المعلم عجوة .. فكر؟! ،،، محمد سالم

الأحد 26 يونيو 2022 02:16 م / بتوقيت القدس +2GMT
المعلم عجوة .. فكر؟! ،،، محمد سالم



جلس المعلم عجوة على المقهى شاخصًا ببصره للأمام، وبدا أنه مستغرق في تفكير عميق عندما اقترب منه صديقه عم عشم، ثم سحب كرسيًّا وجلس بجانبه. قال المعلم عجوة : مساء الخير يا عشم. لم يرد الأخير، لكن نظر نحو صديقه، وقال في صوت عميق: أنا أواجه مشكلة فلسفية كبيرة. مع الناس اللي بتشرب مية مخلل!

 
 قال عجوة: أطيب الناس نفساً .. وألين الناس ركبهْ؟.. أنا أعرف أن اليوم كان موعد ندوتك الأسبوعية مع المثقفين، لكنى لا أدرى محاور الندوة أو ما انتهت إليه؟ والاختلاف في الرأي قد يفسد الود وينسي القضية، وإستنفرت على هذا .. النحو! ، ارجوك حاسب لا تنام الناس في حالة صحو!!


فقال عشم: اليوم طرحتُ على الأصدقاء رؤيتى لقضية مهمة، وهى الرأى، فمن يعلن رفضه لمصادرة الحياة السياسية وتغيير الواقع، لصالح الديكتاتورية الحزبية؛ السياسيون، والكُتَّاب، والأعلاميون، "النخبة" لا ترفض بصمت ما يفعله سادة الدجل السياسي؛ الشعب يعلن رفضه، على الاقل في العلن! فلا جريمة أعلى من جريمة تربية الناس على الخوف من استخدام عقولهم، من قبل بشر لا مباليين، بشر كانوا ينتظرون من الاخر أن يقدم شيئا لحياتهم.. وقضيتهم ، شيئا ينتزعهم من شظف حياتهم وقسوتها! رغم كل ذلك يسير مخطط الانقسام الصهيوني في طريقه، كأن شيئا لا يحدث!، ليصبح الانفصال السياسي خالدا كما هو الانفصال الجغرافي قائما .. لقدجعلوا من القضية عبئا.!
 

 
 قال عجوة، وهو يرشف من قدح القرفة: لقد قمت بتشخيص هذه الحالات على أن أصحابها لديهم حالة انفصام سياسي، ترتد بهم إلى العصر الطحلبي،و أضاف ساخرا: لا توجعوا رؤوسنا.. ما أكثر ما نسمع، ولا شيء يحدث على الإطلاق. وفر مجهودك لوقت مناسب. أزمة الوطن أكبر مما كنا نظن ، إنها أزمة وجودية عميقة ومتجذرة وليست مجرد أزمة سياسية عابرة؛ و لا أريد أن أذكّر  بما قاله شمعون بيريس، وقد اعتبر الانقسام ثالث إنجاز تاريخي للحركة الصهيونية بعد الإنجاز الأول إقامة الكيان الصهيوني، عام 1948، وهزيمة حزيران العام 1967.


- قال عشم: لايعني ابدا ان اطياف المجتمع الاخري منزهة عن الخطأ، لقد ارتكبت كل الأطياف، من الاخطاء والخطايا ما اوصلنا لما نحن فيه.. بتشرزمهم ومراهقتهم وقلة خبرتهم، وغياب اي قيادة جامعة لهم، وتدني خطاب بعض رموزهم، وهروب القيادة المعتبرة لصالح استمرار حالة الانقسام ..الجميع تقريبا، فكلنا مخطئون، والنخبة متلونة، منتفعة، أنانية، تلهث وراء الجزرة وترتعد خوفا من العصا؛ والذي يُمْسِكُ بالعصا من المنتصف قد يجيدُ الرقص ، لكنه لن يجيدَ القتال.


