لم يكن إلغاء سفر أول فوج سياحي فلسطيني من مطار رامون الإسرائيلي إلى تركيا، الإثنين الماضي، بعد أسابيع على تحديد موعد الرحلة، سوى مؤشر على صعوبة سفر الفلسطينيين من المطار والعراقيل الضخمة أمام تحوله إلى بوابة الفلسطينيين الرئيسة للعالم الخارجي.
على الرغم من موافقة الحكومة الإسرائيلية على سفر الفلسطينيين عبر المطار ضمن حزمة التسهيلات الحياتية لهم، فإن ذلك يقتصر على رحلات خاصة مستأجرة وليس ضمن الرحلات التجارية الاعتيادية للإسرائيليين.
ويقف وراء المشروع أمير عاصي "المستشار الاستراتيجي لشركات الطيران"، ويعمل منذ أربع سنوات على إتاحة الفرصة للفلسطينيين للسفر عبر المطار الواقع قرب مدينة إيلات على البحر الأحمر.
ويبعد المطار أكثر من 180 كيلومتراً من الضفة الغربية، ويتطلب الوصول إليه اجتياز أحد المعابر الإسرائيلية (حواجز عسكرية) بين الضفة الغربية وإسرائيل.
وجاء إلغاء الرحلة الجوية الأولى للفلسطينيين من مطار رامون إلى تركيا بسبب صعوبة تأمين طائرة تتناسب مع ظروف سفر الفلسطينيين الذين يستغرق وصولهم إلى المطار أكثر من ثلاث ساعات.
وعبر عاصي عن تفاؤله بنجاح المشروع الذي انطلق بشكل "متواضع" الإثنين، بسفر نحو 40 فلسطينياً في رحلة اعتيادية من مطار رامون إلى العاصمة القبرصية لارنكا.
لكن عاصي أشار في تصريح لـ"اندبندنت عربية" إلى وجود عراقيل عديدة تعترض اكتمال مشروعه كرفض الإسرائيليين سفر الفلسطينيين عبره باعتبارهم "قنابل موقوتة تهدد حياتهم"، إضافة إلى رفض السلطة الفلسطينية التعامل مع المطار لأنه "ينتهك سيادتها".
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية وافقت على سفر الفلسطينيين من المطار، إلا أنه شدد على أنه أنه لا يمكن "التنبوء بموقف الحكومة الإسرائيلية القادمة بعد الانتخابات في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل".
وأشار إلى تلقيه "تسونامي اتصالات" من الفلسطينيين للتسجيل في الرحلات الجوية "بسبب تعطشهم للسفر بحرية وكرامة وسهولة".
ورفض عاصي الإعلان عن موعد الرحلة الجوية الثانية التي ستكون إلى تركيا، مشيراً إلى أن جميع ركابها حجزوا ودفعوا ثمن التذاكر.
ويعتبر مطار الملكة علياء الأردني المخرج الوحيد للفلسطينيين إلى العالم إضافة إلى المعابر البرية والبحرية الأردنية.
وأعرب عاصي عن استغرابه من "المبالغة الهائلة" في تأثير سفر الفلسطينيين من مطار رامون على الاقتصاد الأردني، قائلاً إن المشروع "في حال نجاحه فلن يفقد الأردن سوى 20 في المئة من المسافرين".
ويخطط عاصي بدعم من منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية غسان عليان تنظيم رحلات أسبوعية من المطار ستشمل وجهات في تركيا ومصر والإمارات العربية المتحدة والمغرب وقبرص.
ووصف عليان سفر الفلسطينيين عبر مطار إسرائيلي بـ"التاريخي" مضيفاً: "كان حلماً وأصبح حقيقة".
وكشف عاصي عن تلقي شركة طيران إسرائيلية تعمل على تنظيم تلك الرحلات تهديدات من إسرائيليين بمقاطعتها بسبب تمكينها الفلسطينيين من السفر عبر المطار.
وحول تداعيات الرفض الفلسطيني الرسمي لسفر الفلسطينيين عبر المطار، أشار عاصي إلى أن مكاتب السياحة في الضفة الغربية اضطرت إلى العمل من وراء الكواليس لتنظيم الرحلات.
ويقول مسؤولون فلسطينيون، إن موافقة إسرائيل على استخدام مطار رامون الذي أسس عام 2019 يهدف إلى إنقاذه من الفشل بسبب موقعه البعيد عن مركز إسرائيل.
لكن عاصي نفى ذلك، وأشار إلى أن نصف مليون شخص سافروا عبر المطار، مضيفاً أن جائحة كورونا أثرت على حركة السفر فيه كباقي المطارات حول العالم.
وترفض الحكومة الفلسطينية سفر مواطنيها عبر مطار رامون، وتطالب بدلاً عن ذلك بإعادة فتح مطار القدس ومنح الفلسطينيين حقهم في السيطرة عليه.
وقال عليان، إن "العمل لا يزال جارياً لسفر الفلسطينيين عبر المطار"… مشيراً إلى"مواصلة استكمال فريق العمل اللازم على أن يتم الإعلان عن ذلك حين حصوله".