هل تعيد الظروف الحالكة طموحات بن غوريون: (من البحر الأحمر حتى بحر الفلسطينيين) الى الواجهة؟

الجمعة 08 أبريل 2022 02:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل تعيد الظروف الحالكة طموحات بن غوريون: (من البحر الأحمر حتى بحر الفلسطينيين) الى الواجهة؟



كتبت زهراء مالك نعيم:

دايفيد بن غوريون اسمٌ نافذٌ في مسار الحركة الصهيونية الجديدة، رئيس الوزراء الأول لكيان الاحتلال، والمبادر لخطوات “جمع الشتات” التي أظهرت خليطاً بين التعصب والحقد في هذه الشخصية، وبحسب مقال للفيلسوف سيدني هوك وصف فيه بن غوريون “بالزعيم النادر الذي لا ينتظر الأحداث، بل يصنعها بجرأة”, الصهيوني المتحمس الذي اخذ على عاتقه تحقيق الطموحات الصهيونية عند توليه منصب السكرتير العام للهستدروت اتحاد عمال إسرائيل، وخلال الحرب العالمية الثانية تحدى السلطات البريطانية ونظم موجات ضخمة من الهجرة غير الشرعية في ظل القيود المفروضة, وفي هذا الوقت جهز العتاد العسكري الثقيل, الذي تضمن الطائرات والمدفعيات, علماً أنه كان المسؤول عن “عملية البساط السحري”  وهدف هذه العملية هو استقدام يهود اليمن, والمياه القطرية. في العام 1950 ظهرت طموحات بن غوريون إلى الضوء، فصرح بكلمات مملوءة بالرغبة عن أهمية السيطرة على البحرين الأبيض المتوسط والاحمر، ودعم طموحه بجملة توراتية محرفة يستفز بها نفوس الموجودين “وليكن ملكك من البحر الأحمر حتى بحر فلسطين”. وأوضح مدى الأهمية الاقتصادية والسياسية لإقامة مشروع استيطاني جديد على شواطئ ما ذكر.
السيطرة على البحار اولاً وما ينتج عنها من تفوق اقتصادي.
كانت هذه الغاية اساساً في وجود الحركة الصهيونية، ويظهر هذا جلياً من خلال هيكلية العلم وشكله (نجمةٌ في المنتصف مع خطين ازرقين فوقها وتحتها) يحاكي هذا التصميم الحلم المرجو للحركة الصهيونية بالسيطرة على الأراضي الواقعة بين النيل والفرات. وكانت قد أعلنت السلطات الإسرائيلية في العام 2018 استعدادها لإنشاء قناة تربط بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وستقوم بشقها من ايلات وتعطيها اسم المصمم الأول بن غوريون لتكون هذه القناة بديلاً عن السويس, وتكون أكثر أمناً لسفن الكيان بالإضافة الى تقليص المدة التي تستغرقها السفن للوصول, معلنةً بأن قناة بن غوريون ستكون الأكبر من حيث العمق والعرض, وستتمكن اكبر السفن من عبورها, أي سيتضارب عملها مع قناة السويس وهذا ما يثير قلق مصر لأنه بذلك ستتمكن إسرائيل من السيطرة على بحر عمان والخليج العربي ومضيق جبل طارق فضلاً عن تجويع المصريين وتهميش دورها الاقتصادي, وهذا ما تحتاجه الولايات المتحدة وستنفذه عبر الكيان الإسرائيلي وخصوصاً بعد ازمة النفط الحالية التي قد تصل الى انقطاعه, وهذا ما يحتم البحث عن مصادر بديلة للطاقة في ظل شحتها وارتفاع أسعارها وفرضية عدم وجودها في المستقبل نظراً للسياسات والمصالح.
اتفاقيات أبراهام الرباعية والتوسع عبر البحار.
