معاريف: في "حفلة النقب" ..العريس لبيد و"الغشيم"بينيت.. ومفاجأة "إن آوت"بين إيران وفلسطين

الجمعة 01 أبريل 2022 10:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
معاريف: في "حفلة النقب" ..العريس لبيد و"الغشيم"بينيت.. ومفاجأة "إن آوت"بين إيران وفلسطين



القدس المحتلة/سما/

معاريف-  بقلم: ران أدليست  على الحكومة والشعب، المستعدين لمواجهة القطاع والضفة وسوريا ولبنان وإيران، أن يعرفا كيف يحتملان الضربات دون تدهور إلى الفزع أو التخلي عن بضع حروب زائدة.

قمة “سديه بوكر”، مثل قمة شرم الشيخ، كانت كخدعة سراب وفرصة صورة أقلعت مع بشرى جبهة دفاع مشترك ضد إيران، وانتهت بالتحطم على أرض الواقع. حصل هناك ما فهمه كل شخص عاقل منذ زمن بعيد: هذه ليست إيران، يا غبي، هذه فلسطين. لا أصدق التقارير التي تتحدث عن مركزية إيران في المداولات الداخلية؛ فالمراسلون الذين رفعوا التقارير عن المؤتمر يأكلون من كف أيدي “محافل رفيعة المستوى”. وأنا بالتأكيد أعرف ما قاله وزراء الخارجية علناً كرجل واحد: تفاوضوا مع الفلسطينيين.

وإليكم التفاصيل على الفور، ولكن ثمة أسئلة قبل ذلك: هل فهم عريس الحفلة، يئير لبيد، منذ البداية بأن وزراء الخارجية سيستبدلون بالقرص الإيراني القرص الفلسطيني؟ إذا لم يعرف لبيد إلى أين تهب الريح، فهذا خطأ غر سياسي تسبب بواحد من الأحداث الأكثر تأسيسية وإيجابية في علاقات إسرائيل والفلسطينيين. إذا كان يعرف، فهل بلغ و/أو اتفق مع بينيت؟ أجد صعوبة في فهم أقواله؛ فقد غرد لبيد قائلاً: “هذا اللقاء أمر اعتقد الناس أنه لا يمكن حدوثه. لقد أخطأوا… فقد حصل؛ لأن هذه هي الرؤيا التي وضعناها لمستقبل منطقتنا”. تبدو هذه كبداية صداقة رائعة بين إسرائيل والفلسطينيين، أو ربما مبالغة منفلتة لسياسي يبدو مجرد اللقاء عنده حدثاً مهماً. وواصل لبيد: “نفتح اليوم الباب أمام شعوب المنطقة، بما فيهم الفلسطينيون، كي نعرض عليهم استبدال طريق الإرهاب والدمار ومشاركتنا مستقبل التقدم والنجاح”. برافو.

 والآن سؤال نابش قليلاً: هل كان لبيد الذي ربما أدرك اتجاه هبوب الريح، قد بلغ بينيت الذي هو الآخر غر سياسي، بأن إيران “آوت” وفلسطين “إن”؟ وإذا كان الاثنان عالميَن بنتيجة المؤتمر النهائية، فالسؤال هو: إلى أين يسيران، وهل هما معاً أم كل منهما على حدة؟ ثمة توقع بأن كليهما، وبخاصة بينيت، سيحاولان إخفاء أو تجاهل الحاجة للقيام بفعل ما عقب الإعلانات المؤيدة للفلسطينيين من جانب وزراء الخارجية. بينيت ملزم بإرضاء قاعدته كي يبقى على قيد الحياة سياسياً، ولبيد لن يحطم الأواني بالسفر إلى رام الله.

بالمناسبة، قيل في الاتفاقات الختامية إن المؤتمر بصيغة وزراء الخارجية سينعقد على أساس دائم. هذا لن يحصل. لماذا؟ نرفق بذلك أقوال بعض المتحدثين: قال وزير خارجية البحرين إن “اتفاقات السلام المنعقدة لا تشكل بديلاً عن المسيرة مع الفلسطينيين”، وإن “البحرين تدعو المشاركين في القمة للعمل على إيجاد حل للدولة الفلسطينية في صالح أمن الطرفين”. وقال وزير الخارجية المصري إنهم شددوا في القمة على “أهمية الدفع إلى الأمام بالمسيرة السلمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وبخاصة حل الدولتين”. وزير الخارجية الأمريكي التقى قبل “سديه بوكر” في رام الله مع أبو مازن، الذي من جهته التقى مع عبد الله ملك الأردن كي يؤكد تصريحات الدعم من وزراء الخارجية للقضية الفلسطينية.

