معاريف: على شفا الغليان.. التصعيد في نابلس والقدس يذكرنا بـ"حارس الأسوار"

الجمعة 14 أكتوبر 2022 06:08 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: على شفا الغليان.. التصعيد في نابلس والقدس يذكرنا بـ"حارس الأسوار"



القدس المحتلة/سما/

 معاريف- بقلم تال ليف رام    الوضع الأمني – في الساحة الفلسطينية، في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وشرقي القدس – يتصاعد من أسبوع لأسبوع. الاضطرابات القاسية في شرقي القدس، بعد أقل من أسبوع منذ العملية في معبر شعفاط والتي قتلت فيها العريف نوعا لازار وأصيب فيها حارس بجراح خطيرة، هي إشارة تحذير واضحة. التصعيد والعمليات الكثيرة في منطقة نابلس، متداخلاً مع التدهور في شرقي القدس عشية الانتخابات في إسرائيل – يؤدي بالميدان الى شفا الغليان، وضع يبدأ بتذكيرنا بعشية حملة حارس الأسوار.

توجد فوارق كبيرة بين بؤر التصعيد في شمال السامرة وفي شرقي القدس. ولا يمكن ربط كل شيء برزمة واحدة. فليس حكم نابلس وجنين كحكم شرقي القدس، التي توجد تحت مسؤولية حكومية حصرية لإسرائيل. لكن عندما بالتوازي تشتعل عدة جبهات، فإن الاحتمال في أن تتسبب بتسخين ساحات أخرى يكون أكبر كموجة عدوى. الكثير سيكون موضوعاً في الأيام القادمة على الأكتاف الهزيلة لشرطة إسرائيل. كلما نجحوا في السيطرة بسرعة على جيوب الفوضى وإعادة النظام، هكذا يقل احتمال التصعيد في ساحات أخرى.

في هذه الأثناء قطاع غزة صامت. مرة أخرى يثبت أنه عندما تكون حماس معنية بذلك فإن مفرقعة واحدة لا تطلق من القطاع، وذلك رغم ما يجري في الأشهر الأخيرة في الضفة. وحتى مقتل نشطاء من الجهاد الإسلامي لم يؤدِ في الأشهر الأخيرة إلى إطلاق النار من غزة. وهنا يمكن الحديث عن عدم رغبة حماس في الدخول الآن في مواجهة مباشرة مع إسرائيل، لكن أكثر من ذلك، تعلمت حماس من حملة “حارس الأسوار” أنه قبل أن تنتقل الأحداث إلى غزة يمكنها أن تجني مكاسب كثيرة من تصعيد أمني واسع في الضفة، في شرقي القدس وفي أوساط عرب إسرائيل دون أن تدفع ثمناً في القطاع. منذ أشهر وحماس تشعل المنطقة بتحريض منفلت العقال. صحيح أنها ليست الجهة الرائدة، لكنها هي التي من المتوقع الآن أن ترتفع درجة أخرى في توجيه “الإرهاب” وفي التحريض كي تحدث تصعيداً أكبر.

ستحاول حماس هذه المرة أيضا على ما يبدو أن تبقى على الجدار، لكنها تعرف جيدًا بأنها كمن تدعي بأنها درع القدس والأماكن المقدسة بأنه إذا انزلق التصعيد إلى أحداث خطيرة في الحرم فستشتد الضغوط عليها لأن ترد وتطلق الصواريخ من القطاع. غزة، كما أسلفنا، هادئة تماماً، لكن التغيير في صورة الوضع مع القطاع يمكن أن تكون سريعة اذا لم ينجح جهاز الأمن في أن يوقف المنزلق السلس للأيام الأخيرة.

 معضلة الجيش

في الشهر الأخير سقط 3 من الجيش الإسرائيلي في عمليات إطلاق نار وتبادل لإطلاق النار مع المخربين وقتلت مواطنة إسرائيلية في حولون. بين ثلاثة أحداث مختلفة في طبيعتها – في المعبر في شعفاط، في أرض مفتوحة غير بعيدة عن جنين، وفي العملية الأخيرة في المدخل الخلفي لشافي شمرون حيث سقط المقاتلون – تثور عدة نقاط مشتركة.

