أشارت صحيفة “واشنطن بوست” إلى تردد حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بتقديم الدعم الذي تريده واشنطن للحرب في أوكرانيا.
وفي تقرير أعده جون هدسون، قال فيه إن وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن وصل إلى إسرائيل مبكرا قبل قمة مهمة في النقب مع دبلوماسيين عرب، ما يشير إلى إعادة اصطفاف وترتيب للعلاقات في الشرق الأوسط بعد صفقات التطبيع قبل عامين. وترى الصحيفة أن اللقاء وهو الأول في إسرائيل، جاء بعد سنوات من الدفع الأمريكي، وتزامن مع موقف أقل تعاونا من حلفاء أمريكا في المنطقة بموضوع أهم وهو أوكرانيا.
ولوّح بلينكن بأهمية الدعم الذي حشدته الولايات المتحدة من الدول المعارضة لحرب روسيا في أوكرانيا. ولكن يوم الأحد، اعترف أن واشنطن بحاجة لمزيد من العمل لإقناع حلفائها بعمل المزيد مع دول الشرق الأوسط، وهو تحد سيكون حاضرا في اجتماع اليوم الإثنين. وقال بلينكن: “سنتحدث عبر عدة وسائل يمكن لإسرائيل أن تقدمها هذه الدول لأوكرانيا، سواء جاءت على شكل الدعم الأمني، وسواء جاءت على شكل الدعم الأمني والدعم الاقتصادي أو التأكد من تنفيذ العقوبات”.
وتعتبر إسرائيل أكبر متلق للدعم الأمريكي، وتعرضت لانتقادات من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لأنها رفضت تقديم الدعم العسكري لكييف أو فرض العقوبات على روسيا.
وأصدرت الإمارات، الحليف الآخر لأمريكا، بيانات فاترة في مجلس الأمن الدولي، حتى في الوقت الذي كانت فيه سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد قاربت بين الحياد والجبن. وقالت: “لا يمكن أن تقف على الهامش وتراقب العدوان الجاري في أوكرانيا وتقول إنك ستقف محايدا”. كما أن السعودية، التي لن تشارك في لقاء الإثنين، وتعتبر من أهم شركاء الولايات المتحدة في المنطقة، قاومت مطالب الولايات المتحدة بزيادة معدلات النفط لتخفيض الأسعار.
وحاول بلينكن تجنب انتقاد حليف بعينه في الشرق الأوسط لعدم دعمه الموقف الأمريكي تجاه أوكرانيا، وأثنى على الفريق الطبي الإسرائيلي الذي يعمل في مستشفى ميداني في أوكرانيا، حيث تقوم روسيا بدكّ المراكز السكانية بالصواريخ والمدفعية.
ويقول سايمون هندرسون، الخبير في شؤون الخليج، بمعهد الخليج: “عبّرت واشنطن عن خيبة أملها من رد السعودية والإمارات بسبب نقص دعم موقف الولايات المتحدة، ولأنها لم تقطع علاقاتها مع روسيا من خلال زيادة معدلات إنتاج النفط”. وتعامل شركاء أمريكا في الخليج مع استراتيجية الولايات المتحدة بالتحول عن الشرق الأوسط والتركيز على روسيا في المدى القريب، وصعود الصين العسكري والاقتصادي في المدى البعيد. وكان صمت الحلفاء على التحرك الروسي تعبيرا عن سخطهم من واشنطن، كما يقول المحللون.
وبالنسبة لإسرائيل، فالوضع يظل أكثر تعقيدا. وقال ناثان ساكس، من مركز سياسة الشرق الأوسط، في معهد بروكينغز: “حاولت إسرائيل التحرك بحذر بين الوقوف مع الولايات المتحدة والغرب من جهة، وعدم إغضاب روسيا التي تعتبرها جارة في الشمال، من خلال وجودها العسكري في سوريا”.
ونتج هذا الوضع، عن قيام يائير لابيد بإصدار تصريحات مؤيدة للغرب وشاجبة للغزو الروسي على أوكرانيا، في وقت تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أي تعليقات يمكن أن تغضب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويقول ساكس: “إن هذا سمح لبينيت بالمشاركة في جهود دبلوماسية مكثفة للوساطة بين موسكو وكييف. بالطبع هناك مخاطر من أن يؤدي نهجهم لإغضاب واشنطن”.
وفي الأحاديث الخاصة، قلل مسؤولون أوروبيون وأمريكيون من إمكانية الحصول على ثمار من قناة بينيت في أوكرانيا، في ظل رأيهم من أن ميْل بوتين سيواصل حملته العسكرية. ويضم لقاء الإثنين وزراء خارجية الإمارات ومصر والبحرين والمغرب والولايات المتحدة وإسرائيل.
وتعتبر مصر من شركاء إسرائيل القدامى، وحاولت انتهاز الفرصة ولعب دور الجسر بين إسرائيل والعالم العربي. وفي الوقت الذي رحبت الولايات المتحدة بهذا الدور، خيب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المسؤولين الأمريكيين؛ لأنه رفض الانضمام للتحالف الغربي المؤيد لأوكرانيا. وقالت آمي هوثورون، الخبيرة في مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط : “في هذه الحرب، مصر لا تريد أن تصبح جزءا من الدفاع الغربي القوي عن أوكرانيا. ودعوة بايدن للدفاع عن قضية كبرى للديمقراطية لا تلقى صدى عند السيسي. وما يهمه هو حماية مصالح مصر بدون إغضاب واشنطن. ويعمل السيسي بالحد الأدنى الذي يطلبه بايدن منه”.
وخيبة أمل أمريكا في المنطقة تتناقض مع موقفها من بقية الحلفاء الآخرين، حيث يمثل النزاع لها تهديدا بعيدا، قد زاد من جهودها في أعقاب هجوم بوتين على أوكرانيا. وأشارت الصحيفة إلى اليابان، الاقتصاد العالمي في المرتبة الثالثة، حيث جمدت مليارات الدولارات الأمريكية ومنعت روسيا الوصول إليها في طوكيو. وانضمت إليها دول في مجموعة السبع وأستراليا لقطع روسيا عن النظام المالي العالمي مثل سويفت، وتجميد أرصدة لموسكو، كما استهدفت جماعات وأفرادا مرتبطين بالكرملين.
وتبعت دول أخرى في شرقي آسيا الخطوات الأمريكية مثل كوريا الجنوبية. وقامت سنغافورة التي تمارس تدقيقا ماليا وتتجنب إغضاب الدول الكبرى بفرض قيود على تصدير مواد يمكن استخدامها في أسلحة ضد أوكرانيا. وعبرت دول أفريقية عن ترددها من اتخاذ مواقف من النزاع. ولكن الولايات المتحدة عبرت عن رضاها من انتقاد دول أفريقية مثل الغابون وكينيا وغانا لروسيا في الأمم المتحدة.