يقضي بفرض حظر التجول على القرى العربية المتاخمة للحدود مع المناطق المحتلة عام 48، والتي تمتد من أم الفحم شمالا إلى كفر قاسم جنوبا، بدءا من الساعة الخامسة من مساء يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 1956، وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.
وكان القرار حازما إذ أرفِق بقرار "أمني" يخوّل الجنود إطلاق النار وقتل كل من يتجول بعد سريان الحظر -وليس اعتقاله- حتى ولو كان خارج بيته لحظة إعلان منع التجول، لأن قيادة الجيش كانت تقول "إنها لا تريد التعامل مع السكان بالعواطف".
وتوجهت مجموعة من قوات "حرس الحدود" الإسرائيلي بقيادة الملازم آنذاك جبريئل دهان إلى كفر قاسم، حيث قام بتوزيع قواته إلى أربع مجموعات، بحيث بقيت إحداها عند المدخل الغربي للقرية، وأبلغوا مختار كفر قاسم في ذلك الوقت وديع أحمد صرصور بقرار منع التجول وطلبوا منه إبلاغ الأهالي بذلك، ورد صرصور بأن هناك 400 شخصاً يعملون خارج القرية، ولم يعودوا بعد ولن تكفي نصف ساعة لإبلاغهم، وتلقى وعدا من قبل مسؤول مجموعات "حرس الحدود" بأن هؤلاء الأشخاص سيمرون ولن يتعرض لهم أحد.
لكن مساء ذلك اليوم، وفي تمام الخامسة دوّى صوت رصاص كثيف داخل القرية، وصمّ آذان معظم سكانها، إثر إطلاق الجنود النار على مجموعة من الأهالي كانوا عائدين من حقول زراعتهم إلى بيوتهم، فقتلوا منهم 49 شخصا وأصابوا العشرات بجروح بالغة، بذريعة خرق منع تجول لم يعلموا بإعلانه المفاجئ.
وسقط على الطرف الغربي للقرية 43 شهيداً، بينما سقط ثلاثة شهداء على الطرف الشمالي، وفي داخل القرية سقط شهيدان، ومن بين هؤلاء الشهداء 10 أطفال و9 نساء، فيما دوى صوت إطلاق الرصاص داخل القرية بشكل كثيف، ليطال معظم بيوتها.
وحاولت حكومة الاحتلال في ذلك الوقت إخفاء جريمتها، لكن الأخبار بدأت تتسرب، إلى أن أصدرت بياناً يفيد بنيتها تشكيل لجنة تحقيق، وتوصلت اللجنة إلى قرار يقضي بتحويل قائد وحدة "حرس الحدود" وعدد من جنوده إلى المحكمة العسكرية، لتستمر محاكمة منفذي المجزرة حوالي عامين.
وفي السادس عشر من تشرين الأول لعام 1958 أصدرت المحكمة بحق مرتكبي الجريمة أحكاما متفاوتة بالسجن، تتراوح ما بين 15-17 عاما، بتهمة الاشتراك بقتل 43 عربياً، بينما حكم على الجنود الآخرين بالسجن الفعلي لمدة 8 سنوات بتهمة قتل 22 عربياً، غير أن هذه العقوبة لم تنفذ، فقد قررت محكمة الاستئناف تخفيفها، حيث أطلق سراح آخرهم مطلع العام 1960.
وتلقب كفر قاسم بـ"مدينة الشهداء"، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى مؤسسها الأول "الشيخ قاسم"، وهو أحد سكّان قرية مسحة المجاورة، ويبلغ عدد سكانها اليوم، ما يقارب 22 ألف نسمة.