ارتفعت أسعار المواد الاستهلاكية في منطقة اليورو بنسبة قياسية بلغت 10 في المئة في أيلول/سبتمبر، وفق ما أظهرت بيانات رسمية، اليوم الجمعة، بينما يسجّل التضخم أرقاما عشرية على خلفية الارتفاع الكبير في أسعار الطاقة الذي تسببت به الحرب في أوكرانيا.
وفي ظل ارتفاع أسعار الطاقة بنسبة 40,8 في المئة، بلغ معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو التي تضم 19 بلدا أعلى مستوى له منذ بدأ تسجيل البيانات، بحسب وكالة "يوروستات".
وسيشجّع مستوى التضخم التاريخي البنك المركزي الأوروبي على البقاء على مساره الحالي في رفع معدلات الفائدة، في محاولة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار رغم خطر التسبب بركود اقتصادي في أوروبا، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية.
ويحاول البنك المركزي الأوروبي جاهدا منع التضخم من التحول إلى ظاهرة متجذرة في الاقتصاد ويتّخذ إجراءات لخفض الطلب وهو أمر سيؤدي بالتالي إلى تباطؤ النمو.
وفي محاولة طارئة للسيطرة على الأسعار، اتفق وزراء الطاقة في دول الاتحاد الأوروبي الجمعة على خفض استهلاك الطاقة في ساعات الذروة وفرض ضرائب استثنائية على شركات الطاقة.
ويأتي الارتفاع إلى 10 في المئة في أعقاب زيادة نسبتها 9,1 في المئة سجّلت في آب/اغسطس وأدت إلى تلاشي الآمال حيال إمكانية تراجع مستويات التضخم مع استقرار أسواق الطاقة بعد سبعة شهور على بدء الحرب في أوكرانيا.
وتفاوت ارتفاع معدلات التضخم بشكل كبير بين قوى منطقة اليورو الاقتصادية، إذ ارتفعت الأسعار في ألمانيا بنسبة 10,8 في المئة بينما ارتفعت في فرنسا 6,2 في المئة، وهو أمر يزيد التعقيدات بالنسبة لصانعي السياسات.
وفي هولندا، ارتفع معدل التضخم بنسبة 17,1 في المئة، وهي أعلى نسبة منذ الحرب العالمية الثانية، مقارنة بنسبة 12 في المئة سجّلت قبل شهر.
وتتحرّك دول أخرى في منطقة اليورو لوضع خطط كبيرة للإنفاق على الصعيد الوطني لتخفيف عبء أسعار الطاقة على المستهلكين، ما يؤدي إلى تشرذم الاقتصاد الأوروبي بشكل أكبر.
وفي محاولة صعبة لتحقيق التوازن، أشارت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد هذا الأسبوع إلى أنها ستمضي قدما برفع معدل الفائدة بشكل كبير بـ0,75 نقطة مئوية خلال اجتماع المصرف المقبل المرتقب في 27 تشرين الأول/أكتوبر.
وقالت للنواب الأوروبيين "نتوقع بأن نرفع معدلات الفائدة أكثر خلال الاجتماعات المقبلة لتخفيف الطلب والحماية من خطر التغير التصاعدي المستمر في توقعات التضخم".
وما تزال أسعار الطاقة في أوروبا تحت ضغط كبير إذ تقلّص روسيا إمدادات الغاز للقارة مع اقتراب فصل الشتاء.
ويبلغ هدف البنك المركزي الأوروبي 2% بينما أثارت الجهود الرامية للاقتراب من هذا المستوى المخاوف من أن المصرف المركزي قد يقود التكتل إلى ركود في إطار جهوده لخفض الأسعار.
وقالت جيسيكا هايندز من "كابيتال إيكونوميكس" إن "الارتفاع في معدل التضخم الرئيسي في منطقة اليورو في أيلول/سبتمبر إلى أرقام عشرية سيكون مصدر قلق كبير بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي".
وأضافت أنه "رغم التوقعات الاقتصادية الضعيفة، نتوقع بأن تمنح المصارف أولوية للتضخم وتعلن عن رفع جديد للمعدلات الشهر المقبل".
وأظهرت بيانات نشرتها "يوروستات" الجمعة أيضا بأن معدل البطالة في منطقة اليورو ما زال منخفضا بشكل قياسي إذ بلغ 6,6 في المئة في تموز/يوليو.
من شأن ذلك أن يشجّع البنك المركزي الأوروبي على البقاء على ذات المسار ليمنح مكافحة التضخم أولوية على تخفيف المخاوف حيال النمو الاقتصادي وتداعياته على التوظيف.
ـــــ