في كل الأحداث سعى “المخربون” لان يفاجئوا الجيش بالنار من مسافة قريبة، ومع كل الصعوبة في المحكم المسبق قبل أن تنتهي التحقيقات، فإن هذه الاحداث  الثلاثة لم تنته فقط بنتائج قاسية لكن تثير أسئلة عن جودة أداء الجيش في الميدان ومدى اليقظة والتأهب حيال وضع عملياتي في مهام الحراسة الاعتيادية المتآكلة. خلايا تشخص احتمال المجد في الشارع الفلسطيني بتنفيذ عمليات إطلاق نار على مقاتلي الجيش الاسرائيلي والهروب السريع من ساحة الحدث، هذا الى جانب عمليات أخرى موجهة ضد إسرائيليين في الضفة. من الأحداث الثلاثة الأخيرة التي سقط فيها عناصر من الجيش يمكن استخلاص دروس عديدة ويوجد الكثير جدًا مما يمكن تعلمه وتحسينه.

أمام واقع متغير وعمليات إطلاق نار تصبح مهنية أكثر كلما مر الوقت، فإن الجيش ملزم بأن ينفذ على وجه السرعة التكييفات اللازمة. مقابل جنين، التي كانت في بؤرة التوتر على مدى الأشهر الأخيرة، فإن نابلس تحتل منذ بضعة أسابيع الصدارة إذ أن العمليات التي تخرج منها تشكل بشكل فوري خطراً على مواطنين إسرائيليين كثيرين. 

الخطر من نابلس

الواقع المركب في نابلس محمل بالعبء على أي حال بأحداث عنيفة بين الفلسطينيين واليهود. كلما استمرت موجة الإرهاب القاسية حول نابلس هكذا بالتوالي تتزايد المواجهات العنيفة من اليهود والفلسطينيين في المنطقة. انجراف في منطقة نابلس من شأنه أن يؤدي الى تصعيد في الضفة بكاملها. حالياً هذا لم يحصل بعد، لكن في جهاز الأمن، بعد شهر عنيف على نحو خاص، يفهمون أننا قريبون جداً من النقطة التي بعدها سيكون صعباً جداً وقف الانجراف. وهناك تصعيد إضافي من شأنه أن ينتقل أيضاً إلى باب العمود والحرم، ويمكنه أن يصل بسرعة أكبر مما نعتقد الى قطاع غزة ايضاً. في هذه اللحظة لا توجد لذلك معلومات استخبارية ومؤشرات على الأرض، لكن الماضي القريب علمنا كم سريعاً يمكن لقطاع غزة أن ينقلب.

وهذا الأسبوع، لأول مرة منذ زمن طويل، نصبت إسرائيل حواجز دخول وخروج من مدينة نابلس. 3 مداخل فقط بقيت مفتوحة، وبسرعة كبيرة أصبح هذا هو الخطاب المركزي في المدينة. مقارنة بجنين، التي في إسرائيل يعتقدون أن السلطة الفلسطينية فقدت السيطرة هناك. ونرى نشاطاً لأجهزة الأمن الفلسطينية في محاولة لكبح ميل توسع تنظيم “عرين الأسود”. وتبقى معضلة الجيش الاسرائيلي وقيادة المنطقة الوسطى هي في اختيار مستوى النشاط الهجومي في قلب مدينة نابلس. بالطبع عندما تكون إخطارات مركزة لعملية على الطريق لا توجد أي معاضل وقوات الجيش تدخل إلى نابلس. المطالبات التي تنطلق في إسرائيل تجاه الجيش لسحق قدرات التنظيم الجديد (عرين الأسود)، اعتقال او تصفية نشطاء في نابلس تتجاهل ان قسماً كبيراً من التنظيم يندرج ضمن فكرة مشتركة وليس مؤسسة واحدة.

تصعيد شرقي القدس؟

النجاحات الأخيرة في عمليات إطلاق النار للتنظيم الجديد، من شأنها أن تصبح ظاهرية أوسع. وحملة واسعة في نابلس كفيلة بأن تكون لها مضاعفات تؤدي الى تصعيد أمني في الضفة.

 وبقدر كبير، فالنجاحات الأخيرة في عمليات إطلاق النار للتنظيم الجديد، من شأنها أن تصبح ظاهرية أوسع. وحملة واسعة في نابلس كفيلة بأن تكون لها مضاعفات تؤدي الى تصعيد أمني في الضفة. من هنا فإنه في هذه المرحلة يعتقد جهاز الأمن أنه رغم العمليات الأخيرة ليس من الصائب الإعلان أو التنفيذ لحملة واسعة في السامرة أو في نابلس.

الكثير منوط في الايام القريبة أيضاً بالتطورات في الميدان، حين تزيد أحداث أمنية وعمليات ناجحة الضغط الجماهيري والسياسي لتوسيع النشاط العسكري. بين الجيش والقيادة السياسية يوجد توافق على أنه لا مكان في هذه اللحظة لحملة واسعة في شمال السامرة. لكن امكانية التصعيد الكبير تبدو هذه المرة أقرب عندما يأتي التصعيد من شرقي القدس أيضاً.