الضوضاء التي أثارها المسؤولون الإسرائيليون برفضهم الملاحظات اللبنانية على مسودة الاتفاق الذي أعده الوسيط الأميركي، آموس هوكستين، لحل مسألة الحدود البحرية بين "إسرائيل" ولبنان، رافقها اهتمام إعلامي كبير بالتطورات الحاصلة في المفاوضات، حيث قدم خبراء ومعلقون قراءات وتحليلات تناولت العناوين التالية:
نصر الله انتصر
أشار الكاتب في موقع "يدع"، إيلي بار-أون، إلى أن الاتفاق المتبلور بين "إسرائيل" ولبنان هو "انتصار كبير على مستوى الوعي" للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي يقترب من تكرار إنجازه في بدء الألفية، كـ"محرّر للبنان وطارد للإسرائيليين من الحزام الأمني".
ولفت معلق الشؤون العربية في "القناة الـ13" الإسرائيلية، تسافي يحزكلّي، إلى أن هذا الاتفاق مسجل باسم نصر الله، فهو الذي حض الحكومة اللبنانية على الثبات.
وأضاف يحزكلّي أن السيد نصر الله يخوض الآن مع "إسرائيل" لعبة "عض أصابع"، في وقت لا أحد في "إسرائيل" يستطيع أن ينتصر عليه في هذه اللعبة؛ بل على العكس، الإسرائيليون سيأخذون تهديداته بجدية وسيهدأون، وفي النهاية سيكون الاتفاق كما يريده اللبنانيون.
وشدد يحزكلّي على أنه "من ناحية نصر الله، في تكتيكات هذه المعركة الصغيرة هو انتصر".
جيش الاحتلال يخشى حزب الله
انتقد الكاتب اليميني في صحيفة "هآرتس" يسرائيل هرئِل، في مقاله الذي نشره اليوم الجمعة، التقديرات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين الأمنيين السابقين، الداعية إلى إبرام اتفاق بحري مع لبنان، وقال إن هؤلاء المسؤولين السابقين، ومثلهم حكومة الاحتلال، رأوا في تهديدات السيد نصر الله باستهداف منصة كاريش "تبجحاً"، و"سعياً لرصيد". إلا أن جيش الاحتلال أظهر أن قراءاتهم باهتة، بعد أن وضع على طاولة الكابينت هذه العبارة: "هناك حاجة أمنية وسياسية للتوصل إلى اتفاق قريباً، ومن دون تأخير، من أجل منع تصعيدٍ أمني، متوقع باحتمالية عالية".
واتهم هرئِل جيش الإحتلال بأنه "يُواصل الارتعاد من حزب الله"، وانتقد تحديده الحكومة "الحاجة السياسية"، كما انتقد من يقول إن السيد نصر الله فقط "يتبجح"، وسط الكلام عن "حاجة" إلى منع تصعيدٍ أمني مرجح باحتمال عالٍ.
وأشار هرئِل إلى أن الوثيقة التي توصي حكومة الاحتلال بتبني إملاءات السيد نصر الله، من أجل منع التصعيد الأمني، صيغت، بناءً على رأي رئيس هيئة الأركان العامة الفريق أفيف كوخافي؛ نائب رئيس الأركان الحالي هرتسي هاليفي؛ رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون حاليفا، و"زمرتهم" في هيئة الأركان العامة، في جيش الاحتلال وهذا أمر "صعب ومؤلم"، بحسب هرئِل، الذي أضاف: "ويلٌ لنا إذ وصلنا إلى هنا".
"إسرائيل" تمر بمرحلة دونية استراتيجية
في معرض قراءته لطريقة معالجة "إسرائيل" ملف المفاوضات البحرية مع لبنان، أشار الكاتب في موقع "يدع"، إيلي بار-أون، إلى أن "الدونية الاستراتيجية لإسرائيل تتجلّى أمام أعين الجميع"، وأضاف أن "إسرائيل هي المكوّن المرتدع اليوم، وهي بغية وقف الحرب الكبيرة المتدحرجة على أعتابها، تسعى لدفع فدية، وهي تتنازل عن ممتلكات قومية، كما تقوم بوسم نفسها بصورة التابع (الذمّي)، الذي يخضع ويدفع رسوم التبعية لكسب الوقت".
ولفت بار-أون إلى أن "إسرائيل" لا يمكن أن تسمح لنفسها بخوض حرب الآن، لأنها في وقت واحد إزاء أمور أهمها:
أزمة سياسية داخلية متواصلة.
جبهة داخلية غير مستعدة للحرب.
جيش إسرائيلي صغير غير قادر على مواجهة جبهات عدة في آن واحد.
ساحة داخلية مُزعزعة، بحيث يراكم فيها الفلسطينيون من سكان "إسرائيل" ثقة بالنفس، يجمعون السلاح ويستعدون لـ"يوم الاستدعاء".
استعدادات في قطاع غزة للحرب.
وجود ما يشبه دولة مستقلة في بعض مناطق الضفة الغربية.
إيران نووية.
نتنياهو ينشر بشرى هزيمة "إسرائيل"
انتقد الكاتب في صحيفة "هآرتس"، يوسي فيرتر، بشدة الحملة التي يشنها نتنياهو على لابيد، ووصفه بأنه "محرّض وطني" يقوم بغسل أدمغة جمهور السُذّج بأكاذيب بغيضة من نوع: "لابيد وقّع اتفاق استسلام ينقل أرضاً سيادية لدولة "إسرائيل"، إلى أيدي حزب الله، وينقل حقل غاز بمليارات الدولارات إلى أيدي حزب الله، ليبني به السيد نصر الله صواريخ وقذائف صاروخية، ويطلقها علينا".
ولفت فيرتر إلى أن لدى نصر الله في "إسرائيل مندوباً محلياً" لحملته بأنه انتصر، هو نتنياهو، الذي "ينشر البشرى بحماسة".
وأضاف فيرتر: لم يسبق أن كان للسيد نصر الله مُظهّر علاقات خارجية مُبدع إلى هذه الدرجة، نشيط وناجع، كنتنياهو.
وتوقفت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها صباح اليوم الجمعة، عند تأثير انتخابات الكنيست القريبة على المفاوضات مع لبنان، فكتبت أن من الصعب عدم رؤية كلام رئيس حكومة الاحتلال، يائير لابيد، عن رفض الملاحظات اللبنانية، كرد فعل مباشر على الضغوط السياسية التي يمارسها عليه رئيس حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، في هذه الأيام، من خلال محاولته تأطير الاتفاق مع لبنان على أنه تنازل انهزامي، بحيث استجاب لابيد، وقام بعرض عضلات أمام اللبنانيين.