إسرائيل اليوم- بقلم: يوآف ليمور ثمة لحظات يتعين فيها على "الدولة" أن تتوقف وتعيد التفكير في مسارها، أن تغير الاتجاه، أن تنتقل من الدفاع إلى الهجوم.
وهذا ما حصل "لدولة إسرائيل" غير مرة في الماضي: بعد عملية دموية نفذت في باص في طريق الشاطئ، خرج الجيش الإسرائيلي إلى حملة الليطاني؛ وإطلاق الكاتيوشا على بلدات الجليل أدى إلى حملات في لبنان؛ وإطلاق الصواريخ إلى غلاف غزة أدى إلى حملات في القطاع.
عملية ليل الفصح في فندق بارك في نتانيا، بالضبط قبل عشرين سنة، أخرجت الجيش الإسرائيلي إلى حملة “السور الواقي”، وإلى هزيمة "الإرهاب الفلسطيني" في الانتفاضة الثانية.
سلسلة العمليات التي جرت الأسبوع الأخير تستوجب من إسرائيل الآن الخروج إلى الهجوم مرة أخرى.
صحيح أن لا صلة مباشرة بين منفدي العملية في بئر السبع والخضيرة، وأمس في بني براك: منفذا العمليتين الأوليين كانا عربيين إسرائيليين، من مؤيدي داعش، لم يكن بينهما علاقة، باستثناء شراكة أيديولوجية لتلك الأفكار المتطرفة. أما منفذ عملية أمس فهو فلسطيني من سكان “المناطق” [الضفة الغربية]، قد يكون عمل بإلهامهما أو بدافع آخر لم يتضح بعد.
جهد بعدة رؤوس
غياب العلاقة المباشرة بين العمليات المختلفة يفقد الصلة أمام السلسلة.
هذه السلسلة من العمليات توقظ إحساساً بانعدام سيطرة إسرائيل وانعدام الوسيلة لدى قوات الأمن.
فإسرائيل تعيش تحت هجمة إرهاب متعددة الجبهات، من الداخل والخارج. عملية تجر أخرى، ومنفذ يمنح إلهاماً لآخر. هذه ظواهر معروفة تنال الزخم في عصر الشبكات الاجتماعية، خصوصاً بوجود محركات شديدة القوة، مثل حماس والسجناء الفلسطينيين ممن يحاولون إشعال الميدان.
بشكل طبيعي، فإن مثل هذه السلسلة من العمليات توقظ إحساساً بانعدام سيطرة إسرائيل وانعدام الوسيلة لدى قوات الأمن.
بعض وسائل الإعلام تشجع هذا الإحساس، وهكذا يتصرف أيضاً بضعة نواب ممن يعنون بالرقص على الدماء.
هذه ظواهر خطيرة، لأن مثل هذه الأيام تتطلب رباطة جأش وتفكر، ولأنه ينبغي قول الحقيقة: رغم العمليات القاسية – 11 قتيلاً في أسبوع – إسرائيل بعيدة عن أيام آذار الرهيب في العالم 2002، حين قتل أكثر من 130 مواطناً في شهر واحد.
إذا كان هناك ارتباط واحد واجب عقده مع تلك الأيام، فهو الحاجة لإمساك الخيوط بالأيدي.
الجهد السياسي التي تبذله إسرائيل في الأيام الأخيرة في محاولة لمنع الاشتعال في أيام رمضان – وفي إطاره التقى أمس وزير الخارجية غانتس مع الملك عبد الله في الأردن، استمراراً للقاءات مع القيادة المصرية وقمة شرم الشيخ هي أمور مهمة، ولكن الأهم الجهد العملياتي الواجب الآن.
هذا جهد له عدة رؤوس يجب أن تدار في الوقت نفسه. في الجانب العملياتي، لن تفر إسرائيل من الحاجة إلى حملة واسعة من الاعتقالات وجمع الأسلحة غير القانونية في الوسط العربي بهدف الإحباط وخلق الردع. أما في الساحة الفلسطينية، فستكون إسرائيل مطالبة بتعزيز القوات لمنع العمليات في ظل الإبقاء على حياة طبيعية معينة في رمضان.
مرغوب فيه أن يتم هذا النشاط بتنسيق مع السلطة الفلسطينية، والتي ستجد نفسها الآن في حرج على خلفية حقيقة أن المنفذ الذي عمل أمس في “بني براك” كان جزءاً منها. أما في شرقي القدس فسيكون التحدي الأساس، حيث ستتداخل أعياد اليهود والمسيحيين والمسلمين مع إمكانية تفجر غير متوقف ستتواصل حتى يوم الاستقلال.
إعادة الردع
سيكون اليوم أول اختبار للتوترات التي بانتظارنا، وهو يوم الأرض، الذي سيكون متوتراً على نحو خاص. من القيادة العربية، التي يشارك بعضها في الحكومة، متوقع أن تعمل بفاعلية لتهدئة الخواطر في هذا اليوم المتفجر، وما يليه. هذا واجب ليس فقط لمسؤوليتها الوطنية، بل وأيضاً انطلاقاً من الفهم بأننا جميعاً على شفا بركان، إذا ما تفجر فسيغرق كل من يعيش هنا يهوداً وعرباً، إسرائيليين وفلسطينيين.
لمنع هذا، على إسرائيل أن تستعيد لنفسها السيطرة والردع، وأن تجند القوى، وتعمل في كل مكان وفي كل زمان كي تنقل إحساسا للعدو – وللجمهور الإسرائيلي أيضاً – بأن الأمور تدار من القدس وليس من قبل كل من يحوز السلاح ويتآمر على تنفيذ العمليات.
سلسلة الأحداث الأخيرة تدل على أن هذا سيكون صعباً، وقد يكلف أيضاً ثمناً إضافياً، ولكن لا مفر: مثلما قبل عشرين سنة، إسرائيل ملزمة بالعمل الآن مرة أخرى، وبقوة،