هذا ليس نورا في نهاية النفق. واذا كان لا بد فهذا هو النور الذي يبثه كشاف لامع لقطار سريع يسير نحونا مندفعا ومبشرا بالمصيبة. ولكن ينبغي التعاطي في اسرائيل مع الاتفاق مع ايران على تخصيب اليورانيوم خارج اراضيها، والذي أعلن عنه الرئيس المنصرف للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي. للانجاز الذي يلوح به البرادعي يوجد ثمن. هذا الرجل، الذي شخصت محافل الاستخبارات في الغرب منذ زمن بعيد بانه متعاون مع ايران، يوشك على أن يبيعنا بزهيد الثمن ويعقد حياتنا. في واشنطن بدأوا منذ الان بالاستعداد لامكانية أن يكون احد المطالب الايرانية الانذارية مقابل هذا الاتفاق هو رقابة دولية على المنشآت النووية الاسرائيلية. ولن نفاجأ اذا ما استدعيت مسيرة من الاسرائيليين الكبار قريبا الى واشنطن "للتشاور" على حجم الثمن. البراداعي هو خداع. منذ سنين وفي الغرب يشتبهون به بانه يبلغ الايرانيين بنوايا الاسرة الدولية فحص منشآتهم النووية. وتلقى الايرانيون تحذيرات مسبقة وعلموا عما يبحث الغرب عندهم. كان لديهم مصدر جيد في وكالة الطاقة. ولا فرصة في أنه مع انتهاء مهام منصبه سيغير جلدته. وسيسر البرادعي جدا ان يحقق الحلم الرطب لوطنه مصر والعالم العربي باسره ويخصي ما يعتبر القدرة النووية لاسرائيل. الايرانيون لن يتنازلوا عن تخصيب اليورانيوم وعن تطلعاتهم للوصول الى سلاح نووي. غير أنه في لعبة القوى الداخلية في ايران توجد محافل – لا بأس في قوتها – تقدر بانه في العصر الحالي سيكون من الصعب على ايران الوصول الى ذلك. المؤشرات تدل على ان الايرانيين يريدون تسوية يمكن رؤيتها في أول لقاء جرى بين ممثلي ايران وممثلي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومجلس الامن في الامم المتحدة قبل عدة اسابيع. قبل اللقاء أعلن الايرانيون على الملأ بانهم مستعدون للحديث في كل شيء، عدا الموضوع النووي. ولكن ما أن دخلوا غرف المداولات حتى لم يكفوا عن الحديث عن النووي. يوجد في القيادة الايرانية من يفهم انه لن يسمح لهم الوصول الى السلاح النووي الان. كما أنهم يخافون، حقا، من ضربة عسكرية اسرائيلية – أمريكية. وعليه فان تسوية بثمن جيد تناسبهم بالذات في هذه الاثناء، الى أن تأتي أيام افضل وينزل الضغط عن ظهر ايران. واضح لمندوبي الغرب المشاركين في محادثات فيينا بان الايرانيين سيطلبون ثمنا عاليا مقابل الاتفاق كي يتمكنوا من عرض انجازات سواء نحو الداخل أم نحو العالم الاسلامي خارج ايران. على امتيازات اقتصادية، تجارية، استئناف العلاقات الدولية وتعزيز مكانة ايران في الاسرة الدولية – لا مجال للحديث. هذا واضح من تلقاء نفسه. ولكن للايرانيين، يوجد، بقدر ما يعرفون في واشنطن، ارنب آخر في القبعة، وهذا هو مطلب سيتوجهم ابطال العالم العربي والاسلامي: الرقابة على المنشآت النووية الاسرائيلية. وفضلا عن ذلك، فان الايرانيين يرون حقا في النووي الاسرائيلي تهديدا ملموسا، حقيقيا. العالم يريد أن نخلع النووي؟ فليخلعه الاسرائيليون ايضا. عندما سيصعد هذا الموضوع الى المسارات العملية، ستنقل الولايات المتحدة الكرة لاسرائيل. من الصعب تصور زعيم اسرائيلي مسؤول واحد يوافق حتى على البحث في صفقة كهذه حيال الايرانيين. في اللقاء الاول تعهد الرئيس الامريكي براك اوباما امام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باحترام سياسة الغموض النووي لاسرائيل. او هكذا على الاقل تسرب مؤخرا الى الصحافة الامريكية. يمكن الافتراض بان الولايات المتحدة لن تلزم اسرائيل بقبول املاء ايراني في هذه المواضيع، حتى لو جاء هذا على حساب تفجير المحادثات مع ايران. ولكن في العالم الغريب الذي نعيشه يحتمل أن يكون الغرب الشبع سيخضع للاملاءات الايرانية. وحتى لو وقع في نهاية المطاف اتفاق دون هذا الاملاء، واضح تماما أن ليس لاسرائيل خيار عسكري. الا اذا كانت تريد ان تبقى وحيدة على الكرة الارضية.