معاريف - بقلم: أفرايم غانور الحكومة التالية التي ستقوم في إسرائيل بعد الأول من تشرين الثاني، إذا لم تتوجه دولة إسرائيل بالطبع إلى حملة انتخابات أخرى، ستضطر للاعتماد على أحزاب مناهضة للصهيونية.
إذا كان بنيامين نتنياهو هو الذي سيقيم الحكومة التالية، فإنه سيقيمها على أساس الأحزاب الحريدية، التي هي مع كل الاحترام والبهاء بعيدة عن الصهيونية. وبالمقابل، إذا ستقوم حكومة التغيير مع تغيير في التسريحة برئاسة “يوجد مستقبل” والمعسكر الرسمي، فلا يمكنها أن تقوم دون أن تعتمد على “الموحدة” وما يبدو أيضاً على القائمة المشتركة – اللتين تعتبران مناهضتين للصهيونية. من هنا، فإن استخدام العبارة المتآكلة (إقامة حكومة على أساس أحزاب صهيونية فقط) أفلست.
ثمة من يسأل، وعن حق، ما الفرق هنا؟ هنا وهناك العديد ممن لا يحترمون ولا يقفون بصمت لذكرى الشهداء في يوم الذكرى، ولكن السؤال الأهم هنا يجب أن يوجه إلى لبيد وغانتس اللذين يفترض بهما أن يقيما حكومة التغيير التالية، إذا ما قامت.
أنتما بلا شك ستتوجهان في اليوم التالي للانتخابات للأحزاب العربية لنيل التأييد في تشكيل حكومتكما، فلماذا إذن تخفيان نواياكما؟ أولم يحن الوقت للتوقف عن التعاطي مع الأحزاب العربية كالعشيقة وإدارة اتصالات معها في الخفاء فقط؟ فالكل في نهاية المطاف، سيرى وسيعرف، وهذا في هذه الأثناء يضر المصداقية والشفافية اللتين يفترض بكما أن تعرضاهما.
يبلغ عدد عرب إسرائيل اليوم نحو مليوني نسمة، ويشكلون نحو 21 في المئة من عموم السكان في إسرائيل. هذه قوة انتخابية هائلة.
إذا ما حللنا المعطيات على الخريطة السياسية الحالية بعد أربع معارك انتخابية اجتزناها في السنوات الثلاث الأخيرة، فلا شك على الإطلاق بأن عرب إسرائيل، بمعونة الأحزاب التي تمثلهم، يمكنهم حسم مسألة من سيكون رئيس الوزراء التالي، وأي حكومة ستكون.
كل ذلك بالطبع شريطة أن يحققوا حقهم في التصويت ويتوجهوا إلى صناديق الاقتراع. مثلما فعلوا في 15 أيار 1999 – حين سُجل رقم قياسي للناخبين العرب بنسبة نحو 75 في المئة، فيما سجلت -بالمقابل- النسبة الأدنى للمصوتين العرب في الانتخابات الأخيرة للكنيست الـ 24 في آذار 2021 – 44.6 في المئة.
يتبين أنه منذ أحداث تشرين الأول 2020 طرأ انخفاض واضح في عدد المقترعين للكنيست في أوساط عرب إسرائيل عقب تعاظم عدم الثقة تجاه الدولة ومؤسساتها – حقيقة واضحة في التصويت للكنيست في العقد الأخير.
وثمة حقيقة أخرى أثرت وستؤثر على المقترع في الوسط العربي، وهي الانقسام والانشقاق في أحزاب هذا الوسط. رأينا هذا في الانتخابات للكنيست الـ 23 في آذار 2020، حين تنافس حزب واحد وهو يتشكل من لوحة فسيفساء من الأحزاب، لكنه وقف في كتلة واحدة وتسبب بذروة 64.8 في المئة مقترعين في الوسط العربي. بعد سنة من ذلك، عندما تنافست “الموحدة” على انفراد في الانتخابات الأخيرة مقابل القائمة المشتركة، انخفضت نسبة المقترعين كما أسلفنا إلى درك أسفل غير مسبوق.
وأنا أتوجه مرة أخرى لأولئك الذين يعتزمون المشاركة ويقيمون حكومتهم بمساعدة الناخبين من أوساط عرب إسرائيل والأحزاب العربية. ثمة بحث أجري مؤخراً في الوسط العربي بكل مستوياته، يبين أنه كلما تعزز إحساس الوسط العربي بأن لصوتهم معنى وقدرة للتأثير على تشكيل الحكومة التالية ورئيسها، يزداد لديهم دافع المشاركة في الانتخابات. بمعنى، عندما تكون الأصوات الحاسمة لحملة الانتخابات التالية في الوسط العربي ولديكم نية واضحة للاعتماد على هذه الأصوات، فإنكم ملزمون بأن تتحدثوا إليهم لا أن تغمزوا في الظلام.
في نهاية المطاف، حتى أولئك الذين يعارضون إشراك أحزاب الوسط العربي في حكومتهم اليوم بكل ثمن، سيدركون مع الزمن بأن العرب جزء لا يتجزأ من هذه الدولة في كل مجال وإطار، وإنه لا يمكن إقصاؤهم أو استبعادهم. ولكن كي يثبت هذا ويتحقق، يتعين على عرب إسرائيل ببساطة أن يتوجهوا إلى الانتخابات بجموعهم – هناك قوتهم.