الازمة مع تركيا والتي وجدت في نهاية الاسبوع تعبيرا اضافيا مع قرار تركيا الغاء مشاركة اسرائيل في مناورة هامة، تقلق جدا القيادة السياسية الاعلى في اسرائيل. الاحساس هو أن الحديث يدور عن أزمة خطيرة سيكون لها تعابير اخرى. التخوف الاساس في اسرائيل، التي تتابع عن كثب سياسة رئيس الوزراء التركي طيب اردوغان هو أن تتقرب تركيا من ايران. وقال مصدر سياسي كبير في القدس ان "هناك تخوفا عندنا وكذا في اوساط الدول الغربية الرائدة من أن اردوغان يحمل تركيا في مسيرة هادئة ومصممة من الاسلمة. حتى اليوم كانت تركيا مقولة مضادة لايران – دولة اسلامية علمانية، مع دستور متسامح تتطلع الى أن تكون عضوا في الاتحاد الاوروبي. ولكن اردوغان يعمل ضد هذا التيار. وهو يخلق مسيرة من شأنها أن تقرب تركيا من ايران. وهو يعمل على تحويل تركيا الى دولة اسلامية دينية. النموذج الاقرب لايراب منه الى دول اوروبا". هذا التخوف، كما تقول محافل سياسية رفيعة المستوى في القدس لا يوجد فقط في اسرائيل بل تشارك فيه دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة، بريطانيا وفرنسا. في اسرائيل يقدرون بان هذه المسيرة من التقرب التركي الى الاسلام، ستكون بطيئة. ولكن القلق من المسيرة ارتفع درجة عندما اكتشفوا في اسرائيل بان اردوغان يحاول التضييق على خطى الجيش الذي يعتبر الحارس الاخير لدستور الزعيم الاسطوري المحبوب للاتراك كمال أتاتورك. وفي هذه الاثناء في اسرائيل وفي العالم لا يزالون يأملون بانه سيكون ممكنا منع اردوغان من تغيير طابع تركيا. القرار في اسرائيل هو التصرف مع تركيا بقفازات من حرير من أجل عدم دفعها الى أحضان ايران. وفي دول الغرب ايضا يعتزمون استيضاح الامور على المستوى الدبلوماسي الهادىء. في اسرائيل الرسمية يقولون انه محظور التخلي عن العلاقات الطيبة بين اسرائيل وتركيا. "تركيا هي هامة لاسرائيل وتشكل مرسى استراتيجي يضمن الاستقرار في الشرق الاوسط. توجد بيننا وبين الاتراك اتصالات دبلوماسية متواصلة وجيدة وكل ما ينبغي أن يتضح، سيتم استيضاحه ايضا بشكل هادىء وغير حماسي"، كما قالت المحافل السياسية في القدس. ميل سلبي والى ذلك لا تزال عاصفة الخواطر في جهاز الامن في اعقاب قرار تركي بالغاء مشاركة سلاح الجو الاسرائيلي في المناورة الجوية "انطوليان ايجل". على نحو علني رفضت محافل رفيعة المستوى التعقيب، ولكن من خلف الكواليس تحدثت مصادر في الجيش وفي جهاز الامن بحدة. "التدهور في العلاقات مع تركيا لم يطرأ اليوم"، شرح مصدر أمني كبير. "هذا وجد تعبيره في تصريحات المسؤولين في الحكم التركي، في المظاهرات ضد اسرائيل وفي الاحتجاجات العلنية ايضا امام رئيس الدولة شمعون بيرس". وحسب المصدر الامني الكبير، فانه بين اسرائيل والجيش التركي تسود علاقات هامة للغاية تستند الى تقدير متبادل على مدى السنين. ومع ذلك فقد اضاف: "الميل السلبي للحكومة التركية ينبغي أن يقلقنا. نحن بالتأكيد يتعين علينا أن ننظر في بيع منظومات متطورة للجيش التركي كي لا يتبين لنا ذات يوم بانها توجه ضدنا". مصادر في سلاح الجو قالت امس انه بعد معاملة كهذه، لا ريب أن العلاقات بين الطرفين تضررت. وحسب مصدر أمني كبير آخر، في السنوات الاخيرة وقعت عدة صفقات من الصناعات الامنية مع وزارة الدفاع التركية، بينها تحسين دبابات، تحسين طائرات فانتوم وغيرها. "اسرائيل هي قوة عظمى امنية في غير قليل من المجالات ونحن نجد صعوبة في أن نرى الاتراك يتخلون عن السوق الاسرائيلية"، شرح المصدر الامني. "ولكننا نشهد ميلا متعاظما لتعيين ضباط متدينين في الجيش التركي الامر الذي لم يكن من قبل. ويتعين على اسرائيل أن تفكر مرتين ما الذي تبيعه لتركيا". في جهاز الامن في اسرائيل يدعون بانه ليس واضحا بعد اذا كان القرار التركي دائم أم يستهدف المناورة الحالية فقط، والتي كان يفترض أن تبدأ اليوم في مدينة "انطوليان"، حيث جرت في نهاية الاسبوع مظاهرات عاصفة ضد اسرائيل على خلفية اضطرابات الحرم. 12 اكتوبر 2009