رأى محلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (يسرائيل هايوم) أنّ الحرب في أوكرانيا علّقت توقيع الاتفاق النووي المجدَّد مع إيران، ولكن، أضاف لا يوجد أي إشارة في الأفق تبشّر بأنه، خلال هذا الوقت، سيكون من الممكن إقناع الولايات المتحدة بتوقيع اتفاق أقل سوءًا، لافتًا إلى أنّ الأمريكيين تنازلوا عن كلّ شيءٍ.
وتابع يوآف ليمور، الذي اعتمد في تقريره على محافل أمنيّةٍ رفيعةٍ في الكيان، تابع قائلاً إنّه “مع تقدُّم المفاوضات في فيينا، كانوا في إسرائيل يشدّون شعورهم جرّاء اليأس، والجانب الإيرانيّ جرّد الجانب الأمريكيّ من كلّ شيءٍ، وأحيانًا كان من الممكن أنْ يحتار المرء فيمن هي الدولة العظمى هنا، ومَنْ هي الدولة التي تنهار تحت ضغط العقوبات، على حدّ تعبير المصادر الإسرائيليّة.
عُلاوةً على ذلك، قالت المصادر إنّ إسرائيل أوضحت، من خلال الضربة الأخيرة لسورية، مطلع الأسبوع الجاري، أنها مصممة على الاستمرار في نشاطها ضدّ إيران في المنطقة، ولكن هذه الحرب يجب أنْ تحدث في إيران ذاتها.
وشدّدّت المصادر عينها على أنّ هناك عدة أسباب تدفع في هذا الاتجاه، لكن الأساس منها هو انعدام التوازن. فإسرائيل مكشوفة لتلقّي الضربات من وكلاء إيران، في الوقت الذي تُبعد إيران نفسها عن أي خطر، وحتى لو نُفِّذت عملية داخل إيران يديرها الموساد، وقد تُعرّض إسرائيل للخطر، فإنّها يمكن أنْ تخلق مشكلة لطهران، وتوضح لقياداتها وشعبها أنهم لا يستطيعون البقاء خارج اللعبة، على حدّ تعبيرها.
ليمور أضاف “إنّ فرضية العمل في المؤسسة الأمنية هي أنّ إيران لن تقوم بالرد فقط، بلْ ستُبادِر وتكون سبّاقة، بكلماتٍ أُخرى، هي لا تنقصها الجرأة ولا الأموال، وتستطيع إنتاج 2.7 مليون برميل في اليوم بعد الاتفاق، وتضمن لها الحرب في أوكرانيا أسعارًا قياسية، وبكلماتٍ أُخرى، ستربح إيران ما يعادل 16 ضعفًا من بيع النفط. أموال كثيرة، جزء منها على الأقل سيتم تحويله إلى أهداف ضارة”، كما قال نقلاً عن ذات المصادر.
وأشارت المصادر أيضًا إلى أنّ “هذه التوجهات المتوقعة تزعزع الشرق الأوسط برمته. كل دولة تردّ بحسب هواجسها وطرقها الخاصة: الإمارات (ليست هي فقط) تحاول التقرب من طهران، وتُحاوِل حماية نفسها من العدوان الإيرانيّ”.
“أمّا تركيا”، أوضحت المصادر الأمنيّة في تل أبيب، “فترى في إسرائيل مركز ثقل إقليمي وتحاول التقرب منها. لا يوجد هنا أي مشاعر حب من طرف أردوغان، المصالح وحدها هي الموجودة هنا. ففي الشرق الأوسط الجديد الذي فقد الدفاع الأمريكيّ التلقائي، وفي خضم الوجود الروسي الثقيل، هذا هو اسم اللعبة”.
“بدورها”، تابعت المصادر، “عندما تشاهد البحرين الضعف الغربي مقابل العدوان الروسي على أوكرانيا، تفهم جيدًا أنّه من الممكن أنْ يكون دورها التالي، لذلك، تحاول حماية ذاتها، من خلال تقوية التحالف العلنيّ مع إسرائيل”، قالت المصادر.
ولفتت المصادر بحسب الخبير ليمور، الذي نقلت تحليله للعربيّة “مؤسسة الدراسات الفلسطينيّة”، “إلى أنّ إسرائيل تُحاوِل اللعب في هذه اللعبة من دون رمي الكرات. هذا معقد بحد ذاته، وسيكون أكثر تعقيدًا بكثير بعد توقيع الاتفاق النووي المجدَّد. لذلك، من المهم الحفاظ على القنوات مفتوحة، بالتوازي مع واشنطن وموسكو.
وخلُصت المصادر الأمنيّة في الكيان إلى القول إنّ “هذا لا يعني، بالضرورة، أنّه لم يكن يتوجب على إسرائيل أنْ تقدم أكثر لأوكرانيا على الصعيد الإنسانيّ، لكن بنظرة أوسع وأعمق، فإنّها تقوم بالمستحيل: أنْ تلعب دور الوسيط من جهة، وألّا توتر علاقاتها مع أي من أطراف الصراع، المباشرة وغير المباشرة.
وحتى اللحظة، هي تنجح في ذلك. لكن الامتحان الرئيسي لا يزال أمامنا، وبصورة خاصة مع التغييرات المتوقعة في الجبهة الإيرانية، وتؤكد أنّ جبهة واحدة على الأقل ستبقى مفتوحة ونازفة مستقبلاً”، على حدّ تعبيرها.