مجموعة وكالات الاستخبارات الأمريكية تقول للبيت الأبيض في تقاريرها إن إيران لم تستأنف العمل في برنامج تطوير الأسلحة النووية لديها، حسب ما يقوله اثنان من مسؤولي مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل لنيوزويك. وكانت وكالات الاستخبارات الأمريكية قد ذكرت سابقا أن إيران أوقفت برنامجها التسليحي هذا في العام 2003. المسؤولان، اللذان رفضا البوح عن هويتهما بسبب حديثهما عن معلومات حساسة، قالا إن وكالات الاستخبارات الأمريكية أبلغت صانعي القرار في البيت الأبيض وغيره من الوكالات الحكومية بأن وضع المجهود الإيراني الخاص بتطوير وإنتاج سلاح نووي لم يتغير منذ التقدير الاستخباري القومي حول "نوايا إيران وقدراتها" الذي صدر في نوفمبر من العام 2007. وجاء في الأجزاء التي تم نشرها من ذلك التقرير أن وكالات الاستخبارات الأمريكية "لديها ثقة عالية" بأنه حتى مطلع العام 2003 كانت وحدات عسكرية إيرانية تقوم بمحاولة إنتاج قنبلة نووية، ولكن في خريف ذلك العام قامت إيران "بوقف برنامج القنابل النووية لديها". وقال التقرير إنه في حين أن وكالات الاستخبارات الأمريكية تعتقد أن الحكومة الإيرانية "على أقل القليل تبقي على خيار إنتاج أسلحة نووية مفتوحا"، فإن الاستخبارات الأمريكية حتى منتصف العام 2007 "تمتلك ثقة معقولة" بأنها لم تستأنف جهود إنتاج الأسلحة النووية. وقال أحد المسؤولين إن إدارة الرئيس أوباما وضعت نظاما الآن تقوم بموجبه وكالات الاستخبارات بتزويد كبار صانعي القرار السياسي فيها، بمن فيهم الرئيس، بتحديثات منتظمة بشأن تقديراتها الاستخبارية مثل خلاصتها التي ضمنتها تقدير الاستخبارات القومي بشأن إيران في العام 2007. وحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن آخر التحديثات الذي قدم لصانعي القرار أشار إلى أنه حتى الآن أي بعد سنتين من الفترة التي شملها تقدير الاستخبارات القومي للعام 2007 فإن وكالات الاستخبارات الأمريكية مازالت تعتقد أن إيران لم تلجأ إلى استئناف جهود إنتاج الأسلحة النووية. وقال أحد المسوؤلين لنيوزويك: "هذه هي الخلاصة، ولكنها خلاصة مثل غيرها من الخلاصات التي يتم التأكد منها وإعادة تقييمها بصورة متواصلة من أجل أخذ المعلومات الجديدة في الاعتبار ومن أجل اختبار الفرضيات السابقة". ولم يتضح ما إذا كانت ثقة الوكالات الاستخبارية الأمريكية في هذا الحكم قد زادت البتة منذ تقرير العام 2007. وكان تقييم مجموعة وكالات الاستخبارات الأمريكية الأخير هذا مثيرا للجدل لأسباب عديدة، ليس أقلها أنه يتعارض مع تقييمات أكثر إنذارا بالخطر صادرة عن وكالات استخبارية تابعة لحلفاء أمريكيين رئيسيين، لا سيما إسرائيل. فقد دأب المسؤولون في حكومة إسرائيل التي يقودها المحافظون حاليا على تقديم تقييمات تنبيء بالخطر بصورة متزايدة عن تقدم إيران النووي كما أنها سربت تهديدات صاخبة بشأن هجوم إسرائيلي عسكري محتمل على مرافق نووية إيرانية. وقال مفتش الأسلحة النووية السابق ديفيد أولبرايت، وهو خبير أسلحة نووية يتابع برنامج إيران النووي عن كثب، إن التقدير الحالي للحكومة الأمريكية سيواصل إثارة الخلاف والنقاش. وقال: "الخبراء ينظرون إلى المعلومات ذاتها ويستخلصون خلاصات مختلفة. وبالنظر إلى كل التطورات في إيران، فإن من الصعب تصديق هذه التقديرات بأي صورة يقينية. ولم يستطع أحد أن يأتي بالبرهان الكامل بأي اتجاه في هذا النقاش". إسرائيل لم تكن الحليف الأمريكي الوحيد الذي عمم تقديرات تناقض الخلاصة التي توصلت إليها الاستخبارات الأمريكية بأن إيران لا تقوم حاليا بجهود تطوير قنبلة نووية. فحسب وثائق محكمة ألمانية صدرت في وقت سابق هذا العام، فإن وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية، المعروفة