في ظل التوتر المحيط في تربع الولايات المتحدة على عرش العالمية بدأت الأخيرة بالبحث عن تحالفات جديدة لتعزيز التعاون الاقتصادي والتنمية معهم, ففي عام 2021 جرت اول محادثة افتراضية بين الهند, الولايات المتحدة الامريكية, الامارات, وكيان الاحتلال الإسرائيلي, وقد اظهر المسؤولون حماساً تجاه التعاون في مناقشة الفرص العالمية, وجرى الحديث بين الأطراف عن تعزيز الامن البحري والتعاون في مجال الطاقة, ولعل الدافع الأبرز للولايات المتحدة لتنضم لهذه الاتفاقية هو امتلاك الصين لمشروعها الضخم طريق واحد حزام واحد ومضيها فيه باتجاه غرب اسيا وما سينتج عنه من استثمارات ضخمة وسيطرة على احد اهم طرق التجارة الدولية, ما سيجعل الولايات المتحدة الامريكية في صدد الدخول  في صراع اقتصادي تسيطر فيه على المنافذ البحرية مقابل الطرق البرية للصين, وبهذا تكون أمريكا اغرت اليهود وحاكت تعصبهم لتملك الأرض من البحر الى البحر, لتحقق بدورها التفوق الاقتصادي وتمسك مجدداً بدورها الريادي, لتتمكن أيضاً من امداد خطوط غاز, وتبقى الولايات المتحدة في موضع المترقب والحذر من عواقب المشروع الصيني الذي سيحقق نجاحاً للمنطقة في حال وصوله لميناء اللاذقية.
إسرائيل ستستغل المعضلات للتذكير بالمشروع وربما ستختلقها.
من المفيد هنا ان نعود الى حادثة الناقلة “ايفر غيفن” التي علقت في قناة السويس وتسببت بسد المجرى الملاحي ما تسبب في تعطل وتكدس مئات السفن عوضاً عن الخسائر المالية الفادحة ونقص امداد العالم بالنفط والغاز, وقد تحدثت وكالة نوفوستي الروسية عن سلوك غير مبرر قامت به الناقلة قبل دخولها القناة وتبين انها سلكت مساراً دائرياً, بالإضافة الى حمولتها الزائدة التي تجاوزت المعايير الدولية المنصوص عليها لعبور القناة, وحينها استغل كيان الاحتلال الفرصة لإعادة طرح مشروع قناة بن غوريون على الطاولة والحديث عن مزاياه وخصائصه المتفوقة عن خصائص قناة السويس لهذا سلط الأضواء عليه في احتمالية ان يكون المنفذ لما حصل, والفكرة بطبيعة الحال ليست بجديدة كما ورد سابقاً بل جرى ايضاً الحديث عنها في مذكرة أمريكية رفعت عنها السرية وتتضمن شق قناة من الأراضي الفلسطينية المحتلة, باستخدام القنابل النووية عبر صحراء النقب الا ان المشروع تعرقل بسبب مخاطر الاشعاعات ليعود ويظهر في السنوات الأخيرة بسبب وجود التقنيات الحديثة والمتطورة لإنجازه, وتكلمت إسرائيل عن خطتها لتأمين القناة بأجهزة تجسس في عمقها, وستقيم اكبر حاجز يعمل على كشف الأسلحة عن طريق الاشعة الليزرية تضمن من خلاله الهيمنة والتحكم بالممر المائي وتراقب كل ما يدخل للدول المعادية لكيان الاحتلال, ضمن خطة محكمة بحسب الادعاء ستحتاج 5 سنوات لإتمامها, وبهذا يكون الحلم الصهيوني يراوده مجدداً لتحقيق اماله المعلقة التي من المحتمل أن يتم تنفيذها ان رأت الولايات المتحدة نتائج إيجابية ترتد عليها وتخدم مصالحها وخصوصاً أنها في صراع مع الوقت لتأمين بدائل للنفط والغاز في حال أدت التطورات في المنطقة لقطع الامدادات.
جزيرتي تيران وصنافير انتقالٌ للملكية فقط أم تجهيز الأرضية لمشروع تل أبيب.
في العام الماضي نقلت سيادة جزيرتي تيران وصنافير من مصر الى السعودية في ظل التخطيط لإحياء مشروع قناة بن غوريون، ونظراً لودية العلاقات بين إسرائيل والسعودية فهذا سيسهل عليها فتح القناة الرابطة بين البحر الأحمر الأبيض المتوسط عبر مضيق تيران، وبالتالي تفقد مصر التحكم بالمضيق سواء في حالة السلم او الحرب، وبهذا تكون الحكومة المصرية وقعت على اعدامها بنفسها وربما بضغوطات معينة.