في لقاء غير مسبوق التقت مؤخرا ممثلة اسرائيلية وممثل ايران وبحثا في احتمالات تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي. في المداولات التي جرت في اطار "المؤتمر الدولي لشؤون الطاقة ومنع انتشاره وتجريد السلاح" الذي انعقد في القاهرة في ايلول، تبادل الممثلان الكلام، عرضا اسئلة الواحد على الاخر وعقب كل منهما على كلام الاخر. منذ اقامة الجمهورية الاسلامية في شباط 1979، وايران تمتنع عن عقد أي اتصال مباشر او غير مباشر مع اسرائيل، وبالتأكيد ليس علنا، وفي معظم المحافل الدولية يغادر ممثلوها الغرفة عندما يشارك فيها ممثلو اسرائيل. ممثلة اسرائيل في اللقاء كانت مديرة شؤون السياسة ورقابة السلاح في لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية، ميراف تسفري اوديز. اما ايران فمثلها السفير الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا، علي اشقر سلطانية. كما شارك في الاجتماع سفير اسرائيل في مصر، شلومو كوهين ووزير الخارجية الاسبق، البروفيسور شلومو بن عامي، عضو المجلس الاستشاري للمنظمة. وقبيل الاجتماع تشاور ممثل اللجنة للطاقة الذرية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتقرر السماح بمشاركة اسرائيل في المداولات. وعقد اللقاء في 29 و 30 ايلول في فندق "المواسم الاربعة" في القاهرة. الى جانب ممثلي اسرائيل وايران شارك في المداولات ايضا ممثلو الجامعة العربية، الاردن، مصر، تركيا، المغرب، تونس، اتحاد الامارات العربية، العربية السعودية وممثلون امريكيون واوروبيون. وتغيب عن الاجتماع ممثلو ليبيا وسوريا. ويدور الحديث عن منظمة تأسست بمبادرة رئيس الوزراء الاسترالي كافين رود، ويقف على راسها وزير الخارجية السابق لاستراليا غارت افانس ووزيرة الخارجية السابقة لليابان، يوريكو كوغوشي. في هامش المؤتمر اجرت ممثلة اسرائيل ايضا محادثات مع ممثل السعودية، الامير تركي بن فيصل، الذي كان وزير المخابرات للسعودية. واهتم الامير بالسياسة النووية لاسرائيل وباحتمالات ان توافق على تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي. وكان يفترض بالمداولات ان تعقد كلقاء سري، حيث تعهد كل الممثلين فيه بالحفاظ على السرية التامة، ولكن نبأ عن ذلك تسرب بالذات من مصادر استرالية، من منظمي الاجتماع، الى صحيفة "دي آيج". وعليه، رفضت الناطقة بلسان لجنة الطاقة الذرية الاسرائيلية تقدم تفاصيل عن مضمون الاجتماع، ولكنها أكدت بان النبأ في الصحيفة الاسترالية بشأن انعقاده صحيح حقا. تبادل الكلام بين السفير الايراني وممثلة اسرائيل تم في اطار ثلاث جلسات كانت للمؤتمر حول تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي، منع انتشار النووي في المنطقة ومسائل الطاقة النووية لاغراض سلمية. ومع انه لم يجرِ بينهما تبادل للحديث او مصافحة في غير اطار المداولات، الا انه في المداولات نفسها، والتي شارك فيها ممثلو دول مختلفة، تعاطى الواحد الى الاخر بصراحة. ضمن تبادل الحديث سأل المندوب الايراني على نحو مباشر سفري اوديز: "هل لديكم سلاح نووي ام ليس لديكم؟". فابتسمت ممثلة اسرائيل ولكنها لم تجب على سؤاله. وفي السياق شرحت سفري اوديز سياسة اسرائيل التي تقضي بانها ستكون مستعدة مبدئيا للبحث في تجريد الشرق الاوسط من السلاح النووي، ولكنها شرحت ايضا الوضع الاستراتيجي الخاص لاسرائيل وبموجبه ينبغي اولا الوصول الى تعزيز الامن في المنطقة، اتفاقات سلام وتسويات امنية وفي ختام المسيرة ستوافق اسرائيل ايضا على البحث في مسائل تجريد المنطقة من اسلحة الدمار الشامل. كما أشارت الى أن اسرائيل تعيش في واقع جغرافي سياسي معقد، وذكرت في هذا السياق بان أربع دول في المنطقة خرقت في العقود الثلاثة الاخيرة التزاماتها بميثاق منع نشر السلاح النووي وطورت برامج نووية خلافا له. ويدور الحديث عن العراق، ايران، ليبيا وسوريا. ومع ذلك، قالت ان اسرائيل تتصرف بناء على سياسة مسؤولة في كل الموضوع النووي، وهي تنضم الى المواثيق المختلفة للرقابة على السلاح، تعمل على منع نشر معدات ومواد نووية ولديها رؤيا في أن في افقها ايضا امكانية تجريد المنطقة من السلاح النووي، وان كانت الاحتمالات لذلك غير كبيرة. مندوب ايران، سلطانية، دافع عن سياسة بلاده وادعى بانها لا تسعى الى تحقيق سلاح نووي بل انها حسب اقواله لا تهدد اسرائيل. واشار ايضا الى أنهم في اسرائيل لا يفهمون ايديولوجيا النظام الاسلامي في ايران وان النظام لا يكره اليهود بل يعارض الصهيونية فقط. واضاف بان تزود ايران بالصواريخ ليس لاهداف هجومية كما يفسرون ذلك في اسرائيل، بل لاهداف دفاعية فقط. السفير سلطانية شارك في المؤتمر وترأس وفد بلاده اليها بعد وقت قصير من انكشاف وجود الموقع السري الذي اقامته ايران لتخصيب اليورانيوم بجوار مدينة "قم". بعض من المشاركين في المؤتمر فسروا القرار بارسال مندوب ايراني كبير كرغبة من ايران لايضاح موقفها على هذه الخلفية.