غزة / جددت مصادر طبية فلسطينية ربطها بين زيادة أعداد المواليد المشوهين أو الذي يحملون تشوهات خلقية في قطاع غزة والمواد التي استخدمتها إسرائيل خلال عدوان "الرصاص المسكوب"، خصوصاً وأن هذه التشوهات زادت بنسبة 80 في المئة خلال الأشهر الثلاثة الماضية قياساً بنظيراتها من العام الماضي. وعلى الرغم من افتقار قطاع غزة إلى وجود المختبرات القادرة على تحديد الأسباب التي تقف وراء هذه التشوهات من خلال دراسات علمية دقيقة، إلا أن الأطباء الذي عاينوا تلك الحالات تساورهم الشكوك إلى حد كبير في تأثيرات المواد السامة والإشعاعية والقنابل الفسفورية التي أسقطتها الطائرات الإسرائيلية على المدنيين خلال الحرب الأخيرة. وأكد مدير مجمع الشفاء الطبي في غزة الدكتور حسن عاشور وجود أكثر من 50 حالة تشوه لدى المواليد الجدد خلال أشهر حزيران (يوليو) وآب (أغسطس) وأيلول (سبتمبر)، في حين لم تزد عدد هذه الحالات خلال تلك الأشهر من العام الفائت عن 30 حالة، لافتاً إلى أن معني ذلك زيادة واضحة في معدلات العيوب الخلقية لدى المواليد الذي يدخلون حضانة الأطفال الخدج بنسبة 80 في المئة. وقال: "هذا بالإضافة إلى أن حوالي 50 إلى 60 في المئة من حالات الإجهاض تكون ناتجة عن تشوهات خلقية في الجنين". وأضاف: "وفي ضوء ذلك تم تشكيل لجنة لبحث الأمر والتأكد من هذه الشكوك التي باتت تراود الجميع، ولكن نظراً لافتقارنا لأبحاث دقيقة فإنه لم يكن بإمكاننا تحويل هذه الشكوك إلى يقين مطلق". وكان الاحتلال الإسرائيلي استخدام مادة "الفسفور الأبيض" و"الداين" وغيرها من المواد السامة والإشعاعية على نطاق واسع خلال حربه الأخيرة على قطاع غزة، الأمر الذي دفع الخبراء الذين تفقدوا مناطق القصف في أعقاب الحرب إلى التحذير من خطورة هذه المواد على الإنسان الفلسطيني على المدى القصير والمتوسط. وأوضح مدير قسم الأطفال حديثي الولادة في مجمع الشفاء الطبي الدكتور ثابت المصري أن التشوهات التي تلحق بالأجنة عادة ما تكون خلال الأشهر الأولى للحمل، وهذا ما حدث بالفعل للنساء اللواتي كن حاملات خلال فترة الحرب، وجاءت المواليد بهذا الصورة من التشوه، مشيراً إلى أن الموضوع يحتاج إلى فحوصات لنوعية المواد السامة وكذلك طبيعة التشوهات عند المواليد من خلال مختبرات متطورة. وقال: "ومع ذلك وفق تقديراتنا وما نتابعه يمكننا القول بوجود علاقة بين هذه التشوهات والحرب الأخيرة، لكن من زاويا مخبرية الأمر يحتاج إلى مزيد من الفحوصات". وحول طبيعة التشوهات، ذكر المصري أن 50 في المئة منها تتركز في الجهاز العصبي علاوة على التصاق في الأعضاء، مؤكداً أن مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا كانت الأكثر في حالات التشوه، وهي المناطق التي شهدت أكثر الاعتداءات الإسرائيلية. وتنظر وزارة الصحة في الحكومة المقالة في غزة بخوف وجزع إزاء تزايد حالات التشوه في ظل عدم توفر الإمكانيات لفحها والتأكد من أسبابها كما قال وكيل مساعد وزارة الصحة الدكتور حسن خلف. وأضاف: "نحن نحمل بشكل واضح الاحتلال الإسرائيلي الذي استخدم أسلحة محرمة دوليا وفقاً لعدد من الخبراء الذي زاروا قطاع غزة بعد الحرب، وإلا كيف يمكن قراءة هذه الزيادة في التشوهات في المواليد الجدد". ولم يستبعد خلف وجود تأثيرات مستقبلية على الأجنة جراء استخدام إسرائيل للمواد السامة خلال الحرب، مشيراً إلى وجود لجنة مختصة تحاول البحث في هذه القضية والتأكد قدر المستطاع من طبيعة ظاهرة التشوهات رغم شح الإمكانيات.