حدث في يوم الأرض..صادق الشافعي

السبت 02 أبريل 2022 02:30 م / بتوقيت القدس +2GMT



يوم الأربعاء الفائت وفي الثلاثين من شهر آذار كانت ذكرى يوم الأرض المجيد.
إنها ذكرى يوم متميز ونوعي من أيام النضال الوطني الفلسطيني المتميزة، وما اكثرها.
إنها ذكرى يوم نضالي متميز كما الكثير من أيام نضالنا الوطني، وكما تميز يوم الكرامة مثلا رغم الاختلاف في الظروف العامة وفي الطبيعة الشكلية والنضالية والدوافع المباشرة لكل منهما.
انه يوم نضالي وطني يتميز بشموليته لكل أهل الوطن في جميع أماكن تواجدهم.
وما يكسبه دلالة خاصة أن ارض الحدث وساحته التي انطلقت منها شرارة ذلك اليوم كانت ارض الجليل الواقعة تحت الاحتلال والضم من قبل دولة الاحتلال منذ العام 1948. فذلك يزيده أهمية ويحمله معاني إضافية.
لقد امتدت نار هذا اليوم وانتشرت لتشمل كل أهل الوطن الفلسطيني في كل ارض الوطن، ولتشمل كل تجمعات أهل الوطن خارج ارضه، وفي كل أماكن تواجدهم.
وبهذا المعنى والشكل فهو يوم شديد الخصوصية والتميز من أيام النضال الوطني الفلسطيني المتميزة والعظيمة.
عنوان هذه الخصوصية والتميز هو الدرجة الواسعة جدا من الشمولية ومن المشاركة الجماهيرية لجميع أهل الوطن. والاهم هنا إفشال محاولات المحتل في إسقاط الهوية الفلسطينية عن شعبنا الصامد في مناطق الـ48 ومحاولة إخراجهم من معادلة الصراع الوجودي معه.
لبنان والفلسطينيون المقيمون فيه بكل تشكيلاتهم الاجتماعية والوطنية والنضالية، وقوى مقاومتهم المناضلة والمحتضنة من أهل لبنان وقواهم الوطنية والتقدمية، بادروا في تجاوب شامل مع نداء الأرض ويومها ومعهم كل القوى الوطنية والتقدمية اللبنانية وجماهيرها الواسعة و"تنادوا" إلى مسيرة جماهيرية عارمة، وخططوا لها بأن تطوف مناطق من العاصمة بيروت حتى تصل إلى مركز" اليونيسكو" وقاعته الواسعة ليقام هناك مهرجان جماهيري خطابي يعلن المساهمة في فعاليات يوم الأرض ويعلن الدعم والإسناد والمشاركة بكل الوسائل الممكنة للنضال الوطني  ولأهل الوطن الفلسطيني في يوم ارضهم.
في ذلك اليوم، كانت الاستجابة مع ذلك التنادي شاملة وعارمة وتامة، وعلى كل المستويات. وشهدت حضورا قياديا واسعا وعلى أعلى المستويات.
لم يقلل من تلك الاستجابة أو يضعف من شموليتها وعنفوانها ووحدة كلمتها، بدايات الخلاف   السياسي بين التنظيمات الفلسطينية الذي كان قد بدأ واتخذ منحى تصعيديا بعد نتائج المجلس الوطني الفلسطيني في صيف 1974 والبرنامج السياسي الخلافي الذي تم إقراره بالأغلبية وليس بالأجماع كما جرت العادة.
لقد شكل إقرار ذلك البرنامج الخلافي البدايات الأولى والمنطلقات لخلافات سياسية ومعارضة متصاعدة وحادة في بعض الأوقات.
رغم أن تلك الخلافات بقيت، لحسن الحظ، دوما وفي كل الظروف ضمن وفي الحدود الديمقراطية والسلمية ووحدة النضال ومجابهة العدو المحتل، واعتداءاته لم تتخطها ولم تغادرها.
حين وصلت المسيرة الجماهيرية إلى "اليونيسكو" حيث سيكون المهرجان الخطابي، امتلأت القاعة عن آخرها وبقي آلاف من المشاركين في ساحات المركز الخارجية لم تتسع لهم قاعة المهرجان الخطابي.
تواجد في قاعة "اليونيسكو" عدد كبير من قيادات الثورة الفلسطينية ومن قيادات النضال الوطني اللبناني، كان منهم:
ياسر عرفات قائد حركة فتح وقائد الثورة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير.
وكان منهم المناضل التاريخي جورج حبش (الحكيم) الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
كان المتوقع أن يكون افتتاح المهرجان بخطاب للأخ أبو عمار.
لكن عريف المهرجان فاجأ حشود الحاضرين داخل القاعة وخارجها بأن قدَم الدكتور جورج حبش كأول الخطباء، ربما باجتهاد منه بأن يكون أبو عمار هو من يختتم المهرجان بكلمته كما جرت العادة في الفعاليات الشبيهة.
لكن مفاجأة الحكيم كانت أكبر، فحين وصل مستعينا بعصاه الملازمة له بسبب حالته الصحية إلى المنصة والى الميكروفون، اكتفى بالقول:  
"في هذا اليوم المجيد، للثورة كلمة واحدة يلقيها قائد الثورة الأخ أبو عمار".
وغادر الميكروفون، ونزل عن المنصة متجها إلى مقعده في الصالة.
هرول أبو عمار لاحتضانه لحظة نزوله الدرجات القليلة ورفعا يديهما متشابكة ورافقه حتى وصل إلى مقعده.
وكان الحكيم خلال تلك المسافة يهتف هتافه الأثير في مثل هذه المناسبات
"وحدة... وحدة.. حتى النصر."