ارتفعت وتيرة التطمينات الصادرة عن الجهات الحكومية في قطاع غزة بشأن مخزونات السلع الغذائية والتموينية مع اقتراب شهر رمضان الذي يحل مطلع إبريل/ نيسان المقبل، وارتفاع أسعار السلع دولياً بسبب الاجتياح الروسي لأوكرانيا.
وتتحدث الجهات المختصة في غزة عن وجود مخزون يكفي القطاع لمدة لا تقل عن شهرين على صعيد الدقيق والزيوت والسلع التموينية الأخرى، من دون أن يتم رفع أي من الأسعار في الوقت الراهن من قبل التجار والموردين.
ووفق مسؤولين فإن حالة الاطمئنان القائمة حالياً تعود إلى وعد مصري باستثناء القطاع من عدم تصدير السلع التموينية والغذائية إليه والسماح بتوريد احتياجات القطاع عبر بوابة صلاح الدين الواقعة أقصى جنوبي القطاع.
وبحسب بيانات رسمية، فإن معدل الواردات عبر معبر كرم أبو سالم عام 2020 كان يشكل 87% من إجمالي واردات القطاع، بينما كان الوارد عبر مصر 13% فقط، في حين ارتفعت نسبة الاستيراد من مصر إلى 20% بنهاية 2021، وتراجعت الواردات عبر الجانب الإسرائيلي إلى 80%.
وبموازاة التطمينات المصرية تعتبر تغطية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" لنسبة من سلة القطاع الغذائية، عاملاً إضافياً لحالة الاطمئنان الرسمية القائمة لدى الجهات الحكومية في غزة، حيث يتلقى قرابة 1.2 مليون مساعدات غذائية من المؤسسة الأممية.
وإلى جانب ذلك، فقد أصدرت لجنة متابعة العمل الحكومي مؤخراً قرار بإعفاء موردي الدقيق والقمح من الضرائب لمدة شهر من أجل تعزيز المخزون الاستراتيجي من هذه السلعة وضمان عدم ارتفاع الأسعار إلى جانب تحمل قيمة الارتفاع الحاصلة في الوقود والغاز.
أما ميدانياً، فيرى التجار أن المخزون الموجود لا يكفي إلا لمدة شهر مع قرب حلول شهر رمضان، وسط خشية من الارتفاع الحاصل في بعض السلع الأساسية مثل الزيوت والسكر نتيجة لرفعها من قبل الموردين أو تذبذب أسعار الدولار مقابل الشيكل الإسرائيلي.
ورغم الإعلانات المتكررة في الأيام الأخيرة عن ضبط الأسعار وعدم ارتفاع أي منها، إلا أن بعض السلع مثل السكر والزيوت سجلت ارتفاعات طفيفة، ما يؤشر إلى إمكانية ارتفاعها في ظل التحذيرات من أزمة غذائية عالمية. ويقول وكيل وزارة الاقتصاد في غزة عبد الفتاح الزريعي، إن المخزون الموجود حالياً يكفي لتجاوز شهر رمضان في الوقت الذي تتواصل فيه عمليات الاستيراد للسلع الغذائية عبر المعابر المختلفة.
ويوضح الزريعي لـصحيفة "العربي الجديد" أن الارتفاع في الأسعار بسيط وهو متعلق بالمصدر الذي يقوم التجار بالاستيراد منه فيما تعمل الجهات الحكومية على تقديم مجموعة من التسهيلات والإعفاءات الضريبية والجمركية للتجار. وبحسب المسؤول الحكومي فإن الإعفاءات تتم عبر معبر رفح وبوابة صلاح الدين كونها تخضع لسيطرة الحكومة في غزة بشكلٍ كامل، بعكس معبر كرم أبو سالم التجاري الذي تشرف عليه السلطة ولا يخضع للسيطرة الضريبية من قبل الحكومة في القطاع.
ويشير الزريعي إلى أنهم عمدوا إلى تثبيت أسعار الوقود والغاز الوارد للخارج رغم ارتفاعه من المصدر، إلى جانب إعفاء الدقيق من الرسوم الجمركية والضرائب وهو ما من شأنه المساعدة في زيادة المخزون، ويخفف من أثر الارتفاع على المواطنين.
وعن زيادة أسعار بعض المواد الغذائية، يؤكد المسؤول الحكومي أنهم طالبوا التجار بالالتزام بالأسعار المعلن عنها وعدم اللجوء لأي ممارسات احتكارية لتفادي فرض أية إجراءات بحقهم حيث سيتم إحالة التجار المتلاعبين بالأسعار للنيابة العامة.
ويعتمد القطاع في استيراد السلع والمواد الرئيسية بدرجة أساسية عبر معبر كرم أبو سالم المرتبطة بالأراضي المحتلة عام 1948، وبوابة صلاح الدين مع مصر، غير أن ارتباطه بجهتين حكوميتين مختلفتين يجعل استفادة السكان من فارق الأسعار محدود للغاية.
في الأثناء، يقول الباحث في الشأن الاقتصاد أسامة نوفل، إن هناك استقرارا نسبيا في الأسعار بسبب وجود مخزون محدود من السلع والمواد التموينية بما في ذلك الدقيق الذي توفر وكالة "أونروا" نسبة 60% منه عبر المساعدات التي تصرفها للاجئين. ويضيف نوفل لـ "العربي الجديد" أن الجهات الحكومية تحملت قيمة الارتفاع الحاصلة في أسعار الوقود القادمة من مصر والتي تتراوح ما بين 10% إلى 15% وهو ما سيبقى على أسعار المحروقات والغاز عند ذات الأسعار السابقة.
ويتابع أن القطاع الخاص عمد مؤخراً إلى شراء 15 ألف طن من الدقيق قبل بداية الأزمة الروسية الأوكرانية، وهو ما من شأنه أن يعزز المخزون في غزة خصوصاً وأن عملية إدخالها تتم على مراحل.
ويحتاج القطاع يومياً إلى 400 طن من الدقيق، يذهب جزء كبير منه للمخابز التي تعمل، وفق معلومات محلية، على شراء الدقيق الخاص باللاجئين وخلطه مع الدقيق التجاري المستورد، وهو الأمر الذي سيساهم في استقرار أسعار الخبز مرحلياً.
كان تقرير صادر عن المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان، في نهاية يناير/ كانون الثاني، قد أشار إلى أن أكثر من ثلثي سكان قطاع غزة، البالغ عددهم مليونين و300 ألف نسمة، يعيشون في فقر، بسبب استمرار الحصار والقيود الإسرائيلية المفروضة على القطاع منذ عام 2006.