منذ أنْ تمّت تنحية بنيامين نتنياهو من منصب رئاسة الوزراء في دولة الاحتلال، في حزيران (يونيو) من العام المنصرم 2021، شهدت العلاقات الأردنية-الإسرائيليّة تحسّنًا كبيرًا، وباتت اللقاءات بين العاهل الأردنيّ، الملك عبد الله الثاني، وبين قادة الدولة العبريّة مكثفةً جدًا، شملت رئيس الكيان، يتسحاق هرتسوغ، وزير الجيش بيني غانتس، رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الحاليّ، يائير لبيد، وإيال حولاتا رئيس مجلس الأمن القوميّ وآخرين، علمًا أنّ العلاقات الثنائية بين المملكة وإسرائيل في عهد نتنياهو وصلت إلى الحضيض.
وفي حزيران (يونيو) من العام 2020 قال مصدرٌ سياسيٌّ رفيعٌ جدًا من الديوان الملكيّ إنّ العاهل الأردنيّ رفض، مؤخرًا، التحدث مع رئيس نتنياهو، الذي أجرى اتصالاً هاتفيًا وطلب التحدث عن مخطط ضمّ مناطق في الضفة الغربية، حسبما ذكرت صحيفة (يديعوت أحرونوت).
ونقلت الصحيفة عن المصدر الأردنيّ قوله إنّه “عندما اتصل نتنياهو قيل له إنّ (الملك ليس موجودًا)، كما أنّ الملك لم يرد على اتصال هاتفي آخر (من نتنياهو) في ساعات لاحقة”. وقد أوضح الأردن أنّه لا يوافق على خطة ضمّ أجزاءٍ من الضفّة الغربيّة للسيادة الإسرائيليّة، كما طرد ذلك الرئيس الأمريكيّ آنذاك دونالد ترامب، مُشددًا على أنّ الأردن يرفض الضمّ من أي نوع، لا (ضم كبير) ولا (ضم صغير). وحذر المصدر من عواقب تنفيذ الضم على الأردن، وعلى الإسرائيليين التفكير بشكل عميق”، وفق ما أكدته (يديعوت أحرونوت).
ولكن اليوم، بعد عودة العلاقات بين عمّان وتل أبيب إلى سابق عهدها، أيْ قبل القطيعة بين الأردن وإسرائيل، والتي كانت بسبب نتنياهو، وخلال جلسةٍ سريّةٍ للحكومة الإسرائيليّة بقيادة رئيس الوزراء يائير لبيد، عُقِدت يوم أوّل من أمس الأحد، صادقت الحكومة على تسريع إقامة منطقة صناعية مشتركة لإسرائيل والأردن، تطلق عليها اسم (بوابة الأردن)، وإقامة وتشغيل معبر متنزه (بوابة الأردن)، زاعمةً، أيْ تل أبيب، أنّ مردّ ذلك يكمن في رغبتها بتعميق التعاون بين الجانبيْن.
وبحسب مصادر سياسيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، كما كشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت)، فإنّه خلال المداولات على هذا المشروع، كشف رئيس الوزراء البديل نفتالي بينيت، النقاب عن السبب الرئيسيّ الذي تسبب بقطيعةٍ بين الأردن وإسرائيل، مُشدّدًا على أنّ نتنياهو هو المتهّم الرئيسيّ بالأزمة الدبلوماسيّة مع المملكة الهاشميّة.
بينيت أكّد، كما كشفت الصحيفة العبريّة، بحسب المصادر بتل أبيب، أنّ رئيس المعارضة نتنياهو، تسبب بقطيعةٍ مع الأردن بسبب مدونةٍ نشرها على حسابه في موقع التواصل الاجتماعيّ (إنستغرام)، حيثُ أرفق للمنشور صورةً مع الحارس الإسرائيليّ، زيف مويال، (33 عامًا) الذي قتل أردنييْن اثنيْن بإطلاق النار عليهما في سفارة الكيان بعمّان، بحسب ما نقل عنه المراسل السياسيّ للصحيفة العبريّة، إيتمار آيخنر.
وأضافت المصادر السياسيّة المطلعة في تل أبيب أنّ بينيت كان يقصد بذلك إلى صورة نشرها نتنياهو، في العام 2017، وظهر فيها وهو يُعانق بحميميةٍ حارس السفارة الإسرائيليّة في عمان عقب عودته إلى إسرائيل بعد أيام معدودة من إطلاقه النار على أردنيين اثنين وقتلهما، وأدى الدعم الذي أظهره نتنياهو للحارس إلى توجيه انتقادات شديدة له في الأردن، وأيضًا في إسرائيل.
وقال الملك الأردني عبد الله الثاني، حينها، إنّ “تصرف نتنياهو الاستفزازيّ يُهدد الأمن الإقليميّ ويحرض المتطرفين”. وأضاف أنّ “الحكومة الإسرائيلية مطالبة بتحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات تشمل محاكمة القاتل، بدلاً من التعامل مع الجريمة كتظاهرة سياسية”، على حدّ تعبيره.
كذلك اتهم وزير القضاء، غدعون ساعر، نتنياهو بتعليق العلاقات مع الأردن، وقال إنّ “العلاقات مع المملكة الهاشمية مُركبّة ومُعقدّة، وساد الإحباط طوال سنين من أنّ إسرائيل لا تدفع مشاريع مشتركة، وهذا يُميِّز أسلوب العلاقات العامّة للسيد نتنياهو”، على ما نقلته الصحيفة العبريّة عنه.


