الصورة العامة، أو المظهر العام للوضع الداخلي في فلسطين ألا شيء سياسيا يتحرك بالشكل المطلوب والضروري، بل يستمر الوضع بشكل عام في المسار العادي - مسار الأمر الواقع والحال القائم. ويبقى حال من السكون أو ما يشبهه أو يقترب منه، ومن التعايش مع هذا الأمر على معظم إن لم يكن على كل المستويات والأصعدة.
ووصل حال التعايش قريبا جدا من حال القبول وغياب أي محاولة جادة للخروج منه.
ويكاد لا يخرج عن هذه الصورة أو أن يشذ عنها ويتقدم عليها أي قوة سياسية منظمة، ولا حتى قوى مجتمعية أو شعبية.
حكومة وقوى وأحزاب دولة الاحتلال مستغرقة بشكل شبه تام في الاستعداد والتحضير للانتخابات التشريعية «الكنيست» القادمة على الأبواب. وعلى مذبح هذه الانتخابات لا تبدو الحكومة ولا أي طرف موال أو معارض في وضع الاستعداد وبأي مستوى ودرجة إلى الحديث عن أي تنازل أو تعديل في المسار العام أو أي مسار تفصيلي آخر.
يبرز ذلك بأوضح ما يكون في مجال الاستيطان الذي يستمر ويتصاعد مستفيدا من حال السكون الفلسطيني المشار إليها.
ومستفيدا أيضا من الغياب التام تقريبا لأي مشروع صادر عن أي مؤسسة دولية أو مجرد تحرك دولي أو حتى مطالبات وضغط من دول مختلفة بوقف الاستيطان. حتى ولو جاءت المطالبات بشكل ثانوي وخجول من الولايات المتحدة الأميركية الحليف الأهم والأقوى لدولة الاحتلال.
يساعد على هذا الغياب ويعززه، الانشغال الدولي العام وبالذات الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي «الناتو» بالحرب الدائرة في أوكرانيا، ومتابعة تطورها وتصاعدها وانغماس أطراف جديدة فيها، وتزايد وتسارع امتداد تأثيرها وخطرها على مناطق كثيرة ومتزايدة في العالم.
كما تستفيد حركة الاستيطان ودولة الاحتلال بشكل عام من حال سكون النظام الرسمي العربي بشكل عام وانشغال العديد من دوله بأوضاعها الداخلية غير الطبيعية والتي تصل حد التفجر في بعضها (العراق – اليمن – تونس- السودان ....). وهذه الأوضاع الداخلية تصب في محصلتها ونتيجتها العامة في خانة تعزيز حال السكون العربي المشار إليها.
ويبقى الضلع الثالث الذي تستفيد منه دولة الاحتلال في توسع وتمدد استيطانها بشكل خاص، وفي مشاريعها الاحتلالية بشكل عام هو حال السكون الوطني الفلسطيني. وهو حال يستجلب بشكل عام ودونما حاجة الدخول في التفاصيل كل مظاهر القهر وبقدر ما يستحضر معها كل مظاهر الضعف والسكون القادمة من الوضع الداخلي المنقسم، ومن حال السكون والانقسام وعدم المبادرة القادمة أساسا بسبب حال الانقسام التي يعيشها النظام السياسي الفلسطيني - والتنظيمي أيضا - والتي تضعف كثيرا وربما تمنع القدرة على المبادرة السياسية وتضعف القدرة على التصدي للاحتلال ومشاريعه ومخططاته وسياساته بشكل عام.
ويبقى العنوان الأساسي والمركزي في وصف الحال الفلسطيني كما تقدم هو الانقسام وتجذره كواقع في بعض ارض الوطن وامتداد فعله وتأثيره خارج مساحة الأرض التي يقوم عليها، وفي مجمل الوضع السياسي الفلسطيني وفي مختلف قواه المكونة سواء القوى والأحزاب التنظيمية السياسية، أو المنظمات والهيئات الشعبية أيضا.
ويبقى القهر الوطني قائما من عدم وجود محاولات جادة ومسؤولة ومرنة ومبادرة لإخراج النضال الوطني الفلسطيني وقواه ومؤسساته من حال الانقسام. سواء جاءت تلك المحاولات من قوى وتنظيمات فلسطينية أو من قوى ومنظمات واتحادات شعبية فلسطينية. وكأن حركة النضال الوطني الفلسطيني وقواها سلمت بالأمر الواقع وتقبل باستمرار الانقسام وترضى بالتعايش معه.
والخطورة هنا تكمن في تجاوز نقطة اللاعودة أو الإمكانية للم الشمل الفلسطيني بل والتهيئة لانقسامات فلسطينية جديدة، وهذا آخر ما يحتاجه أو يريده أو يتمناه المواطن الفلسطيني.