- الكتاب العرب الساخرون يعدون على أصابع اليد الواحدة. البعض مثل محمد الماغوط و زكريا تامر ، السخرية في كتاباتهم نابعة من المرارة ، بينما عمنا السعدني يسخر وهو مبسوط وفي حالة من الانشراح والتجلي. بعكس، الساخر الباكي، الأديب الكبير عزيز نيسين، اسمه الحقيقي محمد نصرت نيسين، وصنف بما يعرف بالكوميديا السوداء، أي المضحك المبكي. و اخر العملاقه، العم عشم الذي قال : بدأت أتقلب من الحزن في حين أعمل جاهداً لأكون سعيداً.
- شوف الحوار .. و رأى الفنان الكبير ايه؟
من فترة بسيطه، عم عشم قال لي : وفر مجهودك لوقت مناسب ، أزمة الوطن أكبر مما كنا نظن ، إنها أزمة وجودية عميقة ومتجذرة ، وليست مجرد أزمة سياسية عابرة؛ ولا حضرتك مش فاكر مخطط الانقسام ..و لا أريد أن أذكّر القارئ بما قاله شمعون بيريس،و قد اعتبر الانقسام ثالث إنجاز تاريخي للحركة الصهيونية بعد الإنجاز الأول إقامة الكيان الصهيوني، عام 1948، وهزيمة حزيران العام 1967.
- قلت: الساخرون هم الوحيدون الذين يملكون معرفة حقيقة أننا نعيش في عالم يمسك بأطرافه العبث والجنون، ولأنهم يمتلكون قدرة أكبر على السخرية وصناعة الضحك ينتزعونها من المواقف المؤسية المؤسفة التي ينتجها، فإنهم يعيدون تشكيل الواقع على نحو يمكن احتماله. ان بقاءنا جديين- طول الوقت هو دليل على نجاح القهر والقمع، وبذلك يكون المقال الساخر بمثابة اجازة قصيرة من الاضطهاد الداخلي، فالذين وصلوا الى القاع يتمتعون- احينا- بنوع غير مألوف من الفكاهة.
- قال: ضع كل الآمور في الحسبان، ولكن دون أن تفقد أبدا حس الفكاهة، فالكوميديا راقية ومنعشة، والحوارات الساخرة لم تتكرر بمثل هذه الحيوية، و تمنحنا بعض الراحة لمدة وجيزة وتسمح لنا ايضا بالتوقف عن الشعور بالاستياء للحظات قليلة.و محدش هيسمع لمشاكلك ومآسيك باهتمام الا لو عملتها اغنيه او موال شعبى. ماشي.؟ وآه يا لليل يا زمان .. ما بين ساعِ للسلطة وأطماع المنتفعين تضيع الأوطان.. بلا مقال ساخر، أو شاخر. اصلا محدش بيقرا في ايامنا السودا .. يا ريت تشترى دماغك؟
- تعرف تقول ورايا.. اه يا لليل يا زمان ..و لما الحاكم وشبه .. يطمن أنه قاعد على راحته .. بياخد البلد معمل تجارب ... ولا حد يقدر يفتح فمه .. ولا فرق بين قاري وشاري ..كلهم سواء ، والشعب يدفع التمن والبلد كل يوم في النازل.. اه يا لليل يا زمان .. يا فشلة يا ولاد الفشلة! لا بالتلميح ولا بالتصريح .. يا وحل المصايف يا وش المصايب؟! طب والحل.. مشاكل من غير حل! كل الأزمات قابلة للحل، وأول بند في الحل، إنكم تحلوا عنا .. تمشوا!.. الحل هو الحل... واصل اللي صنع الازمة لا يمكن أن يسهم في الحل .. يحلوا عنا .. الحل هو ..حل القائمين.. و شبه حكم وانقسام بلا حل.. وبلاش تكون طرف في مشكله..خليك جزء من الحل.
قلت: تسلم إيديك يا سيدي .. بالتأكيد لن تنجح الكتابة في تغيير الواقع تماما، لكنها يمكن أن تساعد على إبقاء حلم التغيير حيا. قال: هم يصطنعون المشاكل حتى يستمرون لا يريدون حلول، يعملون على ثقب السفينة حتى تغرق ، لن تجدوا من ينتشل جثامين الضحايا الغارقة في وحل الاحتلال الصهيوني الفاشي، وطين وسخام مخطط الانقسام، وبقي المصائب اللي حضرتك عرفها.. يريدون منا أن نلصم معهم خيبتهم؛ وكل صوت ضد مخطط الانقسام له قيمة؛ قلت: يا بخت من وفق راسين .. يا عم عشم.
قال : اسمحلي .. امامك برنامج تأسس دولة تحت الحكم الفاشي الاحتلالي الفاسد النازي الفاشل، ومالوا اسس خمس حكومات. و اربع حكام. للربع وطن.. دولة عظمي هنا .. ودولة نووية هناك؟! بسيطة جدا والوصفة سهلة؛ أحضِرْ سلّهْ ضَعُ فيها " أربعَ أحزاب " هات مخطط الانقسام والتقسيم وضَعُ قيادات مُنحلّهْ . .ضعْ مذياعاً .. ضَعْ بوقَاً، ضَعْ طبلَهْ ... ضعْ شمعاً أحمَرَ، ضعْ حبلاً، ضَع سكّيناً ، ضَعْ قُفْلاً .. وتذكّرْ قَفْلَهْ .. ضَعْ كلباً يَعقِرْ بالجُملَةْ يسبِقُ ظِلّهْ يلمَحُ حتّى اللا أشياءَ ،ويسمعُ ضِحْكَ النّملَةْ ! واخلِطْ هذا كُلّهْ وتأكّدْ منْ غَلقِ السّلةْ ثُمَّ اسحبْ كُرسيَّاً واقعُدْ فلقَدْ صارتْ عِندَكَ .. دولَهْ !
.المبدع عم عشم ..لله دره من كاتب.
