في انتظار قمة الجزائر..صادق الشافعي

السبت 23 يوليو 2022 12:06 م / بتوقيت القدس +2GMT



هل يمكن لقمة الجزائر القادمة أن تخرج "مؤسسة" القمة عن صورتها ودورها التاريخيين اللذين ظلا محصورين في إطار العموميات والمناشدات، والتي ينتهي مفعولها بمجرد عودة المجتمعين الى اقطارهم؟
ليس هنالك من المقدمات والمؤشرات مما يدفع الى التفاؤل بحدوث مثل هذا الخروج.
مع ان الواقع العربي بشكل عام يبدو في أمس الحاجة لأن يكون لجامعة الدول العربية دور فاعل، واقعي، مؤثر، ومسؤول في مد يد العون والمساعدة الى العديد من أعضائها للخروج من ازماتها الداخلية والخاصة بالدرجة الأولى، او مع محيطها وربما مع أوسع من ذلك.
ان استعراض اوضاع بعض الدول الأكثر نفورا يمكن ان يفي بغرض تقديم صورة عامة عن الأوضاع العربية.
وإذا بدأنا من القارة الافريقية فإن الوضع في ليبيا يندفع الى المقدمة، في مستوى الخطورة والتعقيد لدرجة يكاد يلغي أي دور لليبيا كدولة في أمور المنطقة، والاهم دورها في ترتيب امورها الذاتية وفي تلبية ضرورات واحتياجات أهلها ومواطنيها بالدرجة الأولى.
فما زال حال الانقسام الأهلي والمناطقي والسلطوي وصولاً الى العسكري هو الحال السائد والمسيطر على كل الأوضاع فيها.
وإذا كان ممكناً القبول بالقول أن النظام السابق الراحل هو الذي زرع الأسس لقيام هذا الحال، فانه لا يمكن القبول بأسباب وتفسيرات ومبررات استمراره، بل وبتوسع وتجذر هذه الأسس حتى وصلت الى حال الانقسام السلطوي، والى مقدمات ومخاطر الاشتباكات المسلحة.
ولا يمكن أيضا، القبول بتجاهل الحقيقة ان أكثر من تدخل دولي وأكثر من مؤتمر واجتماع دولي عقدت وأكثر من مندوب دولي دائم عين في مساع لمساعدة ليبيا الخروج من مأزقها، وجميعها فشلت.
وما زال الاستعصاء والانقسام يتعمق في ليبيا ويحمل معه التهديدات من كل الاشكال محملة بالمخاطر على البلد وأهله وثرواته ومصالحه، ناهيك عن أي دور له في المنطقة.
وفي نفس القارة وبارتباط جغرافي مع ليبيا تبرز مشكلة السودان والازمة المتواصلة التي يعيشها. وهي تحمل أيضا نفس التهديدات تقريبا مع اختلاف في عناوينها التفصيلية ومع بقاء تهديد الانقسام والتفتت السياسي والجغرافي والسكاني، والمصلحي.... قائماً ويتعمق.
وكما الحال في ليبيا لا يبدو في الأفق أي امل بانفراج يقود الى اتفاق يحفظ البلد وأهلها، بل الوضع يستمر مفتوحا على كل الاحتمالات واغلبها خطرة او بالحد الأدنى سلبية.
ولا يصح مغادرة افريقيا دون التطرق الى الخلافات المستعرة بين دولتي المغرب والجزائر على أكثر من عنوان وأكثر من مشترك، أبرزها الخلاف حول الصحراء الغربية. وان كانت الأمور بينهما، ولحسن الحظ، لم تصل الى حد الاشتباك.
ولا تصح المغادرة أيضا دون ترقب الوضع القائم في تونس والمفتوح على القلق كما على التفاؤل، وعلى احتمالات لا يمكن الجزم بها وليس من السهل الانحياز لأي منها.
اما إذا انتقلنا الى بلاد المشرق العربي، فباستثناء حال الاستقرار والنمو التي تعيشها معظم بلدان الخليج العربي، والحال العادية والمستقرة تقريبا التي تعيشها بلدان أخرى فان الوضع في بقية هذه البلاد ليس أفضل حالا من اخواتها في افريقيا، حتى وان اختلفت طبيعته واسبابه وتعبيراته.
ويبرز ذلك بشكل أوضح في العراق ولبنان وسورية وان بظروف ومحتوى وخصائص وخلفيات تختلف بين الواحدة والاخرى.
العراق، هو الاوضح في غلبة العناصر الداخلية على المشهد القائم والغالب فيه.
وهو المشهد المتمثل أساسا في الخلافات بين القوى السياسية فيه - والاساسية بشكل خاص-  وانها تحول دون القدرة على تشكيل حكومة تقود البلاد.
خصوصا وان ذلك يحصل ويستمر بعد أكثر من سنة تقريبا على اجراء انتخابات تشريعية عامة مقبولة هي ونتائجها من كل القوى السياسية وفي أولها واكبرها واقواها.
 والخطورة هنا تكمن في ان الخلاف على تشكيل الحكومة يمتد ويتسع ليشمل عناوين هامة أخرى تتعلق بالوطن وبقواه السياسية وبالدور المطلوب منه وبحياة الناس ومعايشها.
كما يزيد الامر خصوصية انه لا يبدو في الأفق وفي المدى المنظور أية مقدمات لتغيير في الحال وفي المواقف وبما ينعكس سلبا على إمكانية وقدرة العراق على القيام بالدور المطلوب والمرجو منه في الوضع العربي العام.
لبنان، يقف في نفس موقف العراق، فيما يختص بقدرته على لعب أي دور إيجابي ومؤثر في الواقع العربي العام. ويعود ذلك الى ان البلد يغرق في مشاكله المعروفة دون الحاجة الى ذكرها وفي أزماته الداخلية الخاصة بحيث يعجز عن لعب أدنى دور إيجابي ومؤثر في الوضع العربي العام.
اما سورية، فعدم قدرتها على لعب دور هام ومؤثر في الواقع والفعل العربي كما كانت تفعل في السابق هو ناتج بالأساس، عن حالها الداخلي العام الذي تعيشه والمتمثل أساسا بالتدخلات الخارجية ذات الحضور القهري المعادي والمسيطر بدرجات وأشكال مختلفة على بعض أراضي ومناطق ترابها الوطني، وهو ما يفرض التركيز على التعامل مع هذا الواقع ومع التدخلات الخارجية وحضورها القهري.
ان تخصيص الدول المذكورة لا يعني بحال تجاهل او تناسي البلاد العربية الأخرى والاحوال القائمة فيها وبعضها شديد السلبية تصل حد الدموية مثل اليمن.
ان محصلة الصورة العامة لواقع الدول العربية بقدر ما تؤثر في أوضاع وادوار اقطارها بالدرجة الأولى فإنها تنعكس سلبا على الوضع العربي العام.
وتنعكس سلبا بشكل خاص على النضال الوطني الفلسطيني وضعف القدرة على تقديم الدعم المطلوب له في نضاله بكافة اشكاله الجماهيرية والسياسية والإعلامية وصولا الى المالية.
فهل ستكون قمة الجزائر مؤهلة وقادرة على التعامل الأفضل مع هذا الحال وباتجاه الخروج منه بالقدر الأكبر الممكن.