نشرت صحيفة الفايننشال تايمز تقريرا خاصا عن تزايد خطر البكتيريا المقاومة للأدوية مع انتشار مناطق الحروب ومن بينها غزة جراء الاعتداءات الإسرائيلية.
ووصفها الكاتب أندرو جاك، بأنها “جائحة صامتة” تقتل الملايين وتؤدي لتفاقم الجروح، وأصبحت مصدر قلق متزايد في الشرق الأوسط وأوكرانيا وخارجها.
ويقول الكاتب إن الطبيب توم بوتوكار يتذكر عودة المرضى في مستشفى الشفاء بغزة للاستشارات بعد جراحة في الأطراف لعلاج إصابات جراء الرصاص أو القنابل الإسرائيلية. ويضيف أن “تعافيهم الواضح يتناقض مع الإصابات الكامنة الخطيرة، وهي جزء من اتجاه متزايد للإصابات والعدوى مع انتشار الصراع من الشرق الأوسط إلى أوكرانيا وخارجها”.
يقول بوتوكار، كبير الجراحين في اللجنة الدولية للصليب الأحمر: “إنهم يتجولون على عكازين لكن حالتهم ليست حرجة”. ومع هذا، فإن جروحهم ليست صحية: الحواف متكسرة والقيح يتسرب. أنت تعلم أن هذه مشكلة كبيرة. في كثير من الأحيان، لا يمكن أن يظهر الأمر على أنه كبير، لكنه يشبه إلى حد ما جبل جليدي (يخفي أكثر مما يظهر)”.
وقد أُجبر على تقديم علاج متابعة مكثف وإعادة فتح وتنظيف الجروح ووصف مضادات حيوية قوية لمعالجة الالتهابات التي يمكن أن تكون قاتلة للمرضى وتنتقل للآخرين.
بوتوكار هو واحد من عدد كبير من الإخصائيين الطبيين الذين يشعرون بالقلق من النمط الناشئ للبكتيريا المقاومة للأدوية المنتشرة داخل مناطق الحرب وخارجها.
ويشير التقرير إلى أنه ربما يكون الشرق الأوسط هو النقطة الساخنة عالميا لمقاومة مضادات الميكروبات.
ويوضح الكاتب أنه في حين أن الموضوع لا يزال غير مفهوم بشكل جيد، فهناك أدلة متزايدة على أن الحرب تركز وتضخم العديد من العوامل التي تساهم في “الجائحة الصامتة” لمقاومة مضادات الميكروبات، وتقتل هذه الجائحة أكثر من مليون شخص سنويا حول العالم.
ويؤكد جاك أنه كانت هناك تقارير عن بكتيريا مميزة مقاومة للأدوية في المرضى في مناطق الصراع، من بينها acinetobacter baumannii المعروفة باسم “بكتيريا العراق”، والتي تم التعرف عليها في الجرحى الأمريكيين الذين عولجوا في حروب الخليج. الآن، هناك أدلة مؤكدة تأتي من مكان آخر.
ويقول بوتوكار “ربما يكون الشرق الأوسط هو النقطة الساخنة عالميا لمقاومة مضادات الميكروبات”. وكان من بين مرضاه فلسطينيون أصيبوا بطلقات من أسلحة قاتلة عالية السرعة وكذلك بالسكاكين والبنادق كجزء من عنف داخلي بين الفصائل. ويضيف “إنها بلا شك مشكلة كبيرة.”
ويوضح الكاتب أن بحثا في مشروع جراحي ترميمي تابع للجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان، كشف أن المرضى الذين تم إدخالهم المستشفى خلال الفترة 2016-2019 ظهر أن لديهم نسبة عالية من البكتيريا المقاومة للأدوية المتعددة في عينات مأخوذة من جلدهم وأنسجتهم الرخوة وعظامهم.
وتدير منظمة أطباء بلا حدود، وهي مؤسسة طبية خيرية، برنامج الجراحة الترميمية الإقليمي في العاصمة الأردنية للمرضى المصابين في النزاع في العراق وسوريا ولبنان واليمن وفلسطين. وتشير إلى أن أكثر من نصف مرضاها يصلون مصابين بعدوى مزمنة، وأكثر من 60 بالمئة منهم مقاومون للأدوية المتعددة.
ونقل التقرير عن أنطوان أبو فياض، الأستاذ المساعد في الجامعة الأمريكية في بيروت، قوله إنه بدأ دراسة هذه الظاهرة في عام 2018. وقام منذ ذلك الحين بتحليل عينات من المرضى في عدد من البلدان التي مزقتها النزاعات في المنطقة، بما في ذلك سوريا وليبيا والعراق.