باسم بي أن دي، ذكرت في العام 2008 أن "بالإمكان ملاحظة عمل تطوير الأسلحة النووية في إيران بعد العام 2003". وقال مسؤول أوروبي متخصص في مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل، وهو أيضا رفض البوح بهويته، إن التقييمات مثل التي وفرتها وكالة بي أن دي الألمانية، اعتمدت بصورة كبيرة على معلومات جمعتها وكالة الاستخبارات الألمانية وغيرها عن جهود من يشتبه في أنهم عملاء إيرانيون وشركات واجهة إيرانية يقومون بشراء معدات وتقنيات من شركات أجنبية يمكن استعمالها لتصميم أو بناء أسلحة نووية. مثل هذه المعدات والتقنيات عادة ما تكون لها "استعمالات ثنائية"، أي أن لها تطبيقات سلمية وعسكرية. ولكن بعض المشتريات الإيرانية بدت مثيرة لقدر كبير من الشبهات. يذكر أن السلطات الألمانية تسعى لتوجيه تهم جنائية ضد رجل أعمال ألمانيـإيراني يقال إنه حاول أن يشتري لحساب طهران كاميرات فائقة السرعة وأجهزة استشعار للإشعاع مصممة لتحمل الطاقة الحرارية الفائقة , وهي معدات يعتقد الخبراء أنها يمكن أن تكون مفيدة جدا لتطوير الأسلحة النووية، مع أنه يمكن لها أيضا أن تستعمل لأغراض حميدة أكثر. وقد نشر معهد العلوم والأمن الدولي، الذي يترأسه أولبرايت، مؤخرا ورقة بشأن التحقيق الألماني. وحين نشر تقدير الاستخبارات القومي لعام 2007 لأول مرة تعرض للانتقاد من المتشددين الأمريكيين والإسرائيليين لإبرازه الاستنتاجات بأن إيران أوقفت العمل على تطوير الأسلحة النووية مع التقليل من أهمية التقدم الإيراني في الجهود لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، وهو العنصر الأكثر أهمية، والأصعب تصنيعا، لتصنيع قنبلة نووية بدائية. وقال ذلك التقدير إنه في حين أن إيران أوقفت برنامجها لتصنيع الأسلحة النووية، فإنها أحرزت "تقدما كبيرا" في العام 2007 في تركيب أجهزة الطرد المركزي المستعملة في تخصيب اليورانيوم، مع أن المحللين الأمريكيين يعتقدون أنه ونتيجة لمشاكل تقنية تتعلق بهذه الآلات، فإن إيران قد لا تستطيع إنتاج ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج قنبلة نووية قبل العام 2010 على أبكر تقدير. الإيرانيون دأبوا على الادعاء بأنهم يقومون بتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية بحتة. اليورانيوم منخفض التخصيب، وهو كل ما تمكنت إيران من إنتاجه حتى الآن، هو وقود عادي يستعمل لمحطات توليد الطاقة. ويعتقد مسؤولو مكافحة انتشار أسلحة الدمار الشامل الأمريكيون والأوروبيون أن برنامج أجهزة الطرد الإيراني قد أنتج ما يكفي من اليورانيوم منخفض التخصيب، وهو مكون أساسي لإنتاج المواد اللازمة التي تصلح لبناء السلاح النووي، وذلك لتوفير مخزون كاف من هذه المادة لإنتاج اليورانيوم عالي التخصيب لصنع القنبلة النووية. ولكن هذه عملية شاقة ومعقدة تقنيا. ويقول الكثير من الخبراء الأمريكيين والأوروبيين إن إيران مازالت تواجه مشاكل تقنية في تشغيل أجهزة الطرد المركزي التي ستستعملها لإنتاج اليورانيوم الصالح لإنتاج القنبلة النووية ، وهو ما قد يؤخر أي برنامج لإنتاج الأسلحة النووية لسنوات طويلة لديها. ويقول مسؤول في إدارة أوباما إن كبار صانعي السياسة في الإدارة قد أبلغوا أن ليس هناك الكثير من الاختلاف بين الوكالات الاستخبارية الأمريكية والخبراء بشأن التقدير الأخير بشأن جهد إيران النووي. ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى تشجيع البيت الأبيض على مواصلة جهوده لمواصلة الدخول مع إيران في حوار دبلوماسي، بما في ذلك بحث طموحات إيران النووية. المتحدث باسم مكتب مدير الاستخبارات القومي، دنيس بلير، المسؤول عن إصدار التقديرات الاستخبارية القومية وتحديثاتها، لم يعلق على هذه الأنباء.