 فلا تستفيد بعلمها ولاتجيد قراءة المستقبل..لا قضية ولا شعب ولا يحزنون. البعض جالسا فرحا بمنصبه في شبه حكم ، ينتظر ، كما سبقه السادة  فكان لابد أن ندفع الثمن هنا أو هناك، برغم من  الصبر والخراب والمرار، فالشعوب لا تلعب، خاصة مع من لا يملك القدرة على المواجهة، و من يدير ظهره لشعبه، الشعوب تنتظر  وتنتظر ، ثم تدعهم لقدرهم، وأنت عارف الباقي؟! وكم نود أن نشهد محاسبة هؤلاء.
 

قال المعلم عجوة: البعض. مسكونون بالخوف من توحيد الجهد الوطني  لدرجة انهم يكادوا يعزلون انفسهم في جيتو داخل مربع الانقسام، لدرجة انهم يراهنون احيانا علي مواقف وانحيازات لا تفيد الوطن بل تفيدهم فقط!!، أحيانا أشعر بالحسد تجاه " موالسة الانقسام" من ناحية إحساسهم المدهش بالهدوء والطمأنينة فى ظل كل الظروف التى نمر بها؛ لقد وافق البعض على  تنفيذ مخطط الانقسام الصهيوني، أن يفعل فى القضية  ما يشاء! واعتزموا ألا يعبأوا على الإطلاق بانتهاك القانون أو قمع المعارضين أو كبت الحريات، وقرروا ألا ينشغلوا بشىء سوى الأشياء التى تخصهم وتخص احزابهم و أولادهم فحسب!. أما ما يخص هذا القضية ويخص أرضها وشعبها ومستقبلها. فلا شأن لهم به!!


 قال عشم والغضب الساطع آت: حالهم أشبه بحال أعضاء الفرقة الموسيقية فى السفينة تيتانيك، الذين ظلوا يعزفون الموسيقى بينما السفينة تغرق والناس تقفز منها وتموت فى المياه المتجمدة، مع الفارق أن أعضاء الفرقة الموسيقية كانوا يدركون أن السفينة تغرق وأن مصيرهم فى النهاية هو الفناء، بينما هؤلاء. فمعظمهم لا يزال لا يدرك الحقيقة، مغيب، سلم للجهل السياسي التام  ليتحكم فيه كما يشاء.


وبعضهم بدأ يستشعر الخطر فعلا ولكنه يكابر، و يرفض أن يعترف بخطئه حتى لا يشعر بالعار أو يفقد إحساسه المزيف بالاستقرار، وبعضهم منتفع. ويعلم جيدا حقيقة الأوضاع فى البلد .. ولكنه يريد أن يخطف أى "مصلحة" قبل أن تغرق السفينة وتستقر فى قاع المحيط؛ فسأله: ما الذي يجمعنا إذن؟ أجاب: أن الذي يجمعنا هو الموت. السفينة تغرق دون حاجه إلى رأينا أو معاونتنا، ستغرق قبل أن نستوعب ما يمر بنا، وأن التفكير بعد ذلك لن يجدي شيئا، وربما جر وراءه العداء، و الكدر، وصغط الدم.


- المعلم عجوة: كلنا اذن .. مخطئون يا عم عشم .. ولانستثني احدا حتي ولو بالصمت العاجز ..ولاتقدم ولا تغيير الا باعترافنا جميعا بأخطائنا وتطهرنا منها وتصميمنا علي تصحيحها وتوافقنا علي وحدتنا الحقيقية.. ومقاومتنا الحرة، فهي اقصر الطرق للاستقلال و بناء دولة القانون والدستورية.. دولة ديمقراطية حديثة.

 قال عشم مترددًا: للامانة والانصاف..كلنا مخطئون.و تساءل المعلم عجوة ساخرا : قول يا باسط، ما آخر نكته؟ فأجب : لم يعد هناك من نكات منذ أصبحت حياتنا نكته سمجة، ومن شابه حكامه فما ظلم، أعظم الله أجركم ..شكر الله سعيكم. هات قهوة سادة.