الموضوع الإشكالي في كل الحدث المفرح حقاً هذا هو أن السياسة الخارجية لدولة إسرائيل من ناحية بينيت ولبيد أصبحت رافعة سياسية داخلية لأغراض تعزيز مكانتهما الانتخابية: إذا كان نتنياهو يسير بين عظماء العالم كمتساوٍ بين متساوين، فنحن متساوون أكثر. لم يدرك بينيت أنه بات الفتى الرسول لبوتين بعد وساطته بين روسيا وأوكرانيا. ولبيد، وهذه المرة على افتراض أنه لم يعرف بالانعطافة الفلسطينية، لم يبلغ بينيت ولم يقنعه. مشوشون؟ هذان الاثنان أكثر. لبيد تجول في الفندق مبتسماً على حدود الاعتداد بينما عصبة دهاء عرب أذكياء تحيط بهمس العصفور المزين في الاتجاه المرغوب فيه. لهم ولنا. فهل الدول العربية المعتدلة هذه ستضغط علينا بالاتجاه؟ لا. ولكنها ستكون في المكان السليم عندما تنشأ الظروف السليمة.

مخرج بينيت

عودة إلى بينيت ولبيد: إذا كنت فهمت على نحو صحيح كيف تدار ساحة جدية قبيل وفي أثناء مؤتمر من هذا القبيل، فالحديث يدور قبل كل شيء عن عمل استعدادي مدروس. تجرى تقويمات وضع وجسّ نبض مسبق بل وحتى مباشر، أين يقف الضيوف وما الذي يتوقعه منهم المضيف؟ ثمة تقارير عن أن لبيد امتشق وارتجل حفلة المفاجأة هذه قبل بضعة أيام فقط. 

إضافة إلى ذلك: كانت أم المشاكل أن لبيد وبينيت على حد سواء صدقا وكررا المخاوف حول الخطر الإيراني الذي يهدد دول الخليج، العالم السني والعالم بعامة، وكأن الولايات المتحدة لا توشك التوقيع على تسوية نووية تغير قواعد اللعب.

كلاهما، اشتريا الإرث القتالي الديماغوجي لنتنياهو، وربما اعتقدا أن الأمر ما دام قد نجح مع بيبي، فسينجح معهما أيضاً. فكل شخص سمع في الزمن الحقيقي، منذ التوقيع على اتفاقات إبراهيم، بأن كل المشاركين باستثناء نتنياهو، يكررون الحديث عن حدود 1967 والقدس الشرقية فلسطينية، أي عربية. لقد نجح نتنياهو في إخفاء هذا الجزء، والآن جاء بلينكن ليقول أقوالاً واضحة: “اتفاقات إبراهيم ليست بديلاً عن التقدم بين الفلسطينيين والإسرائيليين…”.

بلّغت محافل رفيعة المستوى وسائل الإعلام، التي “بلغت” قبيل قمة “سديه بوكر”: إيران “إن” والفلسطينيون “آوت”.  يبيّن “أوهد حامو”، وهو من الأفضل في هذه العصبة، أن “أبو مازن ديك عجوز ومنتوف، والمشكلة الفلسطينية أزيحت جانباً”. لا معنى حتى من تكرار أقوال “مصدر رفيع المستوى” تحدث عن “هندسة الأمن الإقليمي” ضد إيران، بهدف خلق حلول ردعية للتهديدات القائمة في الجو والبحر”. وكأنه: ما المعنى؟ أننا سنحمي السعودية من الصواريخ الجوالة التي زودها الإيرانيون للحوثيين وهم يحرقون منشآت النفط كجزء من حرب اليمن؟ حتى اليوم، آمل ألا نكون شركاء في هذه الحرب المجنونة والوحشية التي شاركت فيها من البداية السعودية والأمريكيون والإمارات. انصرف بن زايد الإماراتي أولا، وعقبه الأمريكيون، ولم يبق اليوم سوى بن سلمان السعودي.

كالمعتاد، يضحكون على سياسيين متهوري اللسان، وجنرالات متهوري الزناد، وتنفيسات عن إعلام غبي ومستغبٍ. من هنا، يأتي السؤال المهم الذي يجب على بينيت ولبيد أن يسألاه لنفسيهما: أوكي، فهمنا، والآن ماذا بعد؟ بينيت هو المتضرر الأساس من الضجيج الفلسطيني لبطارية وزراء الخارجية. من ناحيته، فبتبنيه لرواية مؤتمر “سديه بوكر” يكون قد دخل في طلاق نهائي بينه وبين الجناح اليميني المعارض. ربما يحاول نسيان نتائج المؤتمر. آمل ألا ينجح في ذلك، ولكن لا مفر له إذا أراد أن ينجو سياسياً.

وربما، إذا لم تكن لبينيت معلومات استخبارية مصداقة عن الإمكانات الانتخابية الحقيقية في اليمين، فهو كفيل بالسير إلى تغيير سياسي – أمني – اجتماعي حقيقي. على الأقل سيسقط على حرابه هو ولن يغرق في بقعة الأصفار السامة لليمين البيبي الكهاني.